|
روسيا تنحي باللائمة على واشنطن في عرقلة بيان من مجلس الأمن يدين تفجير دمشق اتهمت روسيا الولايات المتحدة بتطبيق معايير مزدوجة إزاء الوضع في سوريا الجمعة، وانحت باللائمة على واشنطن في عرقلة بيان من مجلس الأمن يدين هجوما بسيارة مفخخة في دمشق، أسفر عن مقتل 53 شخصا على طريق سريع وأدى إلى إلحاق أضرار بمبان تابعة للسفارة الروسية في العاصمة السورية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الصيني يانغ جي تشي "إننا نشعر بخيبة أمل لأنه نتيجة لموقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم يتم التنديد بالهجوم الإرهابي". وأضاف "إننا نعتقد بأن هذه معايير مزدوجة، ونرى فيها ميلا خطيرا للغاية من جانب الزملاء الأمريكيين للانحراف عن المبدأ الأساسي بالتنديد غير المشروط بأي عمل إرهابي، وهو مبدأ يضمن وحدة المجتمع الدولي في الحرب ضد الإرهاب". ولقي ما لا يقل عن 53 شخصا حتفهم وأصيب 200 آخرون في الانفجار الذي وقع بسيارة مفخخة في دمشق، حسبما أفادت تقارير. وحملت سوريا "جماعات إرهابية مرتبطة بالقاعدة" المسؤولية عن التفجير، الذي وقع بالقرب من مقر تابع لحزب البعث السوري الحاكم. وأظهرت لقطات تلفزيونية صورا لجثث القتلى وسيارات محطمة ونوافذ متناثرة جراء الانفجار. واستخدمت روسيا وضعها كعضو دائم في مجلس الأمن في منع صدور قرارات في المجلس تهدف إلى الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد لإنهاء الصراع الممتد منذ نحو عامين. وتضغط الولايات المتحدة من أجل الإطاحة بالأسد، لكن موسكو تقول إن إزاحته من السلطة لا يجب أن تكون شرطا مسبقا لأي حل لهذا الصراع. ضرورة التنحي من جهة أخرى، واصل الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية اجتماعاته لليوم الثاني على التوالي في العاصمة المصرية القاهرة لمناقشة الازمة السورية الحالية وملامح الفترة الانتقالية بعد رحيل الرئيس السوري عن السلطة بما فيها تشكيل الحكومة. كان أعضاء الائتلاف السوري المعارض وافقوا على إجراء مفاوضات مع الحكومة تفضي إلى إنهاء الأزمة، لكنهم أصروا على تنحي الرئيس بشار الأسد من منصبه، وعدم إشراكه في أي صفقة. وانتقد أعضاء في المعارضة إعلان رئيس الائتلاف، معاذ الخطيب، عن استعداده لإجراء مفاوضات مشروطة مع ممثلين عن النظام. وتزامن اجتماع المعارضة وموافقتها على المفاوضات المشروطة مع توجه وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، إلى موسكو لإجراء محادثات مع المسؤولين الروس، أقوى حلفاء النظام في دمشق. وتنص الوثيقة، التي عرضها الائتلاف السوري للنقاش، على أن بشار الأسد لن يكون طرفا في أي اتفاق، ولابد أن يحاكم، إلا أن الوثيقة لا تشير صراحة إلى شرط تنحيه عن السلطة. وذكر مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة، الأخضر الإبراهيمي، أن الرئيس بشار الأسد قال إنه سيبقى في الحكم حتى 2014، وإنه سيشارك في الانتخابات الرئاسية. واقترح الإبراهيمي تشكيل حكومة انتقالية في سوريا لا تخضع لأي سلطة أعلى منها، وإجراء انتخابات في البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة. ودعا إلى نشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في سوريا مثلما حدث في دول أخرى مرت بأزمات مشابهة. |
........دمشق في انتقاد للابراهيمي: الاسد لا يبحث شكل النظام السياسي "مع اي احد غير سوري" بواسطة خالد دسوقي | الفرنسية انتقدت دمشق الجمعة الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي الذي دعا الدول المتحالفة مع النظام السوري الى الضغط عليه من اجل بدء الحل السياسي، مؤكدة ان الرئيس بشار الاسد لا يناقش شكل النظام السياسي والمسائل الداخلية "مع اي احد غير سوري". ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن مصدر اعلامي ان "شكل النظام السياسي وطبيعة الحكومة والانتخابات شان سوري والرئيس الاسد لا يناقش هذه المسائل الداخلية مع اي احد غير سوري". واعتبر المصدر ان المبعوث المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية "غير قادر على فهم المنطق السوري الذي يضع مفهوم السيادة قبل اي مفهوم وفوق اي اعتبار". واكد ان "الحكومة السورية كانت ولا تزال تعتقد بان النصر الحقيقي الذي سيتحقق سيكون لكل السوريين وان الحل السياسي هو طريق تحقيق هذا النصر". واعلن الابراهيمي الذي وافق الاربعاء على تمديد مهمته المتعلقة بالسعي الى حل للازمة السورية ستة اشهر، ان النظام السوري "ليس مستعدا للرحيل"، وان "النظام في سوريا مؤمن بان الحل العسكري ممكن ويمكن ان يكون قريبا". وجدد دعوته الى "ان يبدأ الطرفان السوريان مفاوضات. هذه المفاوضات يجب ان تبدأ في الخارج برعاية الامم المتحدة في جنيف مثلا او اي مكان آخر. بعد ذلك، اذا ارادوا الانتقال الى دمشق، حبذا...". ورأى الابراهيمي ان "الدائرة الداخلية السورية عاجزة عن ان تتحاور وتتفاوض وتحل مشكلة داخلية. المنطقة ايضا عاجزة عن تقديم مساعدة حقيقية لحل المشكلة. الجهة الوحيدة التي مع صعوبتها قادرة على حل المشكلة هي مجلس الامن". وشدد على وجود "حاجة الى قرار من مجلس الامن" على اساس اتفاق جنيف الذي وافقت عليه روسيا والولايات المتحدة. ومن ابرز بنود هذا الاتفاق "تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات"، بالاضافة الى وقف النار وارسال مراقبين، وصولا الى انتخابات باشراف الامم المتحدة. وقال الابراهيمي "نحن نحتاج الى ارادة سياسية اقوى عند دول الجوار وفي مقدمتها ايران وعند روسيا وعند الدول الاخرى من اجل الوصول الى تشجيع او ضغط على الاطراف من اجل الجلوس على طاولة الحوار". وكان رئيس الائتلاف الوطني المعارض احمد معاذ الخطيب ابدى استعداده للتحاور مع ممثلين للنظام "خارج سوريا" لانهاء الازمة، بينما دعت دمشق الى "حوار غير مشروط" على الاراضي السورية. وينقسم مجلس الامن الدولي بين الدول الغربية المطالبة بتنحي الاسد وروسيا والصين اللتين استخدمتا حق النقض (فيتو) اكثر من مرة للحؤول دون صدور قرار يدين النظام في النزاع المستمر منذ 23 شهرا والذي اوقع حتى الآن نحو سبعين الف قتيل، بحسب ارقام الامم المتحدة. |
(( أحداث اليوم )) 1- ارتقاء 210 شهيدا والنظام يرتكب مجازر مروعة في دمشق في مسرحية مكشوفة ومحاولة للهروب للأمام 2- تفجيرات دمشق هل سيحقق النظام ما يريده من خلالها؟!. 3- سليم إدريس: نصراللات سيد الشبيحة ومجرم وليس ببعيد عن ضربات الجيش الحر ونعلم الطريق إليه وعمره الافتراضي قد انتهى 4- الجيش الحر يقصف مواقع لحزب الله في سوريا ولبنان 5- هل سيرتدع حزب الله أم يزيد نورطه في سورية؟! 6- المجلس العسكري في دمشق وريفها يعلن استهداف قصر تشرين الرئاسي رداً على تفجيرات دمشق 7- الائتلاف الوطني يؤكد على تنحّي الأسد وكافّة قادة الأجهزة الأمنيّة والعسكرية.. ويدين تفجيرات دمشق 8- 100 مليون دولار من قطر للائتلاف الوطني 9- نبيل العربي: لا مكان للأسد في بيان جنيف 10- الائتلاف الوطني السوري: أي اتفاق للسلام ينبغي أن يكون تحت رعاية واشنطن وموسكو 11- صحيفة ألمانية Welt: "الغرب الجبان يحمي الأسد" وما يجري في سورية حرب إبادة وليست حرباً أهلية! 12- تشكيل تجمع معارض لحث المسيحيين على المشاركة في الثورة 13- إسرائيل تسمح باستئناف التنقيب عن النفط في الجولان المحتلة 14- 4 آلاف مدرسة دمرت على أيدي شبيحة أسد |
قتلى بسوريا بقصف واشتباكات تجدد القصف على عدد من المدن والبلدات السورية، وذلك غداة مقتل العشرات في تفجيرات هزت دمشق، أدانتها المعارضة، واتهمت الحكومة "مجموعات إرهابية" بتنفيذها. ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 37 شخصا اليوم بنيران قوات النظام، معظمهم في دمشق وريفها وحمص. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن الطيران الحربي شن غارات جوية منذ الصباح الباكر على بلدات في ريف حماة، حيث تدور هناك معارك بين الجيشين الحر والنظامي، وبث ناشطون صورا لطائرة حربية وهي تقصف بلدة كفر نبودة في ريف حماة الجنوبي. وقال ناشطون سوريون إن الجيش الحر سيطرعلى فرع الهجانة العسكري في مدينة دير الزور بعد حصار دام أكثر من أسبوعين، وبث الناشطون صورا لعملية الاقتحام واحتراق مبنى الفرع، وقصفت قوات النظام المدينة وأحياء الحويقة والحميدية بعد تقدم الثوار داخل المدينة. وقال مراسل شبكة شام أبو محمد الحمصي للجزيرة إن قصفا عنيفا بالمدفعية استهدف أحياء حمص القديمة التي شهدت تصاعد أعمدة دخان كثيفة، وتحدث عن تدمير عدد من البنايات إثر قصف براجمات الصواريخ استهدف الرستن والحولة وتلبيسة. وذكر أبو محمد الحمصي أن اشتباكات سجلت في القصير، وأوضح أن الجيش الحر قصف مواقع تسيطرعليها كتائب تابعة لحزب الله. وفيما ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن الجيش الحر سيطر على مقرات أمنية في تل حميس بالحسكة، ذكر ناشطون أن قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين في الرقة بشمال البلاد. وتشهد المنطقة القريبة من محيط مطار حلب اشتباكات متقطعة بين الجيش الحر والنظامي. التفجيرات التي استهدفت دمشق أمس أوقعت 83 قتيلا (رويترز) تطورات دمشق من جانبه ذكر الناطق الإعلامي لمجلس قيادة الثورة في دمشق عمر حمزة أن الغوطة الشرقية شهدت محاولة لاقتحامها من قبل القوات النظامية باستخدام الدبابات، وأوضح في حديث للجزيرة أن الجيش الحر استهدف بالقصف بقذائف الهاون عددا من المباني الحكومية في العاصمة، وقتل عشرين عنصرا من الشبيحة في مخيم فلسطين، واعتبر أن ذلك يعد انتقاما من جيش النظام على مقتل العشرات أمس الخميس في الانفجارات التي هزت العاصمة دمشق. وفي حصيلة جديدة لتلك الهجمات، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 83 شخصا لقوا مصرعهم في سلسلة التفجيرات التي نفذت بسيارات مفخخة، وذلك في أعنف هجوم منذ الانفجارين الذين وقعا في 10 مايو/أيار 2012 وأوقعا 55 قتيلا. ووقع التفجير الأضخم في مركز مدينة دمشق عندما فجر رجل سيارته المفخخة بالقرب من مقر حزب البعث الحاكم، مما أسفر عن مقتل 61 شخصا بينهم 17 عنصرا من القوات النظامية، بحسب المرصد الذي أشار إلى احتمال ارتفاع عدد القتلى بسبب وجود جرحى بحالات خطرة. واستهدفت ثلاثة انفجارات أخرى مقار أمنية في حي برزة الواقع شمال العاصمة، مما أسفر عن مقتل 22 شخصا بينهم 19 عنصرا من القوات النظامية، ولم تتبنَ أي جهة هذه الانفجارات. وكان نحو مائتي شخص قتلوا أمس في مناطق متفرقة من سوريا، من بينهم 18 سقطوا في مدينة درعا جراء قصف استهدف مستشفى ميدانيا. المصدر:الجزيرة + وكالات |
http://im35.gulfup.com/b7094.jpg
http://im35.gulfup.com/PqxfP.jpg http://im35.gulfup.com/8tKxP.jpg http://im35.gulfup.com/Erc4P.jpg http://im35.gulfup.com/Sl5gs.jpg http://im35.gulfup.com/l0aCK.jpg [poem=font="Traditional Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""] الله يعين اللاجئين اللي لجوا = من مشكله في مشكله .. إلى متى ؟ قلنا نجوا لكن حقيقه ما نجوا = ما بين نار الثوره وبرد الشتاء [/poem] فارس بن عويف @bz2zd |
يامن استنصرناكم ولم تنصرونا في هذه الرسالة التي تمس شغاف القلوب يقول هؤلاء الأصفياء لا نريد أن تكونوا خصماءنا يوم القيامة يامن استنصرناكم ولم تنصرونا وأنتم قادرون على ذلك .. أفكر على من يصح هذا النداء : يامن ...يامن ... يامن ... رسالة من داريا المعركة شديدة جدا والقصف يطال كل شيء والشهداء بازدياد والذخيرة بتتاقص والعدو يستشرس ويحتل الآن مساحات كبيرة من داريا بسبب قلة الرجال واتساع الجبهة علينا يوما بعد يوم هذا هو الوضع على الأرض للناظر بعين 1+1=2 ولكن من ينظر بعين المجاهدين الموجودين الآن بالميدان 1+1= الله معنا الله ناصرنا الله لن يترنا أعمالنا كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله ياأخي إذا نظرت إلى حال المجاهدين لبكيت وضحكت بآن بكيت على وضعهم وقلة حيلتهم وهوانهم على الناس ولضحكت مستبشرا بقوم ماعاد يعنيهم شيء في هذه الدنيا فقد طلقوها طلاقا بائنا يحاربون برصاصات قليلة معدودة مقابل وابل من القذائف التي لايقف في وجهها شيء إلا وحصدته إذا سقط بينهم أحد إخوانهم سارعوا بتهنئته على مانال من كرامة ثم يتابعون وهم يذرفون دموع الفراق ولا يطلبون منكم إلا الدعاء فقد حسموا أمرهم وأيقنوا بمصيرهم حسبنا الله ونعم الوكيل والله ياأخي أكتب لك ولا أرى الأحرف بوضوح من دموع لا أتمالكها ولكن لنا الله ولن يترنا أعمالنا وهي رسالة لمن يعلم بأنه مقصر مع هؤلاء الأبطال ولا أجمع نفسي معهم فأنا أصغر من أن أكون ماسحا لأحذيتهم يعز علينا أن تكونوا خصماءنا يوم القيامة يامن استنصرناكم ولم تنصرونا وأنتم قادرون على ذلك نستودعكم الله واستودعونا دائما عند من لا تضيع ودائعه (هذه رسالة قائد كتائب من داريالي نقلتها حرفيا) |
ما وراء رغبة واشنطن في إطالة أمد الصراع: قراءة للمشهد العسكري في سوريا شهدت الساحة السورية تطورات متسارعة في غضون الأسابيع الستة الماضية؛ وذلك عندما وصلت كتائب الجيش الحر إلى مشارف "السفيرة"، ودارت معارك طاحنة على بعد كيلو مترين فقط من المنشأة العسكرية الأكثر حساسية في البلاد في 21 ديسمبر 2012. وجاءت هذه المعركة إثر تهاوي فرق النظام، وسقوط قواعده التي ارتكز عليها لتأمين طرق الإمداد، وسيطرة كتائب المعارضة على عدد من القواعد الجوية في المحافظات الشمالية والجنوبية-الغربية، ومن ثم احتدام معارك المطارات، واستهداف القصر الجمهوري بالقصف المدفعي. وبموازاة حالة التأهب التي أعلنتها القوات المسلحة في جميع الدول المجاورة لسوريا استعداداً للتعامل مع أي صراع كيميائي أو بيولوجي؛ نشرت مراكز البحث الغربية الكبرى مجموعة من الدراسات التي تحذر من ميل الكفة لصالح الجيش الحر الذي غنم في حملته الأخيرة أسلحة إستراتيجية تتضمن: صواريخ بالستية، ومضادات طائرات، ومروحيات قتالية، وعربات مدرعة، ودبابات، ومدفعية متطورة، وكادت كتائبه أن تضع يدها على مخازن أسلحة الدمار الشامل، وحذر الباحثون الغربيون من أن مخاطر حيازة المعارضة لهذه الأسلحة هي أكبر من مخاطر وجودها بيد القوات النظامية. وسرعان ما استجدت سلسلة تطورات أسهمت في تعزيز موقف النظام وأعاقت تقدم الجيش الحر، ويمكن تحليل أبرز التطورات العسكرية وأبعادها فيما يلي: * تبادل الأدوار: انسحاب الأسطول الأمريكي ودخول البحرية الروسية بعد تكديس غير مسبوق لسفنها القتالية المصاحبة لحاملة الطائرات (USS Eisenhower)؛ أصدرت القيادة العسكرية الأمريكية في 21 ديسمبر 2012 تعليمات مفاجئة بسحب كامل قطع أسطولها من منطقة شرقي البحر الأبيض المتوسط، مما أثار مشاعر السخط لدى القوى الإقليمية، إذ نقل عن ضابط تركي رفيع قوله: "إن الانسحاب الأمريكي من المنقطة غير مفهوم وغير مبرر"، كما عبرت تل أبيب عن انزعاجها من الانسحاب الأمريكي المفاجئ، وبادرت إلى تأمين حدودها الشمالية مع سوريا والممتدة نحو 57 كم. أما في واشنطن، فقد عقد وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا مؤتمراً صحفياً أشار فيه إلى أن عملية احتواء أي حرب كيميائية أو بيولوجية في سوريا لا تقتصر على أمريكا فحسب؛ بل تقع ضمن مسؤوليات المجتمع الدولي، مؤكداً عدم وجود أي خطط أمريكية لشن عمليات برية في الأراضي السورية وفق تعليمات الرئيس أوباما بإبعاد الجيش الأمريكي عن العمليات القتالية في المنطقة. وللتأكيد على تنفيذ التعليمات الواردة من البيت الأبيض؛ سلم قائد سلاح البحرية الأمريكي الأدميرال "جوناثان جرينيرت" تقريراً إلى الرئيس الأمريكي بتاريخ 25 يناير 2013، يؤكد فيه تقليص الطلعات الجوية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط إلى النصف، لكن مصادر مطلعة تؤكد أن المعلومات المعلن عنها ليست دقيقة؛ إذ إن نسبة تقليص الطلعات الجوية في حقيقة الأمر تتجاوز 70 بالمائة. وبعيداً عن أي تحليل ينطلق من نظرية المؤامرة التي تفترض وجود ترتيبات مسبقة بين أطراف التنافس الدولي؛ أشارت مصادر أمنية إقليمية إلى أنه من غير الممكن أن تسحب القوات الأمريكية نحو عشرة آلاف مقاتل على متن 17 سفينة حربية، دون الأخذ في الاعتبار تقدم أسطول روسي يتضمن نحو 20 قطعة حربية من أسطول البحر الأسود وعلى متنها عدد كبير من القوات الخاصة الروسية، وذلك في اليوم التالي من إعلان واشنطن سحب قواتها (أي في 22 ديسمبر)، خاصة وأن الأسطول الروسي قد أعلن فور وصوله عن إجراء مناورات بحرية غير مسبوقة شرقي البحر الأبيض المتوسط في 26 ديسمبر، ولم يكن من قبيل المصادفة أن تجري هذه المناورات بالتزامن مناورات البحرية الإيرانية في الخليج العربي ابتداء من 28 ديسمبر. وفي حين تعزو بعض المصادر تلك "المصادفات" إلى رغبة واشنطن بتوريط موسكو في الصراع الداخلي الدائر في سوريا؛ يذهب محللون إلى إمكانية وجود تنسيق أمريكي-روسي لمنع انسياب الأزمة السورية وتسببها بحرب إقليمية أو دولية، خاصة وأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعلن فور رسو الأسطول الروسي في ميناء طرطوس (23 ديسبر) أن الأسلحة البيولوجية والكيمائية السورية أصبحت في مأمن، وذلك في ظل نشر معلومات استخباراتية دقيقة حول كيفية تدخل القوات الخاصة الروسية لتأمين مخازن الأسلحة ومن ثم نقلها إلى مواقع آمنة. ويأتي هذا الإجراء الروسي للتأكيد لكل من واشنطن وتل أبيب أن روسيا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع السيطرة على الأوضاع الداخلية في سوريا وكبح جماح النظام من جهة، والتيارات الإسلامية التي يخشى الغرب من تنامي نفوذها من جهة أخرى. * الهجوم المضاد: الخطة الروسية-الإيرانية لتعزيز موقف النظام آذنت الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر الماضي بانهيار الخطة العسكرية التي وضعها جيش النظام لاستعادة السيطرة على البلاد من خلال استخدام سلاح الجو في قصف مواقع المعارضة المسلحة، حيث سقط مطار تفتناز، وبدأت تنهار القواعد الجوية بالقرب من مطار دمشق الدولي أمام ضربات كتائب المعارضة التي قصفت القصر الجمهوري بدقة ملفتة للانتباه. وفي هذه الفترة الحرجة بدأت تتعالى أصوات رسمية في بعض الدول المجاورة للتحذير من مخاطرة السقوط المفاجئ لنظام بشار، وذلك في حملة تشويه وسمت كتائب المعارضة بالتشدد، وشبهتها بنظام طالبان، وحذرت من اشتعال الصراع الطائفي في المنطقة بأسرها. ويبدو أن موسكو كانت الأسبق في استيعاب مخاوف بعض القوى الإقليمية والتجاوب معها؛ حيث تؤكد المصادر أن الرئيس بوتين قد أشرف بصورة شخصية على خطة عسكرية تعيد توازن النظام، وتقوم هذه الخطة على أربعة محاور تتضمن: تعزيز قدرات الدفاع الجوي بصواريخ بالستية لاستهداف قواعد الجيش الحر بعد فشل كل من: سلاح الإشارة وسلاح الجو في تحقيق ذلك. استبعاد المجندين الذين يبلغ قوامهم نحو 70 بالمائة من الجيش عن العمليات القتالية نظراً لصغر سنهم وقلة خبرتهم وعدم ضمان ولائهم، وتجنب إقحامهم في مناطق المواجهات تفادياً لحالات الانهيار الجماعي للقواعد التي يستهدفها الجيش الحر. إعادة تأهيل قوات النخبة وإمداداها بالمعدات والذخيرة والسلاح النوعي، وتشكيل فرق إسناد من عناصر الشبيحة بزي مدني وتكليفهم بمهام داخل المناطق الخاضعة للمعارضة. التركيز على العاصمة دمشق والقطاع الجنوبي-الغربي الذي يتضمن حمص وحوران في المرحلة الأولى، واستنزاف قوات المعارضة في الشمال بالقصف الصاروخي تمهيداً لاقتحامها في المرحلة الثانية، ومن ثم إعادة السيطرة على المعابر الحدودية في مرحلة ثالثة. وقد عمدت موسكو إلى إجلاء رعاياها من المناطق التي يمكن أن يكونوا فيها عرضة للخطر قبل بدئ المواجهات، كما هرعت طهران لتأمين الإفراج عن أسراها لدى الجيش الحر وذلك ضمن وساطة تركية تضمنت إفراج النظام عن 2130 معتقل سوري مقابل 48 إيرانياً يعتقد أنهم من الحرس الثوري في 9 يناير 2013. وفي هذه الأثناء كانت موسكو تمد النظام بكميات كبيرة من الأسلحة النوعية التي تهدف إلى تغيير المعادلة العسكرية: - ففي مطلع شهر ديسمبر قام الروس بتسليم النظام 24 قطعة من صواريخ (Iskandar 9K720) التي قامت بشحنها سفينته الإمداد الروسية (Novocherkasskand Saratov)، حيث تم إنزال 12 منصة تحمل كل منها صاروخين. جدير بالذكر أن صواريخ (Iskandar 9K720) تعتبر الأكثر فعالية في المنظومة الروسية إذ تزيد سرعتها عن 1.3 ميل في الثانية، وتبلغ مدى يصل إلى 280 ميلاً، وتحمل رؤوساً متفجرة تبلغ حمولتها 1000 كيلو غرام، وتصيب الأهداف بدقة عالية، كما يمكن أن تحمل رؤوساً بيولوجية وكيميائية وحتى نووية، ولا يوجد في الغرب مضادات لها حتى الآن. - وفي الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر بدأ جيش النظام في نصب منظومة (Scud-D) الصاروخية المتوفرة لديه بتقنية إيرانية-روسية، كما أكدت مصادر عسكرية غربية دخول منظومات (Fateh-110A) الصاروخية إيرانية الصنع في 26 ديسمبر، والتي تم شحنها من إيران في رحلات سرية عبر الأجواء العراقية، وعلى الرغم من أن سلاح الصواريخ السوري يمتلك تقنية تصنيع هذه الصواريخ والتي يطلق عليها اسم (M-400)؛ إلا أن الخبراء السوريين قد فشلوا في تصنيعها واستخدامها محلياً، مما دفع بالحرس الثوري الإيراني لإرسال شحنة من القطع الأصلية مع مجموعة من الخبراء الإيرانيين الذين أوكلت إليهم مهمة تدريب جنود النظام على استخدامها. - وفي نهاية شهر ديسمبر قامت موسكو بشحن مجموعة من صواريخ (S-400) الاعتراضية المضادة للصواريخ كرد على قيام حلف الناتو بنشر بطاريات باتريوت في جنوب تركيا. - وفي مطلع شهر يناير استلم النظام من الحرس الثوري الإيراني قذائف تحوي غازات سامة من الدرجة الثانية، حيث إنها تتسبب في إحداث أضرار بالغة بالجهاز التنفسي وتؤدي في معظم الحالات إلى الوفاة، وقد تم استخدام أول دفعة منها في المواجهات بمدينة حمص حيث زود عناصر من الشبيحة بأعداد منها لإطلاقها في المناطق التي يتم استهدافها من قبل جيش النظام وذلك قبل شروع الجيش في اقتحام هذه الأحياء. - وفي منتصف شهر يناير رست مجموعة من السفن الروسية في ميناء طرطوس، وعلى متنها معدات ثقيلة تتضمن: عربات مجهزة للقيادة في المناطق الجبلية الوعرة، وبنادق متطورة، وأنواع مختلفة من القذائف والصواريخ، بالإضافة إلى العربات المدرعة وناقلات الجنود. - أما إيران فقد تولت مهمة تزويد النظام بالذخائر من مختلف الأعيرة، وقطع غيار الدبابات والمدفعية ومنصات إطلاق الصواريخ. وإثر اكتمال الاستعدادات بدأت عملية الهجوم المضاد في 15 يناير، وذلك بعد إجلاء فرق النظام غير المجهزة واستبدالها بفرق النخبة التي أوكلت إليها مهام قتالية في كل من حمص وريف دمشق وحوران، وتؤكد المصادر أن ضباط الحرس الثوري الإيراني قد أشرفوا بصورة مباشرة على هذا الهجوم المضاد، كما أسهم الخبراء الروس في تحديد أهداف الصواريخ البالستية وإطلاقها. جدير بالذكر أن التحضير لهذه الحملة المضادة قد تم في غضون الأسابيع الستة الممتدة ما بين 1 ديسمبر 2012 و15 يناير 2013، في ظل قطع معظم إمدادات السلاح والذخيرة عن كتائب الجيش الحر، ولا تزال بعض شحنات الأسلحة رابضة في بعض الدول المجاورة التي ترفض السلطات إرسالها لمقاتلي الجيش الحر. * الاحتواء المزدوج: العمليات العسكرية الاستخباراتية لمنع امتداد الصراع وبعد التأكد من أنباء قيام النظام بخلط مواد كيميائية وتحضيرها للإطلاق؛ طالبت الإدارة الأمريكية جميع دول المنطقة بإرسال رسائل شديدة اللهجة إلى دمشق، وأرسلت في الوقت ذاته رسائل مباشرة إلى قائد الكتيبة (450) بسلاح الجو في جيش النظام ومعاونيه من مغبة إطلاق أي أسلحة كيميائية أو بيولوجية. وفي 17 يناير أكد وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا أن الولايات المتحدة قد أوكلت مهمة مراقبة التحركات المتعلقة بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية في سوريا إلى كل من: تركيا والأردن، وعلى الرغم من أنه لم يذكر دور تل أبيب، إلا أن مصادر أمنية تؤكد بأن معظم عمليات مراقبة المواقع السورية قد أسندت إلى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مع الإيعاز لها بالتحرك الفوري في حالة التحقق من وجود خطر محدق. ويسود الاعتقاد في الأروقة اليهودية أن دمشق وطهران قد تحاولان توريط تل أبيب في مواجهات محدودة لتسجيل نقاط مهمة على صعيد تعزيز مفهوم "المقاومة"، ولفت الأنظار عن جرائم النظام السوري وعملياته في الداخل، كما يمكن لإيران أن تشغل الرأي العام عن ملفها النووي من خلال العمل على تأجيج الصراع الإسرائيلي مع كل من لبنان وسوريا. وكانت مصادر الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قد أكدت أن نظام بشار قد أرسل شحنات من صواريخ أرض-أرض، وكمية محدودة من الأسلحة الكيمائية و البيولوجية إلى لبنان، حيث تم تخزينها في مواقع سرية تحت الأرض بسهل البقاع. وعلى إثر تسرب تلك الأنباء تحدثت مصادر أمنية في 25 يناير عن وقوع انفجار في مقر للاستخبارات السورية في القنيطرة، وأدى إلى مقتل مسؤولين إيرانيين وعناصر قيادية من حزب الله كانوا في اجتماع مع مسؤولين أمنيين سوريين، وتم نقل الجثث على وجه السرية دون أي تصريح رسمي أو تعليق على الحادث، لكن مصادر غربية أكدت أن العملية قد نفذت من خلال وضع سيارتين مفخختين بالقرب من المقر، وأشارت المصادر أن المشاركين في هذا الاجتماع كانوا يخططون لتفكيك مجموعة من الصواريخ ونقلها إلى الأراضي اللبنانية. وفي أعقاب ذلك الحادث بادرت تل أبيب إلى نصب ثلاث بطاريات من منظومة "القبة الحديدية" في المناطق الشمالية، وتزامن ذلك مع تصريح لمسؤول يهودي أكد فيه أن عدداً من عناصر "حزب الله" يرابطون على الحدود السورية مع لبنان بهدف استلام وتأمين عدة شحنات يتم تحضيرها للنقل من سوريا إلى لبنان. وفي هذه الأثناء سارع بنيامين نتنياهو إلى إرسال اللواء "أفيف كوتشافي" إلى واشنطن للتأكيد بأنه إذا حاول بشار تحريك الأسلحة البيولوجية والكيميائية إلى مناطق قريبة من "إسرائيل" أو شحنها إلى "حزب الله" فإن سلاح الجو الإسرائيلي سيتحرك فوراً لمنعه من ذلك، كما أوفد نتنياهو مستشاره للأمن القومي "ياكوف أميدرور" إلى موسكو لتوصيل فحوى الرسالة نفسها إلى بوتين. ويبدو أن هذه الرسائل كانت ممهدة لعملية يوم الأربعاء 30 يناير والتي استهدفت فيها الطائرات الحربية الإسرائيلية أحد مراكز البحث العلمي بريف دمشق، والتي يعتقد أنها تحتوي على صواريخ يتم التحضير لنقلها إلى لبنان، وقد بادر وزير الدفاع الأمريكي بانيتا بتبرير تلك العملية مؤكداً وجود مخاوف أمريكية من محاولة بشار توسيع دائرة الصراع. * الرقص على إيقاع المعركة: تغير المزاج الأمريكي واحتدام الصراع الإقليمي أكد مصدر أمني في واشنطن أن إدارة أوباما باتت مقتنعة بإطالة أمد الصراع في سوريا لاستنزاف طرفي الصراع، وفي الوقت ذاته يعتقد كثيرون في مجلس الأمن القومي الأمريكي بضرورة بقاء النظام للإبقاء على الأسلحة الكيمائية تحت السيطرة، خاصة وأن خلاف المجتمع الدولي حول الوضع في سوريا قد تسبب في عرقلة الاستعدادات الدولية لاحتواء الفوضى الإقليمية التي يمكن أن تندلع عقب سقوط بشار. وإثر تشكل الائتلاف الوطني السوري؛ بادرت مجموعة من القوى الداعمة للثورة إلى وضع خطة لتسليح بعض كتائب الجيش الحر شريطة توحيد مختلف الفصائل تحت قيادة عسكرية ذات طابع "معتدل"، وتضمنت قائمة الأسلحة التي سيتم إمداد القيادة الموحدة بها: مضادات للدروع من طراز (9K111)، وصواريخ مضادة للطائرات من طراز (9K43 Strela-3 SA-14) المحمولة على الكتف، بالإضافة إلى قذائف (RPG) المضادة للدروع. وفي الوقت ذاته وضعت خطط عسكرية لضم مختلف الكتائب المقاتلة في أربع جبهات تخضع لقيادة ضباط منشقين عن النظام، وتم على إثر ذلك إيفاد عدد من الشخصيات العسكرية لإقناع الكتائب المقاتلة بالانخراط في التشكيلات الجديدة، لكنهم فشلوا في تحقيق أي إنجاز يذكر، وذلك بسبب عدم ثقة قادة الكتائب بالضباط الذين تم إيفادهم، وتخوفهم من الدوافع الكامنة خلف خطة التشكيل، خاصة وأن بعض الضباط الموفدين قد انخرطوا في الجدل الدائر حول "تحجيم" العناصر الإسلامية التي تهيمن على العمل المسلح، وأسهموا في حملات التشوية التي وسمت هذه الكتائب بالتطرف، وفي الوقت ذاته لم يكن لها أي دور إيجابي في العمليات العسكرية أو في تزويد المقاتلين بالذخيرة والعتاد. وعقب سقوط مطار تفتناز بيد مقاتلي المعارضة أجرت عدة مؤسسات بحثية أمريكية دراسات مفصلة عن طبيعة الكتائب المقاتلة التي سيطرت على المطار واستولت على مجموعة من المروحيات والأسلحة الصاروخية، واستنتجت أن جميع هذه الفصائل تنتمي إما إلى "جبهة النصرة" أو التيار "السلفي الجهادي"، أو التيار "الإسلامي المعتدل"، مما أثار مشاعر القلق في كل من واشنطن وتل أبيب من وقوع المزيد من المقاتلات والأسلحة الصاروخية بيد الإسلاميين. وتزامن مع تلك الأحداث وقوع خلافات بين القوى الداعمة، وسط تراشق الاتهامات بدعم الجماعات المتطرفة، وفشل محاولات توحيد مصادر الدعم في ظل شكوك بمحاولة بعض القوى الاستحواذ والهيمنة، وأدت حالة الخلاف هذه إلى توقف المساعدات عن الجيش الحر، وتشدد بعض الدول المجاورة في توصيل المساعدات، في حين اقتصر الدعم على إغاثة اللاجئين. وفي هذه الأثناء أبدى بعض المسؤولين الأتراك قلقهم من نية واشنطن قطع سبل إمداد الكتائب المقاتلة، ونزوعهم إلى الحلول الدبلوماسية التي تقتضي الاستعانة بالروس للحد من انتشار التيارات الإسلامية في صفوف المعارضة؛ فبعد تخلي واشنطن عن المجلس الوطني، تؤكد مصادر مطلعة أن الإدارة الأمريكية قد بدأت تتبنى الموقف نفسه تجاه قيادة الجيش الحر لأن ضباطه منفصلون عن الداخل ولم يثبتوا القدرة على توحيد الفصائل المقاتلة أو السيطرة عليها، ولذلك فإنها فقدت الاهتمام بوسائل الحسم العسكري، وبدأت تميل إلى إعادة إحياء اتفاق جنيف من خلال التوصل مع الروس عبر القنوات الدبلوماسية، وهو الأمر الذي يتطلب تعاون النظام في المرحلة الانتقالية. وفي ظل تسارع الأحداث لا بد من التأكيد على أن مصالح القوى الإقليمية والدولية لا تنسجم بالضرورة مع مسار الثورة أو تعزيزها، إذ إن أولويات هذه الدول تقوم على أساس حماية مصالحها ومنع امتداد الأزمة إلى أراضيها، ولا يزال بعض السياسيين السوريين يقعون في خطأ محاولة إبرام صفقات جانبية مع هذه القوى على حساب مكونات أخرى من الثورة السورية. وعلى الرغم من أنه من المبكر لأوانه إصدار أية أحكام حول أداء الائتلاف الوطني الذي لم يمض على تأسيسه أكثر من ثلاثة أشهر؛ إلا أنه من الواضح أن العديد من الحركات السياسية المعارضة لا تزال تركز على خطب ود القوى الخارجية بدلاً من التركيز على الداخل السوري، كما أنها لا تزال عاجزة عن اتخاذ مواقف حاسمة إزاء استكمال البنية الأساسية لتمثيل الحراك الثوري في المحافل الدولية، في حين يقصر إدراك الكثير من هذه المجموعات عن استيعاب المعادلات الإستراتيجية التي تحرك الصراع الدولي في المنطقة. ونتيجة لذلك فهي بعيدة كل البعد عن حيازة عناصر القوة المتمثلة في: توحيد الصف، وكسب ثقة القوى الثورية في الداخل، والعمل على توجيهها لصالح مختلف قطاعات الشعب السوري، مما يدفعها إلى تبني مواقف أو إطلاق مبادرات تستند إلى ردود أفعال آنية لا تعكس وعياً بتعقيدات المشهد الإقليمي والدولي. لقد حاولت الصفحات الماضية تحليل المواقف الإقليمية والدولية إزاء تطور الثورة السورية، إلا إنه لا بد من التأكيد على أن القوى الخارجية لم تشعل نيران الثورة ولا تملك القدرة على وقفها حتى لو أوقفت الدعم عنها. ففي فترة انقطاع المساعدات العسكرية خلال الشهرين الماضيين غنمت الكتائب المقاتلة مجموعة من الأسلحة الإستراتيجية التي لم تكن في حوزتها من ذي قبل، وتمكنت من تحقيق مكاسب كبيرة كالسيطرة على مطار تفتناز، وإفقاد النظام نحو 20 بالمائة من مقاتلاته وشل قدراته القتالية في سلاح الجو، والسيطرة على مواقع إستراتيجية في حلب وفي دير الزور، وتنفيذ عمليات نوعية في دمشق وفي محيط مطارها الدولي، ولا تزال الكتائب المرابطة في حمص وحوران وريف دمشق صامدة أمام الخطة الروسية-الإيرانية وهي تقارع الصواريخ البالستية ببسالة ملفتة للانتباه. يدعونا ذلك للتأكيد على أن الثورة السورية قد قامت منذ الأيام الأولى لاندلاعها على أكتاف شعب أعزل يواجه آلة القمع المتجذرة، وقد نجحت هذه الثورة في إرباك الحسابات الإقليمية والدولية، وأعادت فرز التحالفات الإستراتيجية في المنطقة، وعلى الرغم من هذه الإنجازات الشعبية والعسكرية؛ إلا أن الحراك الثوري لا يزال بحاجة إلى تمثيل سياسي يتسم بالاحترافية ويمتلك القدرة على ممارسة الدبلوماسية الدولية مع الكبار. |
http://im31.gulfup.com/J2gu3.jpg
فقط في سوريا.. عندَ النزوح ..... لا تحملُ أمتعة ... لا جوازَ سفر ... لا ذكرياتَ دافئة ... ولا حتى من منزلكَ المدمرِ قطعةُ حجر .... إنما تحملُ في قلبك ... في عينيك ... فوقَ كتفيك ... جرحٌ و عشقٌ و شوقٌ و دمعةُ وطن http://im31.gulfup.com/gvuDE.jpg حتى لا ننسى: هذا ما تبقى من حي جبل بدرو بحلب بعد مجزرة صاروخ سكود ..ولكن، وبالرغم من ذلك .. سنبقى صامدين ! http://im31.gulfup.com/NDvTw.png يفتقدون رفاقهـم في المعـارك ..يبكـون ..و يتألمون ثـم يكملون القتـال على أمل النصـر أو اللحاق بهم إلى الجنـة ... هؤلاء هـم الرجـال الحقيقيون .. http://im31.gulfup.com/jd0lj.jpg يارب احمها واحفظها وجميع عائلتها .. يارب .. أم جعفر المقاتلة في جيش سوريا الحر http://im31.gulfup.com/MKMCX.jpg أم فارس ,, إحدى حرائر حي باباعمرو نذرت نفسها لخدمة أبطال الجيش الحر الجرحى وأرسلت أبناءها للإلتحاق في صفوف الجيش الحر http://im31.gulfup.com/uVEVv.jpg لا ياس مع الحياة , عائله سورية مشرده تعيش في مكان اشبه بالمغارة او الكهف [poem=font="Traditional Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""] ياشامنا تبادلوك الروافض= بالقصف والتدمير بالغاز والقنص قدام هذا الجحش بشار حافظ= الله يامكثر مصايبك ياحمص [/poem] ساير الدحيه @dihiyeh |
http://im31.gulfup.com/h0zMC.jpg
عشرات القتلى والجرحى في سقوط صواريخ على حلب في شمال سوريا .. ..قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ثلاثة صواريخ من طراز سكود أطلقت على مناطق سكنية في حلب أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 29 شخصا وإصابة 150 آخرين، فيما لا يزال العشرات تحت الأنقاض، وبث ناشطون على الإنترنت صورا تظهر آثار سقوط الصواريخ على المدينة. وذكر مركز حلب الإعلامي أن طائرات النظام السوري استهدفت مستشفى عمر بن عبد العزيز في حي المعادي بحلب، مما أسفر عن مقتل نحو عشرين شخصا. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن رئيس المرصد رامي عبد الرحمن أن عددا من الأشخاص لا يزالون مدفونين تحت الأنقاض، من بينهم عشرة أفراد من أسرة واحدة، مضيفا أن معظم المصابين في حالة حرجة. وأظهرت لقطات فيديو نشرت على الإنترنت في أعقاب القصف في منطقة الحمراء آثار الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة وقيام السكان بنقل الجرحى. وقال نشطاء في حلب إن أكثر من 65 منزلا تعرضت للدمار بسبب القصف. يأتي هذا عقب يوم دام سقط فيه 165 قتيلا على أيدي قوات النظام، معظمهم في دمشق وريفها ودرعا وحلب. ورغم تواصل القصف الجوي والمدفعي وبصواريخ أرض أرض التي دمرت عشرات المنازل بحلب وغيرها، فقد شهدت أنحاء البلاد مئات المظاهرات أمس الجمعة تطالب بالحرية وإسقاط النظام، بينما واصل الجيش الحر إحكام سيطرته على مواقع عسكرية عدة. وقال ناشطون إن الجيش السوري الحر سيطر على كتيبة الدفاع الجوي 113 بريف دير الزور الغربي، كما سيطر على مركز البحوث النووية في الكبر، ومبنى العيادات الشاملة والصالة الرياضية، ومقر الهجانة وكتيبة النيران المحاذية للواء 132 للدفاع الجوي بالمحافظة. وفي دمشق، قال مجلس قيادة الثورة إن الجيش الحر استهدف مجموعة من عناصر حزب الله اللبناني في موقف للحافلات بحي القابون وقتل ستة منهم، وذلك بعد أيام من مقتل عنصرين للحزب في ريف حمص. ووثق ناشطون وقوع اشتباكات عنيفة عند مدخل شارع الثلاثين ومخيم اليرموك وأحياء الحجر الأسود والتضامن وجوبر وبرزة، وأكدوا أن الثوار دمروا حاجز الدرخبية وأسروا عددا من الشبيحة. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن سبعين ألف شخص لقوا حتفهم في سوريا منذ بدء الاحتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الأسد في مارس/آذار 2011. وتسبب تصاعد العنف في أنحاء سوريا إلى تزايد عدد اللاجئين في الدول المجاورة، مثل لبنان الذي لجأ إليه ما لا يقل عن 305 آلاف شخص، بحسب الأمم المتحدة التي توقعت أن يبلغ عدد الفارين من القتال في سوريا إلى 1.1 مليون شخص بحلول يونيو/حزيران المقبل. .. |
المعارضة تريد تشكيل حكومة ل"المناطق المحررة" وتعلن مقاطعة مؤتمر "اصدقاء سوريا" ..اعلنت المعارضة السورية الجمعة انها تريد تشكيل حكومة تدير "المناطق المحررة" في شمال وشرق سوريا التي شهدت ثاني كبرى مدنها، حلب، غارات صاروخية عدة اسفرت عن 29 قتيلا على الاقل وعشرات الجرحى. وردا على هذه الغارات، اعلن الائتلاف المعارض في بيان السبت تعليق مشاركته في مؤتمر "اصدقاء سوريا" المقبل في روما "احتجاجا على الصمت الدولي" على "الجرائم المرتكبة" بحق الشعب السوري، كما قرر رفض تلبية دعوة لزيارة واشنطن وموسكو. وطالب الائتلاف "شعوب العالم كافة باعتبار الاسبوع الممتد من 15 إلى 22 آذار/مارس، وهو الذكرى الثانية لانطلاق الثورة السورية اسبوع حداد واحتجاج في كل انحاء العالم". وتضم مجموعة "اصدقاء الشعب السوري" اكثر من مئة دولة عربية واجنبية والعديد من المنظمات الدولية والاقليمية وممثلين عن المعارضة السورية. ميدانيا، افاد ناشطون عن مقتل 29 شخصا على الاقل بعد سقوط صواريخ ارض ارض على حي في مدينة حلب (شمال)، مؤكدين ان الحصيلة مرشحة للارتفاع. في القاهرة، قال المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض وليد البني لفرانس برس "اتفقنا على ضرورة تشكيل حكومة لتدبير الامور في المناطق المحررة"، لافتا الى ان الائتلاف سيجتمع في الثاني من اذار/مارس لتحديد هوية رئيس هذه الحكومة واعضائها. واوضح اعضاء في الائتلاف ان هذا الاجتماع سيعقد في مدينة اسطنبول التركية. وطالب الائتلاف السوري المعارض السبت الولايات المتحدة بالوفاء بالتزاماتها لاحلال الديموقراطية في سوريا. وقال البني لقناة فرانس 24 الناطقة بالعربية ان "زيارتنا الى واشنطن معلقة فقط. ننتظر من واشنطن مواقف تطابق ما تقوله عن دعمها للديموقراطية". واضاف ان "الولايات المتحدة قوة قيادية في العالم كما هي فرنسا وبريطانيا والاتحاد الاوروبي. هؤلاء لم يستطيعوا ان يوقفوا جزارا عن مجازره بحق شعبنا"، في اشارة الى الرئيس السوري بشار الاسد. ويعقد الائتلاف السوري المعارض منذ الخميس اجتماعات في القاهرة يبحث خلالها الطرح الذي تقدم به رئيسه احمد معاذ الخطيب لجهة اجراء حوار مباشر مع ممثلين للنظام السوري "لم تتلطخ ايديهم بالدماء". وفيما كانت العاصمة السورية تلملم جراحها غداة مقتل اكثر من ثمانين شخصا في سلسلة تفجيرات تعتبر الاكثر دموية في العاصمة منذ بدء النزاع في سوريا قبل 23 شهرا، ندد الابراهيمي في بيان "بشدة بالتفجير الوحشي والرهيب في دمشق امس والذي اسفر عن مقتل نحو مئة شخص واصابة 250 مدنيا". واضاف "ليس ما يبرر اعمالا رهيبة مماثلة تشكل جرائم حرب وفق القوانين الدولية". وذكر البيان الصادر في نيويورك بان الموفد الدولي اقترح في تقريره الاخير الى مجلس الامن الدولي في 26 كانون الثاني/يناير "اجراء تحقيق دولي مستقل في جرائم كهذه". وانفجرت اربع سيارات مفخخة الخميس في دمشق، احداها فجرها انتحاري قرب مقر حزب البعث في حي المزرعة واسفرت عن مقتل 61 شخصا، بينهم 17 عنصرا من قوات النظام. وبين الضحايا اطفال كانوا في المدارس. كما وقعت ثلاثة تفجيرات اخرى متزامنة تقريبا في منطقة برزة في شمال دمشق استهدفت مقار امنية وقتل فيها 22 شخصا، بينهم 19 عنصرا من قوات النظام، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وكانت وزارة الخارجية السورية اتهمت "مجموعات ارهابية مسلحة مرتبطة بالقاعدة" بتنفيذ عملية التفجير بالقرب من مقر حزب البعث فيما دان الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية "التفجيرات الارهابية (...) ايا كان مرتكبها وبغض النظر عن مبرراتها". ولم ينجح اعضاء مجلس الامن الدولي ال15 في الاتفاق على نص بيان حول الاعتداءات التي شهدتها العاصمة السورية بسبب خلاف حول تحديد المسؤوليات عن اعمال العنف المترتبة على كل من النظام والمعارضة في نص الاعلان، بحسب ما قال دبلوماسي في المنظمة الدولية. واتهمت موسكو الدبلوماسيين الاميركيين بعرقلة صدور ادانة عن المجلس. وقالت البعثة الروسية في بيان ان الولايات المتحدة "تشجع" الاعتداءات عبر عرقلة بيانات مجلس الامن حول سوريا. والجمعة، اكدت روسيا والصين تقارب مواقفهما في ما يتصل بمجمل القضايا الدولية، وخصوصا الازمة في سوريا، وذلك تمهيدا لزيارة للعاصمة الروسية سيقوم بها الرئيس الصيني الجديد شي جين بينغ. كذلك نددت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون بالاعتداء الذي اوقع زهاء مئة قتيل الخميس في دمشق مؤكدة ان "عملية سياسية ذات مصداقية" من شانها ان تنهي اراقة الدماء في سوريا. على الارض، قال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان مساء الجمعة "ارتفع الى 29 عدد الشهداء الموثقين والذين سقطوا إثر القصف الذي تعرضت له منطقة الارض الحمرا في حي طريق الباب بمدينة حلب". واضاف المرصد ان "من بين الشهداء اطفالا ونساء كما وردت انباء عن وجود عشرة مواطنين من عائلة واحدة تحت انقاض بناء مهدم"، لافتا الى ان عدد القتلى "مرشح للارتفاع بسبب وجود نحو 150 جريحا بينهم جرحى في حالة خطرة ووجود مواطنين تحت انقاض المباني التي تهدمت نتيجة القصف". وكان المرصد اشار الى سقوط ثلاثة صواريخ ارض ارض في المنطقة. وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية في بريد الكتروني ان الصواريخ من طراز "سكود وتم اطلاقها في اقل من نصف ساعة من اللواء 155 في ريف دمشق باتجاه الشمال السوري". ولا يمكن لوكالة فرانس برس التأكد من هذه المعلومات. وبث ناشطون اشرطة فيديو على الانترنت تظهر حالة من الهلع ودمارا كبيرا في المكان الذي سقطت فيه الصواريخ. ورغم الظلمة، امكن تبين ابنية او منازل مدمرة بكاملها. وقتل 33 شخصا في قصف صاروخي على حي جبل بدرو في شرق حلب ايضا ليلة الاثنين بينهم حوالى 15 طفلا. كما تعرض ريف حلب قبل ذلك لقصف من صواريخ يقول ناشطون انها من طراز "سكود". الى ذلك، افاد المرصد ان القوى الامنية السورية اطلقت النار على تظاهرة مناهضة للنظام في مدينة الرقة في شمال سوريا، وقتل رجل في التظاهرة برصاص قناص. وخرج المعارضون السوريون في تظاهرات في المناطق الهادئة نسبيا تحت شعار "الرقة الابية على طريق الحرية"، في اشارة الى التقدم الذي احرزه مقاتلو المعارضة خلال الاسابيع الماضية في عدد من النقاط في محافظة الرقة التي باتوا يسيطرون على الجزء الاكبر من ريفها، فيما مدينة الرقة لا تزال تحت سيطرة القوات النظامية. وفي هذه المدينة، حاولت القوى الامنية تفريق تظاهرة عبر اطلاق النار، ما تسبب باصابة عدد من الاشخاص بجروح. في الوقت نفسه، اطلق قناص النار على احد المتظاهرين، فارداه، بحسب المرصد. واشار المرصد الى اشتباك اعقب الحادث، ثم مقتل ثلاثة اشخاص آخرين في المدينة برصاص قناصة. سياسيا، جددت دمشق الجمعة انتقادها الاخضر الابراهيمي بعد دعوته الدول المتحالفة مع النظام السوري الى الضغط عليه من اجل بدء الحل السياسي، مؤكدة ان الرئيس بشار الاسد لا يناقش شكل النظام السياسي والمسائل الداخلية "مع اي احد غير سوري". في باريس، افادت منظمة مراسلون بلا حدود ان مصورا صحافيا مستقلا هو اوليفييه فوازان اصيب بجروح بالغة في سوريا مع نهاية كانون الثاني/يناير وهو يرقد في احد مستشفيات تركيا في وضع حرج. وتظاهر نحو 300 لاجىء بمخيم الزعتري للاجئين السوريين (شمال الاردن) مطالبين العالم بتسليح الجيش الحر، ومؤكدين ان "النصر قادم". |
واشنطن وموسكو وجهان لموقف واحد من الثورة السورية الطاهر إبراهيم عندما كان نظام بشار أسد يقمع التظاهرات بشدة، فيسقط قتلى وجرحى دون أن يردعه رادع، ظن السوريون أن بشار أخذ ضوءا أخضر من مجلس الأمن، رغم أن دول غربية كانت تطرح قرارات في مجلس الأمن تطالب بوضع ما يحصل في سورية تحت البند السابع، فتضطر بكين وموسكو أن ترفعا "الفيتو" ثلاث مرات لإجهاض تلك القرارات. الرئيس "باراك أوباما" ووزيرة خارجيته "كلينتون" لم يتوقفا عن التنديد بمسلك بشار أسد ومطالبته بالرحيل، لكن دون جدوى. ومع نهوض الجيش السوري الحر للدفاع عن المتظاهرين، وازدياد عدد القتلى من المدنيين، خصوصا في أحياء مدينة حمص، ازدادت مطالبة السوريين مجلسَ الأمن بفرض ملاذات آمنة على غرار ما فرض في كوسوفو، لكن الصين وروسيا أصرتا على رفض ذلك. بعض خبراء السياسة العريقين أشاروا بإصبع الاتهام إلى واشنطن وقالوا لو أرادت لنزلت موسكو عند رأيها .لكن بقي أكثر السوريين يأملون أن تكون واشنطن صادقة فيما تقول، وتنجح بإقناع موسكو بأن تتخلى عن بشار أسد، فتوافق على قرار يضع نظامه تحت البند السابع. الاختبار الثاني الذي فشلت واشنطن في تبريره هو رفضها تسليح الجيش الحر بصواريخ توقف القصف الجوي أو تخففه. وبدلا من ذلك حضت حلفاءها على الامتناع عن تسليح الجيش الحر، خوفا من وقوع هذه الأسلحة بيد الإرهابيين أو المتطرفين الإسلاميين. واشنطن لم تطرح هذه الحجة أثناء تحرير ليبيا، وكانت تعرف أن المعارضين الليبيين كان فيهم من قاتل في أفغانستان ، وليس بين السوريين من فعل ذلك. عندما دعمت واشنطن المجلس الوطني السوري المعارض الذي أعلن عنه في أوائل أكتوبر من عام 2011، وحشدت له ما سمي بدول أصدقاء سورية في عدة مؤتمرات، كان أولها في تونس في 24 فبراير 2012، واعترف مؤتمر تونس بالمجلس الوطني كممثل شرعي للشعب السوري ، قال المعارضون السوريون: لعل وعسى، لكن ذلك كان إلى حين. كان التغير الثالث الذي أثار تساؤلات يوم أعطت واشنطن ضوءاً أخضر لإنشاء جسم معارض سوري آخر غير المجلس الوطني، حيث أعلنت ذلك "هيلاري كلنتون" من زغرب في كرواتيا. وأعلن في الدوحة عن تشكيل الائتلاف الوطني للمعارضة السورية في 10 نوفمبر 2012. ولم يعرف أحد لماذا هذا التشكيل الجديد؟ لكن ذلك لم يطل حيث أعلن الرئيس "باراك أوباما" وضع "جبهة النصرة"، أكبر الجبهات المقاتلة في الجيش الحر وأكثرها تنظيما، على قائمة الإرهاب. على ما يظهر كان مطلوبا من الائتلاف الوطني أن يعلن موافقته على إعلان "أوباما"، لكن ذلك لم يحصل، بل حصل العكس. فقد توالى التنديد بإعلان "أوباما" وضع جبهة النصرة على قائمة الإرهاب: من رئيس الائتلاف "الخطيب" ونائبه "صبرة" ومن العميد "سليم ادريس" رئيس أركان الجيش الحر ومن قادة الوحدات العسكرية المقاتلة، كلهم اعتبر أن جبهة النصرة فصيل سوري مقاتل، وطني وحر. على إثر هذا التنديد تغير سلوك واشنطن تجاه معظم مؤسسات المعارضة. فقد أوقف المانحون تمويل الائتلاف الوطني، الذي أعلن أن كل ما وصله هو 400 ألف دولار. المجلس العسكري المكون من الوحدات المقاتلة في سورية هو الآخر تم إهماله. وكان قد أعلن، قبل وقت قصير من تشكيل الائتلاف، عن تشكيل مجالس عسكرية في سورية بحضور ضباط مخابرات أمريكية وأوروبية وتركية وعربية، واختير العميد "سليم إدريس" رئيسا لأركانه. "اتفاق جنيف" الذي وضع على "الرف" أعيد إلى الواجهة بحيث يتم تفعيل ما جاء فيه من تشكيل حكومة مؤلفة من رموز النظام مع معارضين آخرين مع تجاهل مصير بشار أسد. ما يعني أن الخلاف المعلن بين واشنطن وموسكو لم يكن إلا ذرا للرماد في العيون. "فرانسوا أولاند" رئيس فرنسا هو الآخر أكد على عدم تسليح الجيش الحر -وكان قبل ذلك يدعم تسليحه- حتى لا يزيد سورية اشتعالا، (من يوقف روسيا عن توريد السلاح للنظام؟). لكن ما سبب رفض "أوباما" تسليح الجيش الحر؟ يوم 9 فبراير الجاري أعلن البيت الأبيض أن (الرئيس الأميركي "باراك أوباما"رفض، العام الماضي، تسليح المعارضة السورية بهدف حماية المدنيين الإسرائيليين وحماية امن الولايات المتحدة). هذا يخالف ماذهبت إليه "هيلاري كلينتون" الصيف الماضي حين اقترحت تسليح مقاتلي المعارضة السورية، ودعمها في ذلك وزير الدفاع "ليون بانيتا". هذه الفكرة أيدها مدير الاستخبارات المركزية الامريكية "ديفيد بترايوس"، فرفضها البيت الأبيض في حينها. أثار إعلان البيت الأبيض آنفا غضب أعضاء الكونغرس المؤيد لدعم تسليح المقاتلين المعارضين السوريين، كما ظهر باستجواب جون ماكين جون كيري. القضية عند أوباما كانت أصوات اليهود في الانتخابات الرئاسية في الصيف الماضي. ولم يكن وضع جبهة "النصرة" على قائمة الإرهاب إلا رشوة من "أوباما" للكونغرس الأمريكي الغاضب. لكن، لماذا بقيت واشنطن ترفض تسليح الجيش الحر، وقد مرت الانتخابات الرئاسية بعجرها وبجرها؟ ولماذا هذا الموقف الجديد المستغرب من الرئيس الفرنسي "فرانسوا أولاند" الذي كان يزعم أنه أكبر داعم للمعارضة السورية ضد نظام بشار أسد؟ من إعلان البيت الأبيض أعلاه يتضح أن العامل "الإسرائيلي" هو السبب الحاكم عند واشنطن، وعند باريس كذلك. فليس ثَمّ أي مصلحة لإسرائيل في رحيل نظام "آل أسد" حامي حدودها على مدى 40 عاما، وعلى السوريين أن يضعوا ذلك في حسبانهم. أسلوب "التحريش" بين الفصائل المقاتلة الذي تسلكه واشنطن عندما تضع جبهة النصرة على قائمة الإرهاب، وهي تلوح بذلك لباقي الفصائل بأن السلاح لن يصلها ما لم تنبذ جبهة النصرة، لَيدلّ على جهل واشنطن أو تجاهلها من هو الشعب السوري؟ وإذا كانت واشنطن تجهل أو تتجاهل، فما بال فرنسا التي تعرف الشعب السوري حق المعرفة عن قرب حين احتلت سورية في عام 1920، فلم تستطع أن تبقى فيها إلا أقل من 25 عاما، ثم لتخرج هاربة عام 1946، تحت وابل رصاص مقاتلي غوطة دمشق وباقي المحافظات. |
تدمير سورية بالصواريخ الروسية ثمرة للقرار الأوربي والصمت العربي والعبث الدولي بالمبادرات الميتة بعد ساعات من قرار أوربي بمواصلة حرمان الشعب السوري من حمل السلاح دفاعاً عن نفسه واستمرار مساواة النظام السفاح بالشعب المدافع عن بقاءه ، وقرار آخر من لجنة تحقيق أممية كاد يزيل الفارق الأخلاقي بين جرائم إبادة منظمة يرتكبها نظام مدجج بالسلاح وتجاوزات فردية متناثرة لم تقرها يوماً أي جهة سورية ذات اعتبار ، بعد هذه الاشارات المتواطئة الواضحة قصف النظام السوري مدينة وريف حلب ، أكبر تجمع سكاني في سورية ، بصواريخ بالستية روسية الصنع ، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين ، وهدم بيوتهم فوق رؤوسهم إن قصف حلب بهذه الطريقة ، يعني بداية مرحلة جديدة من العنف الأعمى المعمم ضد المدن الكبرى يهدف فقط للترويع، والانتقام من المناطق المحررة . فبعد أن فقد نظام الإرهاب السيطرة على مطارات حلب، وهرب جنوده من معظم أراضيها، لم يعد أمام النظام سوى الاعتماد على التنكنولوجيا الروسية والإيرانية لتحمل الموت عبر مئات الكيلومترات يشعر الشعب السوري بالمرارة الشديدة وهو يرى صمت العالم على قتل أطفاله ومدنييه بأبشع الأساليب ، فيما يواصل الموفد الأممي النفخ في جثث المبادرات التي ولدت ميته ، كما وصفها الجيش السوري الحر ، عله يبث في الميت الحياة تشارك روسيا ، وتشارك إيران ، ويشارك حزب الله في قتل السوريين فيما الجامعة العربية خرساء ، والدول المسؤولة عن أمن المنطقة تتفرج على انزلاق سورية في أخطر دوائر العنف والدمار إلى متى يحرم الشعب السوري من حق الدفاع عن نفسه ؟ إلى متى يتخلى عنه الشقيق والجار ؟ وإلى متى يخذله العالم ؟ هل يراد إيصال السوريين إلى اليأس المخرج عن العقلانية ، وأكبر مولد للتطرف والعنف |
مشاهدات من الشمال السوري المحرر (2) مخيّم لاجئين.. عمره أربعة آلاف سنة د. مؤمن مأمون ديرانية تقف السيارة في نهاية طريق مزفّت قرب موقع أثري في الريف السوري المحرر، وينزل بعض الرجال يستطلعون المكان مشياً على الأقدام.. تبدأ المباني الأثرية بالظهور، وتصعد الطريق بهم قليلاً ثم تنزل ثانيةَ بعض الشيء، فتكشف وادياً واسعاً ينتشر فيه على مدّ البصر عدد كبير من المقابر الأثريّة القديمة، وكأنّما يدخلون المدينة المفقودة التي طالما شوّقتنا قصتها ونحن صغار.. لا يشاهدون مدينة تسكنها الأشباح وتعشّش فيها بيوت العنكبوت كما يتوقّعون، بل يُصعقون بمشهد أطفال يركضون ونساء يتوارين وشيوخ يتعكزون ورجال يقبلون عليهم رويداً والريبة والخوف ترتسم على وجوههم. لقد التجأ هؤلاء البؤساء من عالم القرن الواحد والعشرين إلى عالم القرن الثاني قبل الميلاد، لعلهم يجدون الأمان في ذلك الزمن الأغبر بعد أن عدموه في عصر الحضارة وحقوق الإنسان.. التجؤوا من عالم الصامتين على ذبحهم، الموتى السائرين على الأرض، إلى عالم الموتى المدفونين تحت الأرض، لعل أولئك يفيقون ويتكلمون.. وما أن يتقدم الرجال نحوهم حتى يبادر أكثر هؤلاء البؤساء إلى الاختفاء في المقابر والسراديب خوفاً من غدر غادر، فقد لفحتهم كثيراً رياح الغدر. وما أن يرفع أحد الرجال آلة التصوير يريد التقاط صور ينقل بها معاناة هؤلاء المساكين إلى العالم لعله يتوقف عن صمته وإلى أهل الخير لعلهم يمدون يد عون إليهم، ما أن يرفع المصوّر آلة التصوير حتى يقفز إليه أكثر من واحد منهم فزعين يرجونه أن يتوقف، لأن طائرات "الميغ" ستأتيهم وتصب عليهم قذائفها إذا عُرف مكانهم، وما لجؤوا إليه إلا هرباً من جحيم القصف. تركوا ديارهم ولجؤوا إلى هذه المقابر الأثرية طلباً للأمان وهرباً من جحيم مدافع وصواريخ وطائرات النظام المجرم الذي لم يستخدم يوماً أيّاً منها ضد اليهود المحتلين وادّخرها لشعبه من المدنيين العُزّل. جموع من الناس المشردين عن بيوتهم في ثياب رثّة يهيمون بين هذه الأطلال، أكثرهم من الشيوخ والنساء والأطفال، فالشباب خرجوا للقتال دفاعاً عن أهلهم. وقد نصبوا بعض "الشوادر" على هذه القبور لعلها تدفع عنهم شيئاً من بلل المطر وبرد الشتاء. أي غطاء يغطيهم في هذا البرد القارس وأي طعام يأكلون وأي ماء يشربون! يستأذنهم طبيب من الركب أن يستطلع إحدى هذه المقابر التي يسكنونها فلا يمانعون بعد أن اطمأنوا إليه.. ينزل درجاً إلى عمق المقبرة، فيجد رضيعاً ملفوفاً في رداء مهترئ ممدداً على أرض المقبرة تحت سطح الأرض بمترين أو ثلاثة، ولا يكاد يوجد هناك مقدار من الأكسجين يكفي لتنفّسه.. يحسّ بالعبثيّة والسخرية والمرارة وهو يوصيهم بتهوية المكان من أجل الرضيع الصغير.. هل كان عليه أيضاً أن يوصيهم بتغذيته جيداً وهم لا يجدون لقمة العيش! أم يوصيهم بتدفئته من هذا البرد القارس وهم جالسون في العراء لا تؤويهم إلا جدران هذه المقابر القديمة! يعود أدراجه يجرّ قدميه صاعداً الدرجات المتكسّرة إلى الخارج لا يدري يبكي من: الشهداء الذين يُذبحون أو يُقتلون أو تُهدّم بيوتهم على رؤوسهم، أم الجرحى الذين ينزفون حتى الموت أو يقضون بلا علاج، أم الأسرى الذين يسومهم المجرمون سوء العذاب في كل ساعة، أم المرابطين تحت قصف المدافع والصواريخ والطائرات التي تُغير عليهم في كل ساعة، أم اللاجئين الهاربين من الجحيم الذين لا يجدون مأوى ولا مأكل ولا مشرب! ومن يستطيع ألا يبكي هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء! ... وما أن يخرج من هذا القبو حتى يأخذوه إلى فتاة مريضة في أحد أطراف هذا المخيم الحجري، وقد فتك بها التهاب شديد في عظم الساق فأتلف ساقها وأقعدها، يطلبون العون في علاجها. * * * بعد هذا المشهد الأليم لا بد من كلمة، ليس والله تقليلاً من معاناة بعض أهلنا ولكن إنصافاً لمعاناة من هو أكثر بؤساً منهم، ورسماً لصورة غائبة بصورة حاضرة. كثيراً ما تناقل الناس أخبار اللاجئين السوريين ومعاناتهم في تركيا، وفي لبنان، وفي الأردن، في مخيم الزعتري وغيره من مخيمات البؤس، وزاروا أهلنا في المخيمات وسالت الدموع ألماً عليهم، والحق أن وضعهم مؤلم ويستحق هذه الدموع ويستحق مد يد العون؛ العائلة الكاملة تقيم في خيمة أو غرفة وتعيش على الكفاف.. ولكن بالمقارنة مع أهلنا اللاجئين في الداخل الهائمين على وجوههم من أرض إلى أرض فراراً من الموت الذي ينصب عليهم أينما حلّوا، وقد انقطعت بهم السبل بلا مأوى ولا مأكل ولا مشرب، بالمقارنة مع هؤلاء فأهلنا في مخيمات الخارج على الأقل آمنون، لا تنزل عليهم القذائف "والبراميل"، ولديهم سقف يُظلّهم، ولا يموتون جوعاً. إن الحقيقة التي لا مراء فيها أن لاجئي الداخل أوضاعهم مؤلمة، أكثر كثيراً من لاجئي الخارج، وأحوالهم تُبكي الحجر وتقطّع القلوب.. اللاجئون السوريون الداخليون أكثر عدداً وأصعب حالاً من اللاجئين الخارجيين بأضعاف، جاوزوا خمسة ملايين بالمقارنة مع نحو نصف مليون لاجئ في الخارج. وإذا كان أولئك تسكن العائلة منهم في خيمة أو غرفة، فهؤلاء المحظوظون منهم ينزلون في المساجد والمدارس، والآخرون يفترشون الحدائق والملاعب والطرقات، يلفحهم برد الشتاء القارس ويعضّهم الجوع، وفي أحسن الأحوال يتقاسمون لقمة العيش مع أهل الأحياء المحيطة، ولا يأمنون القصف الذي يلاحقهم من مكان إلى مكان، بالإضافة إلى الملاحقة والاعتقال للناشطين منهم. * * * شعب سورية المجاهد ماض في ثورته حتى النصر بإذن الله. والخيّرون يعملون دون كلل ولا ملل، بعض الخيّرين الثقاة في هذه المنطقة قد بادروا إلى إنشاء جمعية خيرية لإغاثة الناس ومساعدتهم والنهوض بالمنطقة، وقد بدؤوا بإحصاء هؤلاء اللاجئين والعمل على إغاثتهم، لكنهم يحتاجون من يقف معهم ويدعمهم، وسيجدون بإذن الله من يؤازرهم، فالخير في هذه الأمة إلى يوم الدين. |
أي بلاء أصاب العرب في هذا الجار الطامع النكد!! محمد فاروق الإمام إن المرء ليحار في كيفية التعامل مع جار السوء الطامع النكد الذي لا تهتز له جارحة إنسانية تجاه ما يجري لجاره وما يتعرض له من قتل وتدمير وتهجير منظم على يد سفاح لا يرتوي من دماء شعبه ولا يشبع من نهش لحمه. هذا الجار الذي يدعي إعانة المظلومين في مواجهة الاستكبار العالمي المفترض، والذي يلبس ثوب الإسلام ويدعي نصرة المسلمين المقهورين في كل مكان من العالم، ويدلس على شعوب المنطقة بأنه حامي بيضة الإسلام والمنافح عن مقدسات المسلمين وراعي المقاومة التي تريد تحرير أراضي المسلمين. هذا الجار الشؤم المصاب بعمى الألوان؛ والذي يعتقد أن تحرير القدس والجولان يمر عبر بيروت ودمشق وبغداد والمنامة والكويت والجزر العربية، وأنه لن يتحقق هذا التحرير إلا بعد ضم سورية والبحرين والكويت والعراق إلى ممتلكاته ليتمكن بعد ذلك من تحرير فلسطين والجولان ومزارع شبعا، والمضحك المبكي أن هذا الجار الشؤم قد تمكن من اللعب في عقول بعض النخب وأقنعهم أن هذا الطريق وحده هو الذي يؤدي إلى القدس والجولان وشبعا!! هذا الجار الطامع النكد لم تكن مخططاته أحلام يقظة بل هي وقائع يعلنها وينفذها سواء عن طريقه أو عن طريق يده الطويلة التي بنت مخالب وأنياب في المنطقة العربية منذ أن وطئت أقدام خميني مطار طهران قبل ثلاثة وثلاثين سنة، مبشراً بثورة في مواجهة الاستكبار العالمي والوقوف إلى جانب المظلومين والمقهورين والمحرومين، وتصدير الثورة التي يتبناها إلى دول الجوار والمنطقة العربية، والحديث يطول فيما إذا تحدثنا عن التفاصيل التي ليس هذا مجالها في هذا المقال. الجار الطامع النكد إيران سارعت ومن الأيام الأولى لإعلان الثورة في سورية إلى الوقوف إلى جانب النظام الديكتاتوري الباغي الذي سام السوريين لنحو نصف قرن سوء العذاب، فقدم له كل أشكال الدعم بلا حدود، من سلاح وعتاد وخبرة وتدريب ومقاتلين عبر جسور جوية وبحرية وأرضية لم تتوقف ولا تزال، دعماً له للتغول في سفك دماء السوريين وتدمير مدنهم وبلداتهم وقراهم وتخريب البنية التحتية من طرق وجسور ومياه وكهرباء واتصالات، وكان الدعم يأخذ مستويات عالية كلما تمكن الثوار من التقدم نحو دمشق وتضييق الخناق على النظام. لم تهضم معدة هذا الجار الطامع النكد ما يحققه الثوار من انتصارات وما تلحقه من هزائم بعصابات الأسد، فأعلن صراحة أنه لن يسمح بسقوط الأسد أو هزيمته، معتبراً سقوط النظام سقوط لطهران وهزيمة بشار هزيمة لخامنئي. ففي تصريحات غريبة عجيبة أطلقها أحد رموز هذا الجار النكد الطامع، المعمم مهدي طائب، المسؤول عن مكافحة الحرب الناعمة الموجهة ضد إيران، أماط اللثام فيها عن نوايا إيران الشريرة، حيث يقول: "لو خسرنا سوريا لا يمكن أن نحتفظ بطهران.. ولكن لو خسرنا إقليم خوزستان الأهواز سنستعيده ما دمنا نحتفظ بسوريا". طائب ذهب بعيداً في تصريحاته فقد قال: "إن سورية هي المحافظة الـ35، وتعد محافظة استراتيجية بالنسبة لنا. فإذا هاجمنا العدو بغية احتلال سوريا أو خوزستان، فالأولى بنا أن نحتفظ بسوريا". ولمن لا يعرف فإن خوزستان هي منطقة الأهواز العربية التي احتلتها إيران بالخديعة والغدر بعد أن يئست من احتلالها عن طريق جيوشها، وباختصار فإن بريطانيا دفعت إمبراطور إيران الأسبق أحمد شاه القاجاري عام 1916 لاجتياح إمارة الأهواز "عربستان"، فتقدمت القوات الإيرانية نحو الإمارة، إلا أنه بعد شهرين من المقاومة اضطرت للتقهقر وتم توقيع معاهدة عدم اعتداء بين ايران وإمارة الأهواز. وهنا أدرك شاه إيران أنه لابد من اللجوء الى الخديعة لتحقيق مأربه. ففي عام 1925 طلب من حاكم الإمارة الشيخ خزعل السماح لوفد برئاسة الجنرال رضا بهلوي (الذي استولى على السلطة فيما بعد وأصبح شاه ايران) بزيارته، وبالفعل قدم الوفد على ظهر طراد إنجليزي وعند انتهاء الزيارة دعا بهلوي الشيخ خزعل لزيارة الطراد وتفقده، فلبى الدعوة وهناك اعتقل وأرسل الى ايران. وأعلن الشاه أن الشيخ خزعل اعترف بدخول القوات الايرانية للإمارة. وما لبث أن تم احتلال المحمرة وعبدان وسائر أرجاء الإمارة. وقتل الشيخ خزعل غيلة وغدراً في طهران هو وأخيه مزعل . وفي الأهواز العربية نحو 90% من النفط الإيراني. ولم يكتف هذا الجار الطامع النكد بكل ما أقدم عليه وما عمل له وما صرح به بل أوعز إلى صنيعته حسن نصر اللات في لبنان ليفتعل احتكاكاً بالثوار لإشغالهم عن المهمة الرئيسية التي ثاروا من أجلها، وهي إسقاط نظام بشار الأسد بكل رموزه وأركانه، ففعل العميل الرخيص ما أمرته به طهران فحرك عدداً من أفراد عصاباته باتجاه الأراضي السورية ليحتلوا عدداً من القرى السورية ويهجروا سكان بعضها ممن لا ينتمون إلى طائفتهم، وهذا دفع الجيش الحر إلى الاشتباك مع هذه الحفنة من المرتزقة وقتل عدداً منهم، والاستعداد لإخراجهم من هذه القرى نهائياً، وفي الوقت ذاته وجه قائد الجيش الحر اللواء سليم إدريس إنذاراً لحزب اللات بضرورة سحب مجموعاته المسلحة من القرى السورية المحتلة خلال 48 ساعة وإلا فإن الجيش الحر سيضطر إلى التعامل معهم على أنهم مرتزقة، وأنه لن يوفر أي نوع ممن السلاح في مواجهتهم والرد - مضطراً - على مصادر النيران داخل الأراضي اللبنانية، على عكس تمنياته بعدم وقوع مثل هذه المواجهة التي لا تخدم الثوار ولا حزب اللات. أخيراً فإنني أعتقد أن هذا الجار الطامع النكد سيظل سابراً بغيه وضلاله في تأييد السفاح بشار الأسد حتى النهاية، ولكن الأمل في كف يد حزب اللات ووقفه عند حده بمبادرة من الدولة اللبنانية، التي يكفيها ما احتملت من حرب أهلية مدمرة لنحو 15 سنة، وأن على عقلاء لبنان ان يسارعوا إلى الوقوف في وجه نصر اللات الذي يدفعهم إلى حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، إرضاء للجار الطامع النكد، وتنفيذاً لأجندته التوسعية وتجسيداً لأحلامه الخرافية، على حساب أمن واستقرار المنطقة ودولها وشعوبها. |
واشنطن ترفض تسليح الجيش السوري الحر .. لماذا؟ الطاهر إبراهيم عندما كان نظام بشار أسد يقمع التظاهرات بشدة، فيسقط قتلى وجرحى دون أن يردعه رادع، ظن السوريون أن بشار أخذ ضوءا أخضر من مجلس الأمن، رغم أن دول غربية كانت تطرح قرارات في مجلس الأمن تطالب بوضع ما يحصل في سورية تحت البند السابع، فتضطر بكين وموسكو أن ترفعا "الفيتو" ثلاث مرات لإجهاض تلك القرارات. الرئيس "باراك أوباما" ووزيرة خارجيته "كلينتون" لم يتوقفا عن التنديد بمسلك بشار أسد ومطالبته بالرحيل، لكن دون جدوى. ومع نهوض الجيش السوري الحر للدفاع عن المتظاهرين، وازدياد عدد القتلى من المدنيين، خصوصا في أحياء مدينة حمص، ازدادت مطالبة السوريين مجلسَ الأمن بفرض ملاذات آمنة على غرار ما فرض في كوسوفو، لكن الصين وروسيا أصرتا على رفض ذلك. بعض خبراء السياسة العريقين أشاروا بإصبع الاتهام إلى واشنطن وقالوا لو أرادت لنزلت موسكو عند رأيها .لكن بقي أكثر السوريين يأملون أن تكون واشنطن صادقة فيما تقول، وتنجح بإقناع موسكو بأن تتخلى عن بشار أسد، فتوافق على قرار يضع نظامه تحت البند السابع. الاختبار الثاني الذي فشلت واشنطن في تبريره هو رفضها تسليح الجيش الحر بصواريخ توقف القصف الجوي أو تخففه. وبدلا من ذلك حضت حلفاءها على الامتناع عن تسليح الجيش الحر، خوفا من وقوع هذه الأسلحة بيد الإرهابيين أو المتطرفين الإسلاميين. واشنطن لم تطرح هذه الحجة أثناء تحرير ليبيا، وكانت تعرف أن المعارضين الليبيين كان فيهم من قاتل في أفغانستان ، وليس بين السوريين من فعل ذلك. عندما دعمت واشنطن المجلس الوطني السوري المعارض الذي أعلن عنه في أوائل أكتوبر من عام 2011، وحشدت له ما سمي بدول أصدقاء سورية في عدة مؤتمرات، كان أولها في تونس في 24 فبراير 2012، واعترف مؤتمر تونس بالمجلس الوطني كممثل شرعي للشعب السوري ، قال المعارضون السوريون: لعل وعسى، لكن ذلك كان إلى حين. كان التغير الثالث الذي أثار تساؤلات يوم أعطت واشنطن ضوءاً أخضر لإنشاء جسم معارض سوري آخر غير المجلس الوطني، حيث أعلنت ذلك "هيلاري كلنتون" من زغرب في كرواتيا. وأعلن في الدوحة عن تشكيل الائتلاف الوطني للمعارضة السورية في 10 نوفمبر 2012. ولم يعرف أحد لماذا هذا التشكيل الجديد؟ لكن ذلك لم يطل حيث أعلن الرئيس "باراك أوباما" وضع "جبهة النصرة"، أكبر الجبهات المقاتلة في الجيش الحر وأكثرها تنظيما، على قائمة الإرهاب. على ما يظهر كان مطلوبا من الائتلاف الوطني أن يعلن موافقته على إعلان "أوباما"، لكن ذلك لم يحصل، بل حصل العكس. فقد توالى التنديد بإعلان "أوباما" وضع جبهة النصرة على قائمة الإرهاب: من رئيس الائتلاف "الخطيب" ونائبه "صبرة" ومن العميد "سليم ادريس" رئيس أركان الجيش الحر ومن قادة الوحدات العسكرية المقاتلة، كلهم اعتبر أن جبهة النصرة فصيل سوري مقاتل، وطني وحر. على إثر هذا التنديد تغير سلوك واشنطن تجاه معظم مؤسسات المعارضة. فقد أوقف المانحون تمويل الائتلاف الوطني، الذي أعلن أن كل ما وصله هو 400 ألف دولار. المجلس العسكري المكون من الوحدات المقاتلة في سورية هو الآخر تم إهماله. وكان قد أعلن، قبل وقت قصير من تشكيل الائتلاف، عن تشكيل مجالس عسكرية في سورية بحضور ضباط مخابرات أمريكية وأوروبية وتركية وعربية، واختير العميد "سليم إدريس" رئيسا لأركانه. "اتفاق جنيف" الذي وضع على "الرف" أعيد إلى الواجهة بحيث يتم تفعيل ما جاء فيه من تشكيل حكومة مؤلفة من رموز النظام مع معارضين آخرين مع تجاهل مصير بشار أسد. ما يعني أن الخلاف المعلن بين واشنطن وموسكو لم يكن إلا ذرا للرماد في العيون. "فرانسوا أولاند" رئيس فرنسا هو الآخر أكد على عدم تسليح الجيش الحر -وكان قبل ذلك يدعم تسليحه- حتى لا يزيد سورية اشتعالا، (من يوقف روسيا عن توريد السلاح للنظام؟). لكن ما سبب رفض "أوباما" تسليح الجيش الحر؟ يوم 9 فبراير الجاري أعلن البيت الأبيض أن (الرئيس الأميركي "باراك أوباما"رفض، العام الماضي، تسليح المعارضة السورية بهدف حماية المدنيين الإسرائيليين وحماية امن الولايات المتحدة). هذا يخالف ماذهبت إليه "هيلاري كلينتون" الصيف الماضي حين اقترحت تسليح مقاتلي المعارضة السورية، ودعمها في ذلك وزير الدفاع "ليون بانيتا". هذه الفكرة أيدها مدير الاستخبارات المركزية الامريكية "ديفيد بترايوس"، فرفضها البيت الأبيض في حينها. أثار إعلان البيت الأبيض آنفا غضب أعضاء الكونغرس المؤيد لدعم تسليح المقاتلين المعارضين السوريين، كما ظهر باستجواب جون ماكين جون كيري. القضية عند أوباما كانت أصوات اليهود في الانتخابات الرئاسية في الصيف الماضي. ولم يكن وضع جبهة "النصرة" على قائمة الإرهاب إلا رشوة من "أوباما" للكونغرس الأمريكي الغاضب. لكن، لماذا بقيت واشنطن ترفض تسليح الجيش الحر، وقد مرت الانتخابات الرئاسية بعجرها وبجرها؟ ولماذا هذا الموقف الجديد المستغرب من الرئيس الفرنسي "فرانسوا أولاند" الذي كان يزعم أنه أكبر داعم للمعارضة السورية ضد نظام بشار أسد؟ من إعلان البيت الأبيض أعلاه يتضح أن العامل "الإسرائيلي" هو السبب الحاكم عند واشنطن، وعند باريس كذلك. فليس ثَمّ أي مصلحة لإسرائيل في رحيل نظام "آل أسد" حامي حدودها على مدى 40 عاما، وعلى السوريين أن يضعوا ذلك في حسبانهم. أسلوب "التحريش" بين الفصائل المقاتلة الذي تسلكه واشنطن عندما تضع جبهة النصرة على قائمة الإرهاب، وهي تلوح بذلك لباقي الفصائل بأن السلاح لن يصلها ما لم تنبذ جبهة النصرة، لَيدلّ على جهل واشنطن أو تجاهلها من هو الشعب السوري؟ وإذا كانت واشنطن تجهل أو تتجاهل، فما بال فرنسا التي تعرف الشعب السوري حق المعرفة عن قرب حين احتلت سورية في عام 1920، فلم تستطع أن تبقى فيها إلا أقل من 25 عاما، ثم لتخرج هاربة عام 1946، تحت وابل رصاص مقاتلي غوطة دمشق وباقي المحافظات. |
عندما يؤكد الإيرانيون أن سوريا هي محافظة إيرانية!! أحمد النعيمي بعد عشرات من التصريحات التي كان يطلقها الإيرانيون بين الفينة والأخرى على خلفية أحداث الثورة السورية، وفيها اعتراف بوجودهم في سوريا وقوات حرس ثوري تقاتل إلى جانب الأسد في معركته، إضافة إلى اعتراف "علي ولايتي" نائب الخامنئي الولي الفقيه الإيراني الأخير من أن الاعتداء على سوريا يمثل اعتداءً مباشراً على إيران، وأن سوريا خط أحمر إيراني، حتى جاء تصريح فريد من نوعه يوم الخميس الرابع عشر من شهر شباط الحالي على لسان رجل الدين الإيراني "مهدي طائب" الذي يترأس مقر "عمار الاستراتيجي" لمكافحة الحرب الناعمة الموجهة ضد الجمهورية الإيرانية، جاء فيه:" سوريا هي المحافظة الـ35 وتعد محافظة إستراتيجية بالنسبة لنا، فإذا هاجمنا العدو بغية احتلال سوريا أو خوزستان، الأولى بنا أن نحتفظ بسوريا"، وهو أوضح تصريح يكشف فيه حقيقة التدخل الإيراني السافر في الشأن السوري، حتى لم يعد هناك مجال لشاك أن يشك بأن الدماء التي أريقت والأعراض التي استباحت والشعب الذي هجر واعتقل، إنما كان نتيجة لمحاولته إنهاء الاحتلال الإيراني للأراضي السورية!! وهو كذلك يفسر وجود نصر الله والمالكي إلى جانب المجرم الأسد ومشاركتهم في ذبح الشعب السوري، لأن هؤلاء القتلة جميعاً ينتمون إلى هذا الحلف الإجرامي البغيض!! وهو ما فهمه الشعب السوري المنتفض عن بكرة أبيه وهو ما أكده في كل مرحلة من مراحل ثورته المباركة، واثبت للعالم مشاركة هذا الحلف الإرهابي في ذبح الشعب السوري، دون أن تلقى صرختهم تلك أي مبالاة من المنظومة الإرهابية التي تشارك في التعتيم عن حروب الإبادة المشنونة على الشعب السوري؛ والتي كان آخرها تأكيد الناشط "هادي العبد الله" اليوم أن عناصر الجيش الحر تمكنت من قتل 12 عنصراً من عناصر حزب الله أثناء محاولتهم اقتحام قرى القصير. بينما بدا الائتلاف السوري المعارض والمقيم خارج الأراضي السورية كأنه يعيش واقعاً بعيداً كل البعد عن الحقيقة التي يريد الشعب السوري إيصالها إلى العالم، وهي أن الذي يقتل الشعب السوري هو الاحتلال الإيراني، وإن كنا أقرب للحقيقة فالائتلاف – سواءً علم هذا أم لم يعلمه– يشارك هذه المنظومة كذلك في لخبطة الأوراق والتعمية عن الدور الإيراني وحقيقة احتلاله للأراضي السورية، حتى شهدنا الخطيب وهو يجتمع مع صالحي وزير الخارجية الإيراني في مؤتمر الأمن الذي انعقد مؤخراً في "ميونخ" بحجة أنه يحمل مبادرة شخصية لوقف القتل الدائر في سوريا، إضافة إلى البيان الذي أصدره الائتلاف الوطني يوم الخميس الماضي المكون من ثمانية نقاط، وفي النقطة السابعة من البيان يوجه الائتلاف نداءً إلى إيران جاء فيه:" على القيادة الإيرانية أن تدرك أن سياستها بدعم بشار الأسد تحمل مخاطر اندلاع صراع طائفي في المنطقة، وذلك لن يكون في مصلحة أي طرف من الأطراف، على إيران أن تدرك أن بشار الأسد ونظامه لم يعد لهما أي حظ بالبقاء ومن المحال أن ينتصر على إرادة الشعب".. وقد وصف "وليد البني" أحد أعضاء مكتب الائتلاف البيان بأنه جاء موافقاً لمبادرة الخطيب لكن الائتلاف وضع خطوطاً حمراء عريضة لمحادثات السلام ستطرح للموافقة عليها من جانب الائتلاف بكامل أعضائه يوم الخميس القادم، أي أن مبادرة الخطيب ومن بعدها بيان الائتلاف الوطني قد أسس لحوار مع القتلة إيران وروسيا الرافضتين لأي حديث عن رحيل المجرم الأسد، بعد أن كان الجلوس إلى روسيا أو إيران من المحرمات، تمهيداً لجلوس المعارضة وجهاً لوجه مع الأسد في دمشق. ما يجري على أرض الواقع يبين أن المعارضة السورية تعيش بعيداً عن معاناة الشعب السوري المباد، ولا تعي وقائع الأحداث، ولكن بعد تصريحات إيران الأخيرة وإعلانها عن حقيقة الاحتلال الإيراني لسوريا، وأن سوريا ليست سوى محافظة إيرانية، يستوجب اليوم على الائتلاف الوطني إنهاء هذه المبادرة من فورهم، ولم يعد مقبولاً منهم أي تبرير لأن إبادة الشعب السوري تقاد مباشرة من المحتل الإيراني، وتوجيههم تهمة الإبادة بحق الشعب السوري مباشرة إلى إيران، ورفضهم أي حوار تمثله روسيا أو إيران كما يزعمون رفضهم للحوار مع الأسد، لأن روسيا وإيران والمجرم الأسد وجوه لعملة واحدة، والاعتذار من جديد للشعب السوري، والوقوف خلف صفوفه، بدلاً أن يكونوا جزءً من المؤامرة الموجهة إلى الشعب السوري المباد، والساعية إلى إبقاء المجرم الأسد حاكماً إيرانياً لسوريا المحتلة!! |
الاحتلال الإيراني لسوريا معتز فيصل ما تكلمنا عنه منذ فترة طويلة بدأ يظهر على لسان أصحاب التقية والكذب والنفاق عندما وجدوا أنهم لا يردهم أحد ولا يحاسبهم أحد ولا يقف في وجههم أحد. أعلنوها صراحة وعلى المكشوف أن سوريا هي ولاية إيرانية تابعة لإيران. تطالب إيران الدول العظمى بإدراج الملفين السوري والبحريني على جدول مفاوضات ملفها النووي. (أين العربجيون الذين زاروا الأسد منذ أيام؟ ماذا بقي من عروبتكم يا خونه؟) في نفس التوقيت يعلن رياض حجاب أن سوريا يديرها قاسم سليماني منذ فترة طويلة وهو فيها الآمر الناهي. تزامنا مع هذا يقول الروس: هناك عشرات آلاف المسلحين يدخلون سوريا حاليا، ويضيف الأمريكان إن جبهة النصرة تحشد قواتها في سوريا. كل هذا تمهيدا لدخول خمسين ألف مقاتل من إيران وحزب اللات رسميا إلى سوريا وبشكل علني ليقوموا باحتلال البلد بعد أن فشل الأسد نهائيا في إيقاف مد الجيش الحر ومنع تقدمه في دمشق وحلب. الحل الوحيد أن يستعين الأسد رسميا بإيران ويطلب تدخلها بناء على التحالفات والمعاهدات الموقعة معها سابقا. طائرات النظام تتهاوى وهو يعرف تماما أنه لن يستطيع الاعتماد على طائرات إيران إلا إذا كانت هناك أوضاع على الأرض تسمح بالتدخل الإيراني المباشر. وجيش الأسد يتهاوى ويهرب من مواقعه بعد أن استطاع الثوار السوريون الحصول على بعض الأسلحة الثقيلة يدكون بها حصونه. هذا التدخل السافر والواضح والمعلن وهذا الاحتلال الرسمي لا يمكن أن يتم بدون موافقة إسرائيل، وهنا يحتار بعض الناس ويتساءلون: هل ستسمح إسرائيل لإيران أن تصبح على حدودها؟ هؤلاء لم يدركوا البعد الصهيوني لدولة فارس الجديدة، ولم يعرفوا أن خنجر الغرب في قلب العالم العربي يتم استبداله بخنجر جديد يمزق قلب العالم الإسلامي كله. فبعد أن نجحت إسرائيل منذ إنشائها في تدمير قوة العرب ورميهم خمسين سنة خلف كل أمم العالم, يأتي الدور الإيراني الفارسي لإرجاع العالم الإسلامي كله خمسين سنة إلى الوراء. بماذا تحلم إسرائيل والغرب بأفضل من حرب إسلامية بغطاء شيعي سني لا تبقي في العالم الإسلامي ولا تذر؟ حرب قد يستطيعون جر تركيا إليها لتدمير اقتصادها الذي لم يعد مناسبا للقارة العجوز التي تغرق تدريجيا في أزماتها الاقتصادية؟ حرب تدمر دول النفط وتعطيه مجانا فيما بعد لأوروبا وأمريكا؟ حرب يتخلص فيها الروس من الامتداد التركي في الدول الروسية الإسلامية؟ حرب تتفرج فيها إسرائيل على المسلمين يقاتلون ضد أشباه المسلمين وهم يخربون بيوتهم بأيديهم؟ كما تفرجت على الحرب العراقية الإيرانية وأمدتها بالسلاح لمدة ثمانية أعوام. هل يصدق هؤلاء أن كل دول العالم ظلت عشر سنوات عاجزة عن منع إيران من صنع القنبلة النووية وهي تحاور وتناور معها في مباحثات لا هدف لها سوى إطالة الوقت واللعب بأعصاب الناس؟ هل كان العراق أقل قوة من إيران عندما قصفته الطائرات الإسرائيلية ومرغت أنفه في التراب؟ هل كانت إيران عندما بدأت برنامجها النووي أقوى من العراق حينذاك؟ لكنها لعبة الأمم تسمح لها بامتلاك قوة نووية تهدد بها دول الخليج وتساعد الغرب على شفط النفط والغاز بأرخص الأسعار أو مقابل خردات الأسلحة، أو حتى مقابل أحدث الأسلحة مع وقف الاستعمال طبعا. إيران وحاخاماتها يراهنون على عنجهيتهم وغبائهم ويظنون أنهم سيربحون اللعبة وسيؤسسون دولة فارس الجديدة والهلال الشيعي الجديد الذي يحلمون به. البعد الديني لدى الجميع ظاهر في هذه المعادلة المعقدة: فإيران بانتظار المهدي واليمين الأمريكي والأوروبي المتطرف بانتظار المخلص يسوع، واليهود بانتظار الدمار الذي يسبق بناء الهيكل، وتوافق الجميع على تفجير المنطقة مهما كانت العواقب، كل يغني على ليلاه وكل يحلم بحكم العالم. العرب والمسلمون السنة في سكرتهم يعمهون، يكدسون الأسلحة وهم يعرفون أنهم ممنوعون من استخدامها إلا ضد شعوبهم. الواعي منهم عاجز، والقادر منهم خائن، والشعوب تحاول استباق الأحداث وإمساك زمام الأمور ولكنها بعد تهميشها لمدة خمسين سنة ترى نفسها ضائعة مقسمة عاجزة جاهلة أصول اللعبة لا تكاد تصل إلى هدف إلا وتضيع منها أهداف ولا تكاد ترقع خرقا إلا ويتفتق أمامها مائة خرق. تفتقد إلى القيادات، تفتقد إلى العلم، تفتقد إلى الدعم، تفتقد إلى التخطيط الاستراتيجي وإلى الخطط الموحدة. ولكن ختاماً، هل ستسير الرياح بما تشتهي إيران وإسرائيل والغرب أم أن هناك عوامل أخرى قد يغفل عنها الجميع؟ من منطلق إيماننا بالله عز وجل نقول: تباً لكم جميعاً، وتباً لمخططاتكم ومكائدكم وأهدافكم البعيدة والقريبة، وتباً لتحالفاتكم وأحلافكم. عنكم يقول الله تعالى: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" إن كنتم تظنون أنكم ستنتصرون على شعبنا لأنه أعزل، فأنتم واهمون. فهذا الشعب قد عرف طريقه وكشف ألاعيبكم ورفع سلاحه الذي يغتنمه منكم ووقف في وجهكم بالمرصاد، يغني للشهادة ويتغنى بالكرامة ويصدح للحرية، لن تخيفه إيران ولا إسرائيل ولا الغرب من ورائهما، سيصد جحافلكم وسيردها خائبة وسيطفئ نار المجوس وسيدوس الرايات الصفراء التي يعبر لونها عن لؤمكم وحقدكم، وستتنتفض الشعوب العربية الذليلة والشعوب العربية التي قامت فيها الثورات لتصحح مسار هذه الثورات ولتوجهها في الطريق الصحيح، ولتدعم هذا الشعب الذي يذبح في كل يوم فهي تدرك تماماً أن معركة هذا الشعب هي معركتها هي وأن معركته من أجلها هي وأن معركته في سبيل حريتها وبقائها. وإن لم يدرك قادة هذه الدول ومن وصل إلى قيادة هذه الشعوب المنتفضة هذا المعنى وهذا الخطر وإن لم يقفوا في وجهه بكل ما يملكون من قوة لا من كلام، ومن دعم عسكري لا مؤتمراتي تفاوضي، ومن رباط خيل ومن مال ومن عتاد فستكون هذه بداية نهايتهم. ختاماً، إلى كل من يدعم الطاغية المجرم في بلاد الشام، هل ستقبلون بالحكم الإيراني المجوسي الفارسي بديلاً عن الحرية والكرامة والعزة والتقدم؟ إن كنتم رضيتم بهذا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وبعذاب على أيدينا إن شاء الله. ملاحظة: من ظن أن المعلن عن أن سوريا هي الولاية 35 لإيران قد أخطأ في التعداد فهو المخطئ. صحيح أن إيران مقسمة حاليا إلى 31 ولاية والمفروض بناء عليه أن تكون سوريا هي الولاية 32 لكننا يجب ألا ننسى أن الولاية 32 هي العراق التي استحوذت عليها إيران بعد وصول المالكي إلى الحكم ولبنان الولاية 33 التي استحوذت عليها إيران بعد وصول حزب الله إلى الحكم، ويعتبرون البحرين الولاية 34 لأنهم واثقون من انفصالها قريبا عن الجسم العربي. وبذلك تكون سوريا هي الولاية 35 بعد استلام قاسم سليماني للحكم. |
أميركا سلمت مفاتيح الأزمة السورية إلى الروس! وممثلون عن الائتلاف والجيش الحر يفاوضون الإيرانيين هدى الحسيني الشرق الأوسط لا ترغب إيران بحرب إقليمية. لديها انتخابات رئاسية في شهر يونيو (حزيران)، ووضعها الاقتصادي منهار، والريال الإيراني مستمر في الهبوط، مما اضطر الدولة إلى نشر سيارات الشرطة في شوارع طهران، وقطع أصابع السارقين على الملأ. إسرائيل رغم اعتراف وزير دفاعها إيهود باراك بأنها تقف وراء الغارة الجوية على سوريا قبل ثلاثة أسابيع ليست في وارد تأجيج حرب إقليمية. هي أبلغت واشنطن وموسكو، قبل الضربة، عن عزمها، وأبلغتهما وعواصم أخرى أنها ليست بصدد حرب موسعة، وإن كانت تلقت من واشنطن الضوء الأخضر لعمليات أخرى اضطرارية. تركيا مصابة بخيبة أمل وتحاول الانصراف إلى إيجاد حل ما للمسألة الكردية. مباشرة بعد فوز باراك أوباما في الانتخابات في السادس من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، طلب رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان موعدا للقاء أوباما، وحتى الآن يتهرب البيت الأبيض من تحديد موعد، والسبب أن أردوغان سيأتي ليبحث الوضع السوري، وضرورة إنهاء الأزمة السورية عسكريا، وهذا ما لا تريده واشنطن، وقد أبلغت ذلك إلى عدد من العواصم الأوروبية. موسكو تبحث عن حل، توصلت مع واشنطن إلى توافق بتسليمها الملف السوري حسب ما ورد في تقرير «مؤسسة القرن المقبل». موسكو تريد إشراك إيران في «صفقة الحل»، وتريد أيضا إشراك السعودية ومصر ولبنان والأردن، شرط أن يبقى المفتاح بيدها. قطر قلقة لخروج هيلاري كلينتون من وزارة الخارجية ومجيء جون كيري. الأولى كان يمكن إقناعها بحل عسكري، أما كيري فإنه على اتصال دائم بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (آخر اتصال مساء الأحد الماضي) من أجل ضرورة وقف العنف والبدء في الحوار بين الحكومة والمعارضة في سوريا. كل الأطراف المعنية بالأزمة السورية تشيد بمبادرة معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري المعارض. وعندما التقى علي أكبر صالحي وزير الخارجية الإيراني معاذ الخطيب أبلغه أن إيران تضمن كل ما سيتم التوصل إليه على طاولة المفاوضات. عندما انتهى من معركة دمشق التي ساعدت موسكو في إجهاض هجوم الثوار عليها في الأسابيع الماضية، نقل عن الرئيس السوري بشار الأسد أنه شدد على ضرورة إجراء الحوار. وحسب معلومات موثوقة جدا، فإن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي الذي زار طهران الشهر الماضي (17 إلى 19) في إطار التنسيق السوري الإيراني تحضيرا لمؤتمر الحوار الوطني السوري، نقل معه إلى طهران «ضمانات خطية» من بشار الأسد شخصيا تؤكد التزامه بكل قرارات الحوار الوطني. كان ذلك بناء على طلب من إيران بأنها تريد تقديم ضمانات مؤكدة لأطراف المعارضة خلال حوارها معهم، بما فيها ضمانات بالعفو العام عن كل قوى المعارضة التي تقبل بالحوار الوطني، وبالأخص الجيش السوري الحر. وحسب المعلومات الموثوقة فإنه بالرغم من أن سعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أعلن في مؤتمر صحافي أن زيارته إلى دمشق في الثاني من الشهر الجاري، ولقاءه الرئيس السوري جاءت لدعم إيران الكامل لسوريا ونظامها، إلا أن السبب الحقيقي للزيارة كان لنقل مضمون المباحثات التي أجرتها إيران في طهران مع ممثلين عن الجيش السوري الحر، وممثلين عن جبهة الإنقاذ: مجموعة معاذ الخطيب (وجهت له واشنطن الدعوة لزيارتها). وأبلغ جليلي الطرف السوري تحقيق تقدم في مسار المشاركة في الحوار الوطني السوري، وأن وجهات نظر تلك الأطراف صارت أكثر واقعية فيما يتعلق بصلاحيات الحكومة الانتقالية، أو مستقبل الأسد بعد 2014. وتضيف المصادر أن إيران تبحث عن التوازن ما بين التزاماتها الاستراتيجية مع النظام القائم، وما بين التعامل الواقعي مع التطورات، خصوصا جماعات المعارضة السلمية، ذلك أن القلق الإيراني أصبح قلقا إقليميا من فراغ السلطة، وغياب البديل، وفشل الحل العسكري من قبل طرفي الصراع. وحسب ما ورد في تقرير «مؤسسة القرن المقبل» حول الموقف الإيراني، فإن الغرب يعيد أخطاء أفغانستان. إنهم يبحثون المشكلة وإحدى العينين مغلقة. الغرب يركز على التخلص من بشار الأسد من دون التفكير بما سيأتي بعد ذلك. وبنظر إيران ستجري انتخابات رئاسية في سوريا عام 2014: «قبل ذلك لن نقبل بإقالة الأسد»! هذه الجولة توحي بتطور بطيء في الموقف الإيراني من ناحية عدم الإصرار على بقاء الأسد بالذات. الدول المجاورة لسوريا: لبنان، الأردن وإسرائيل، قلقة من أن تجد تصريحات الجبهات الإسلامية، من «النصرة» إلى «الحق»، إلى «جند الإسلام».. إلخ؛ آذانا صاغية لدى مجتمعات تئن من الأوجاع الاقتصادية والبطالة والضياع، وكذلك التحريض المذهبي. أما في إسرائيل فالخوف من أن تتوحد لاحقا سوريا الإسلامية مع لبنان إسلامي وأردن كذلك، ويشكلون دولة ضاغطة على حدود إسرائيل. هي قد تجد ذريعة لإشعال فتنة داخلية سنية - شيعية، لكن دولة إسلامية تبقى بعبعا؛ لذلك من أجل تسهيل المفاوضات لانتقال سلمي، يتوقع بعض السوريين أن توافق إسرائيل على العودة إلى طاولة المفاوضات السورية من أجل إعادة الجولان، إنما من دون بحيرة طبرية لتضمن السلام والاستقرار. أما عن المشروع الذي يتم تسويقه الآن، فحسب تقرير «مؤسسة القرن المقبل»، فإن لافروف قال للأميركيين: «اطردوا جبهة النصرة من سوريا، عندها سنقوم بتغيير موقفنا. وحتى تفعلوا ذلك، لماذا تطلبون منا أن نوجه ركلة للأسد؟»! إذن.. المشروع يقضي بأن تنسحب أميركا من مقعد القيادة لصالح الروس. هؤلاء بدورهم سيقنعون الأسد بأنه من أجل الأمة السورية، يجب أن يوافق على الوقوف جانبا والسماح بالانتقال إلى حكومة جديدة في سوريا. الإطار الزمني لهذا لانتقال واضح، حتى سنة واحدة، الوقت الذي سيتم فيه تشكيل حكومة مؤقتة يسلم الأسد السلطة لها (أي مع موعد انتهاء فترة رئاسته). تفيد إحدى الخطط الموضوعة بأن الحكومة المؤقتة المؤلفة من 100 عضو تعين لجنة دستورية لوضع دستور يعرض على الاستفتاء قبل الانتخابات. طبعا الشيطان يبقى في التفاصيل. المهم أن الحكم السوري وافق على هذا الاقتراح أو أجبر على الموافقة. هذا يعني أن طاولة المفاوضات إذا عقدت ستستمر حتى شهر مايو (أيار) أو يونيو المقبل للخروج باتفاق. وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال في 19 من الشهر الماضي إنه خلال ثلاثة أشهر سيعقد مؤتمر الحوار الوطني وسيتفق المجتمعون على جدول أعمال، وسينتخبون هيئة أو لجنة لقيادة الحوار. فترة رئاسة الأسد تنتهي في مايو 2014، وقد تبدأ الفترة الانتقالية في شهر مايو المقبل. الكلام يوحي وكأن معارضة الخارج متفقة فيما بينها، ولا خلافات تشل تحركاتها، وكأن هذه المعارضة متفقة تماما مع مقاتلي الداخل من لجان تنسيقية ومجموعات إسلامية! في مؤتمره الصحافي الذي عقده مع وزير خارجية الأردن ناصر جودة في الثالث عشر من الجاري، دعا جون كيري إلى المفاوضات كمخرج لتخفيف العنف، معترفا بأن الأمر ليس سهلا؛ لأن هناك الكثير من القوى على الأرض إنما «انهيار الدولة خطر على الجميع». خلال لقائه مع أحد الوفود العربية مؤخرا، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند: «فعلنا كل ما نستطيع لإسقاط الأسد لكننا فشلنا. لذلك قررنا أن نترك كل الأطراف تتصارع حتى تتهاوى». لكن، ماذا إذا تهاوت الدولة السورية قبل أن تتهاوى الأطراف! |
هل هذه مؤتمرات "أصدقاء سورية"؟ أم مؤتمرات "أعداء سورية"؟ د.غازي التوبة انعقد في باريس مؤتمر تحت عنوان (مؤتمر أصدقاء سورية) قبل فترة قصيرة من الزمن لبحث أوضاع الثورة السورية،وكيفية مساعدتها على حل مشاكلها، وقد جاء هذا المؤتمر ضمن سلسلة مؤتمرات انعقدت في عدة دول عربية وأجنبية على مدار العامين الماضيين وقد كان منها: مراكش وتونس واستامبول إلخ.... وقد ذكّرت قيادات الإئتلاف المؤتمرين بأنه لم يتم الوفاء بما تعهدت به الدول في الشهر الماضي في مراكش، وأضافت -تلك القيادات- فقالت: "أن موازين القوى على الأرض تميل لصالح الثورة والثوار، لكن الحسم يحتاج إلى بعض الأسلحة التي تواجه الطائرات والدبابات"، وردت المعارضة على إلحاح المجتمع الدولي على تشكيل حكومة من قبل الثوار، بأنها موافقة على الفكرة، ولكن تنفيذها يحتاج إلى أمرين، ووضحت ذلك وقالت: "إنه من أجل إقامة حكومة ترعى شئون السوريين لا بد من إيجاد مناطق آمنة في المناطق المحررة حتى تستطيع أن تقيم فيها هذه الحكومة، ولا بد من ميزانية تبدأ من 500 مليون دولار من أجل الإنفاق على حاجات الشعب السوري". ووضعت قيادة الإئتلاف المؤتمرين في صورة الوضع مذكرة أنه سقط 60 ألف شهيد "بينهم 1400 تحت التعذيب" و140 ألف جريح، هناك 60 ألف مفقود و140 ألف معتقل و720 ألف لاجئ مسجل ومليوني مشرد و4 ملايين يحتاجون للمساعدة. وكان المفروض أن يستجيب مؤتمر أصدقاء سورية لطلبات وفد الثورة السورية، وأن يلبيها لأن قيادة الائتلاف هي التي تقرر حاجات الساحة السورية، لكنه لم يستجب لأنه لم يعلن موافقته على الطلبات التي قدمتها القيادات السورية، وأبرزها السلاح النوعي من صواريخ ومضادات للدبابات من جهة، ومن تأمين مناطق آمنة تكون مقرا للحكومة السورية التي ستدير شؤون سورية من جهة ثانية، ومن تأمين الأموال الكافية التي تحتاجها الحكومة السورية من أجل إغاثة السوريين في المناطق المحررة من جهة ثالثة. وفي هذه الحالة عند عدم الاستجابة للطلبات المقدمة من قبل قيادات الثورة السوريةيحق لنا أن نتساءل: هل هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات التي عقدت خلال السنتين الماضيتين هي مؤتمرات أصدقاء سورية؟ أم هي مؤتمرات أعداء سورية؟ لأنه يفترض في الأصدقاء أن يستجيبوا لطلب أصدقائهم، وليس أن يفرضوا عليهم رؤيتهم وحلولهم، ولماذا يحدث هذا فقط مع سورية في سلسلة ثورات الربيع العربي؟ إن قيادة الائتلاف يجب أن ترفض صورة الوصاية عليها وتعود إلى الشعب السوري، وتصارحه بما يحدث، وتبحث عن بديل للتوصل إلى السلاح النوعي الذي تواجه به النظام المجرم، والأموال التي تقيم بها دولتها، وتسد حاجات شعبها. في الجواب على السؤال السابق، سنجد أن الدول الكبرى صديقة سوريةحجبت السلاح النوعي والأموال عن الثورة بحجتين الأولى: وجود جبهة النصرة والثانية: الأقليات. أما عن جبهة النصرة فهناك عدة حقائق تبرز في هذا المجال: الأولى: إنها محدودة العدد والقوة –حتى الآن- وهذا يجعل تأثيرها غير كبير في ساحة الثورة السورية. الثانية: إنها تختلف عن "القاعدة" في العراق في أمرين: إنها أقل استباحة وتهاونا في سفك الدماء،وهذا يجعل أضرارها أقل في مجال ترابط النسيج الاجتماعي للشعب السوري. إنها أكثر تعاونا وتنسيقا مع الحركات الجهادية الاخرى على عكس تاريخها في العراق، حيث تميزت هناك بالانفرادية، وهذا يعطي فرصة لضبط إيقاعها السياسي والعسكري في ساحة الثورة السورية. الثالثة: إن دعوى حجب السلاح النوعي عن فصائل الثورة السورية بحجة عدم وصولها إلى القاعدة دعوى باطلة، لأن قيادة الجيش الحر قادرة على أن تضبط السلاح النوعي، وأن تعطي ضمانات كي لا يذهب إلى جبهة النصرة أو غيرها. أما عن الأقليات فإن التاريخ القريب يقول بأن الأقليات في سورية كانت تعيش في وئام وتسامح مع بقية أجزاء الأمة، ويؤكد ذلك أن الطائفة العلوية -وهي الأقلية- حكمت سورية أكثر من أربعين سنة، ولولا التسامح لما استطاعت أن تصل إلى قمة الحكم، وتستأثر بالسلطة. وكذلك يقول التاريخ المتوسط إن تدخل الدول الكبرى هو الذي يفسد العلاقة بين الأقليات وبين جسم الأمة الكبير، وهذا ما حدث في القرن التاسع عشر عندما وضعت كل دولة كبرى يدها على أقلية من الأقليات، فادعت فرنسا رعايتها للكاثوليك، وادعت روسيا رعايتها للأرثوذكس، وادعت بريطانيا رعايتها للدروز. ومن المعروف تاريخيا أن التصادم الذي حدث عام 1860،والذي وقع بين الأقليتين المارونية والدرزية،والذي أدى لاحتلال فرنسا لبيروت، كان وراءه الانجليز والفرنسيون من أجل إيجاد مبرر للتدخل في شؤون الخلافة العثمانية آنذاك، وقد انتقل التصادم إلى دمشق مما أدى إلى أن يتدخل الأمير عبد القادر الجزائري من أجل حماية المسيحيين في دمشق، وقد أدت تلك الأحداث إلى منح جبل لبنان صبغة إدارية حديثة تحت عنوان (متصرفية جبل لبنان) وأظن أن الأقليات وعت بعد تلك الأحداث وغيرها أن الخير في التحامها مع أمتها التي تحيط بها وأن عليها أن لا تعطي أذنا للغرب بحال من الأحوال. ومن الجدير بالذكر أنه ليست القاعدة ولا جبهة النصرة من جهة، ولا الأقليات من جهة ثانية هي السبب في عدم تجاوب الغرب مع مطالب الثورة السورية الأبرز وهي: إعطاء السلاح النوعي لحسم المعركة، وإيجاد مناطق آمنة، ودفع الأموال اللازمة لإغاثة الشعب السوري، ولكن السبب الحقيقي المسكوت عنه وراء تلك التصرفات هو اسرائيل، فالغرب لا يريد أن ينتصر الثوار على الجيش الأسدي الذي رباه الأسد ووضعه لحماية اسرائيل، أو يتغلب عليه، لأنه يؤدي دورا أساسيا في المحافظة على الكيان الصهيوني، وإذا انتصر الثوار على هذا الجيش فإن اسرائيل ستصبح مكشوفة الستر أمام الثوار، وبخاصة أنه ليست هناك اتفاقية سلام بين اسرائيل وسورية تحميها من المواجهة مع الثوار كما هو حادث في مصر، وأنه ليس هناك خطر على اسرائيل من ثورة تونس واليمن وليبيا لأنه ليس هناك حدود مشتركة بين هذه الدول واسرائيل، فلا تريد الدول الكبرى أن ينتصر أحد على هذا الجيش الأسدي، أو يتغلب عليه لأنه يؤدي دورا أساسيا في المحافظة على الكيان الصهيوني. لذلك أعتقد أنه واجب القيادات السياسية للشعب السوريأن تعبر عن هذا الشعب تعبيرا صحيحا، وأن تكون في مستوى تضحياته التي يبذلها من شهداء وجرحى وتدمير إلخ ...، وأن توضح للمؤتمرين في مؤتمرات أصدقاء سوريا بأنهم أصدقاء، وليسوا أعداء أو أوصياء، وأن توضح لهم بأن ميزان القوى يميل لصالح الثورة والثوار، وبناء على هذا يجب أن تزيد من التحامها بجماهير أمتها من جهة، وأن تحل مشكلة السلاح النوعي بالتوجة إلى تصنيع الأسلحة التي حجبتها الدول الصديقة من جهة أخرى، فهذا أمر ممكن فقد حدث مع الكثير من الثورات وأقرب مثال هو المجاهدون في غزة حيث صنعوا الصواريخ التي أقضت مضاجع الكيان الصهيوني. في النهاية نقول: هناك مؤتمرات كثيرة تنعقد تحت عنوان "أصدقاء سورية"، لكنها لا تلبي -في الحقيقة-حاجات الشعب السوري في السلاح النوعي والمناطق الآمنة والمال، لذلك يمكن أن يصنفها الشعب في خانة العداء لسورية، وهذا يوجب على القيادات السورية أن تعي هذه الحقيقة، وتلتحم بشعبها وأمتها، لأنهما هما السند وهما القيمتان الحقيقيتان اللتان تقودان إلى النصر، واللتان من خلالهما يمكن إيجاد حلول لكل المشاكل التي تواجه الثورة السورية. |
عذراً رفاق السلاح فقد أطلقت عشر رصاصات م. عبد الله زيزان مشهد لا يتكرر كثيراً، مشهد يحيي القلوب، ويثلج الصدور، إنها طائرة "الميج" التي طالما رمت بحممها على رؤوس الآمنين فقتلت وجرحت، هدمت بيوتاً ودمرت أحلاماً، إنها ذاتها تحترق الآن أمام مرأى الناس أجمعين، فقد أصابتها إحدى طلقات الجيش الحر أثناء انقضاضها على منازل سكان الريف الإدلبي في الرابع عشر من شهر شباط الحالي... لم نتمالك أنفسنا أمام هذا المشهد المهيب، فقبل دقيقة واحدة كانت هذه الطائرة تثير الرعب والهلع، وقد ألقت بعضاً من صواريخها على منازل السكان، إنها تحترق الآن، الدخان يلاحقها، والرعب واضح على قائدها، فارتباكه ظاهر في توجيه طائرته، فحيناً يسير بها جنوباً وحيناً يأخذها غرباً، سيقفز من طائرته، لكنه يريد هبوطاً آمناً بعيداً عن قبضة الجيش الحر، لكن هيهات، فالجيش الحر يسيطر على أراض واسعة، فحيثما اتجهت الطائرة فإن قائدها مأسور لا محالة... أمام هذا المشهد الرائع، تعالت أصوات التكبيرات من كل القرى المجاورة، لم أتمالك نفسي، فكبرت وهللت، ونحو القبلة اتجهت، شاكراً الله على هذه النعمة العظيمة التي منّها عليّ، فهذه أول طائرة أشاهدها في سورية في زيارتي الأولى لوطني الحبيب، فإذا بها تحترق، لم أملك دمعة الفرح بهذا المشهد، الذي لم يقطع أجواءه إلا أصوات رصاصات متتالية تعالت في السماء، رغم أنّ تلك المنطقة تشهد هدوءاً حذراً، فجنود النظام قد فروا من مواجهة أبطال الجيش الحر، تساءلت عن هذه الأصوات، فأكد أحدهم بأنها الفرحة بهذا الإنجاز... وقبل أن يرخي الظلام سدوله برز أحد عناصر الجيش الحر، والفرحة بادية على وجهه، وقبل السلام على الجموع قال: أرأيتم طائرة "الميج" اليوم وهي تحترق، فهز الجميع رؤوسهم، ليقاطعهم بقوله: أعتذر منكم جميعاً فقد أطلقت عشر رصاصات في الهواء ابتهاجاً بهذه الحادثة، وقبل أن يبدأ أحد بلومه تابع حديثه: أقسم لكم أنّي لم أملك نفسي، ولم أرَ إلا والرصاصات قد خرجت من فوهة بندقيتي في السماء ابتهاجاً وفرحاً... ما قام به هذا الشاب "النمر" كما يحب أن يناديه الناس، جريمة في عرف الجيش الحر، فثمن الرصاصة الواحدة هذه الأيام دولارٌ ونصف، والجيش الحر يعاني نقصاً حاداً في الذخيرة والعتاد، وأموال المتبرعين لا تسد حاجتهم الماسة للنقود لتمويل تسليحهم لمواجهة عدو لئيم، يتدفق عليه السلاح والمال بسخاء غريب، فأعداؤنا يبذلون أموالهم وسلاحهم للنظام، في حين أنّ كثيراً من أموال العرب تذهب هدراً في غير مكانها الصحيح... غاب عنهم أنّ الجيش السوري الحر هو خط الدفاع الأول عن عروبتهم ودينهم، وأنّ انكسار هذه الفئة لا قدر الله هو انكسار للأمة جمعاء، بعد أن تكالبت الأمم على هذا الشعب المغوار، الذي لا يواجه إيران فحسب، بل يواجه قوى الغرب والشرق، بعيداً عن الكلام الممجوج في وسائل الإعلام التي صدعتنا بمقولة سقوط الشرعية عن النظام، ثم في اليوم التالي يغدقون عليه نصف مليار دولار من الأمم المتحدة بحجة دعم اللاجئين... عشر رصاصات فقط كانت تحتاج إلى اعتذار، ولولا أجواء الفرحة بين تلك الجموع لطاله حساب شديد من رفقاء السلاح أجمعين، في حين أنّ شبيحة النظام يتسلون برصاصات تثقب أجساد الأطفال والنساء دون رحمة أو قلق من قلة السلاح... إنّ هذا المشهد على بساطته يضع أغنياء العرب أمام مسؤولية كبيرة، فالقرش الواحد إذا ما وضع في مكانه الصحيح يحدث أثراً واضحاً، ويسرع بسقوط النظام يوماً واحداً أو حتى ساعة واحدة يحقن فيها دماء العشرات من الأبرياء... |
في سورية: انتفاضة أم ثورة؟ د. محمد أحمد الزعبي1. لابد من الاعتراف بداية أن مايجري في بلدي سورية ، هو خطير ومعقد ، بغض النظر عن تسميته بالانتفاضة أو الثورة . 2. فلقد كانت حصيلة المواجهة بين غالبية الشعب السوري ونظام عائلة الأسد ، والتي ( المواجهة ) تمتد باشكال وصور ودرجات مختلفة منذ 1970 وحتى اليوم ، ثقيلة ومؤسفة ومؤلمة ، ولاسيما في السنتين الأخيرتين ، كما تشير بوضوح أعداد ضحايا شهر ينايرمن هذا العام ( 2013 ) فقط ، والتي اخذناها من صفحة الشبكة السورية لحقوق الإنسان على الـ Facebook ، وأيضاً كما تشير أرقام الأمم المتحدة التي أوردتها المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافي بيلاي في تقريرين متتابعين ، لايفصل بينهما سوى أربعين يوماً فقط . الشهداء : 3742 ، بينهم : 466 طفلاً ، و297 امراة ، أي 763 طفلاً وامراة ، وبإضافة عدد المسنيين إلى رقمي النساء والأطفال ـ تصبح نسبة هؤلاء 22% من مجموع الضحايا ، وهو مايمثل أحد عشر ضعفاً من النسبة المتعارف عليها في الحروب بين الدول ، كما تشير إلى ذلك الشبكة حسابات الشبكة! . ومن جهة اخرى فقد أبلغت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مجلس الأمن الدولي بتاريخ 12.02. 2013 ، ان عدد ضحايا الصراع في سورية قد بلغ 60 ألفاً ( 59648 ) ، ثم عادت بعد أربعين يوما فقط ( 12 .02. 2013 ) لتبلغ نفس المجلس ، ان الرقم يمكن أن يكون قد قارب الـ 70 ألفاً ،الأمر الذي معه ينبغي إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدواية ، وذلك لتوجيه رسالة لطرفي الصراع بأنه ستكون هناك عواقب لأفعالهما ، على حد قولها . وإنه لمن المضحك والمبكي معاً ، أن بشار الأسد ، في مقابلة له مع المحطة الأولى في التلفزيون الألماني أذيعت مساء الأربعاء 13.02.2013 على الساعة الحادية عشرة والربع مساءً ، قد نفى رقم الـ 60000 الذي ذكرته نافي بيلاي في الأمم المتحدة ، وأشار إلى أن العدد الحقيقي (لايتجاوز العشرات!!) ، إن بشار الأسد الذي وصف المعارضة في هذه المقابلة ( بالحثالة !! ) ، يعترف هنا ، وعبر إنكاره لرقم نافي بيلاي أنه هو المسؤول الأول عن قتل هؤلاء الستين الفاً . ألا ينطبق على صاحبنا ، بعد كل هذه الترهات ، المثل الشعبي الذي يقول " اللي استحوا ماتوا " ؟! . 3. ولكي نحدد أن ماجرى ويجري حتى اليوم في سورية هو ثورة أم انتفاضة ، علينا أن نعود إلى الجذر اللغوي لهذين المفهومين من جهة ، وإلى البعد الاجتماعي والسياسي لهما من جهة أخرى : ــ فمن الناحية اللغوية ، فإن معظم المعاجم والقواميس التي رجعنا إليها باللغتين الألمانية والعربية ، لاتشير إلى كبير فرق بين المفهومين ، بل إنها تفسر كلاً منهما في كثير من الأحيان بالآخر ، أو توردهما من ناحية المضمون كمترادفين . ولكن بعض المراجع السوسيولوجية تشير إلى وجود فرقين أساسيين بينهما ،يتعلقان (إجتماعياً ) بدرجة شمولية الموضوع أفقياً وعمودياً ،ونحن مع هذا التصور. إذ بينما يكون التمرد محدوداً على المستويين الأفقي والعمودي(الشعب يريد تصحيح المسار)، تكون الثورة من جهة ، شاملة ( معظم الفئات الشعبية إن لم يكن كلها ) ، ومن جهة أخرى ، تكون مطالبها وشعاراتها جذرية وكلّية ( الشعب يريد إسقاط النظام) بكل رموزه ومرتكزاته السياسية والأمنية . ــ لقد نعت هيغلHegel ( 1770 ـ 1831) المفاهيم (Begriffe ) ومن منظور فلسفي مثالي بـ Denkbestimmungen أي ( محددات الفكر)لأنها تمثل جملة الصفات التي تميز فئات الأشياء . ويمكن أن نضيف إلى هذا أنها (محددات للفعل ) البشري أيضاً ، وبتطبيق هذا على ماحدث ويحدث الآن في سورية ، نقع على نوع من الخلطة الكيماوية التي تجمع بصورة معقدة ، وأحياناً غير مفهومة ، بين النظر والعمل ، بين الأيديولوجيا والسياسة ، بين الدين والقومية ، بين الماضي والحاضر ، بين أعلام الثورة الإسلامية ( الخلفاء الراشدين ) و الثورة العربية ( الشريف حسين ) والجمهورية العربية المتحدة ( جمال عبد الناصر )والثورة السورية (15 ـ 18 آذار 2011 ) ...الخ ، سواء في إطار المعارضة ، أو في إطار النظام ، وسواء أكان مايحدث ثورة أو انتفاضة . ويعود السبب في وجود هذه الإشكالية المتعلقة بالتداخل بين النظر والعمل ، ولاسيما فيما بين أطراف المعارضة ، إلى الخلفيات الأيديولوجية(الأوثان الاجتماعية ) التي حكمت في الماضي وما تزال تحكم في الحاضرالعلاقة بين هذه الأطراف ، رغم انهم يتواجدون عملياً في خندق وطني ونضالي واحد ، هو خندق المطالبة بـ " الحرية والكرامة " ، أي ــ تطبيقياً ــ خندق " الشعب يريد إسقاط النظام " . ــ ومن منظور سوسيولوجي ، فإن المفاهيم ، تعتبر انعكاساً فكرياً للواقع الاجتماعي ، وبما أن هذا الواقع خاضع للتطوروالتغير، فإن المفاهيم التي تعكسه لابد أن تكون بدورها خاضعة للتطور والتغير ، أي أنها تخضع لقانون النسبية الزمانية والمكانية . فما كان يعتبر قبل ألف عام ــ مثلاً ــ ثورة ، قد لايعني اليوم أكثر من حركة إصلاحية ، وحتى بالنسبة لنفس الفترة الزمانية ، فإن مايراه فلان ثورة قد يراه آخرانتفاضة ، أوحتى مجردعملية ترقيع وترميم للنظام القائم (إصلاح) . ــ لابد من الإشارة هنا أيضاً ، ونحن في إطار محاولة تحديد مايجري في سورية ، أهو ثورة أم انتفاضة إلى قانون تحول التراكمات الكمية ، في لحظة من لحظات التطور، إلى حالة " نوعية" جديدة . ومن هذا المنطلق فإن الانفجار الشعبي الذي فجرته حادثة أطفال مدينة درعا في محافظة حوران ، لم يكن واقعياً سوى المحصلة المنطقية والطبيعية لأكثر من أربعة عقود من تراكمات الاستبداد والفساد والقمع الأمني والعسكري المنظم والمبرمج للشعب السوري من قبل نظام عائلة الأسد حيث لم يكن باستطاعة أي مواطن سوري ، أن يفتح فمه ، طوال تلك العقود الأربعة ، إلاّ عند طبيب الأسنان على حد هذا الوصف الكاريكاتوري لأحد الإعلاميين السوريين !. نعم لقد كانت فترة حكم عائلة الأسد وشركاهم ، واتي ابتدأت 1970 ولم تنته بعد ، فترة صمت وكبت ، وبالتالي فترة الضغط الذي يسبق الإنفجار . ــ كما لابد من الإشارة ، فيما يتعلق بهذا الموضوع ، إلى مايعرف عند الفلاسفة وعلماء الاجتماع بـ "هجرة المفاهيم " ، من حيث ، من جهة ابتعادها عن جذرها اللغوي إلى " معنىً إصطلاحي" جديد ، ومن جهة أخرى ،انتقالها من مجال إلى مجال آخر. فنحن نقول مثلاً : ثورة الشعب (المجال الإجتماعي) وثورة البركان ( المجال الطبيعي ) ، و الثورة الصناعية ( الجمع بين المجالين الطبيعي والاجتماعي ) . وفي جميع هذه الحالات ، نحن أمام " تراكمات كمية " تتحول في لحظة ما من لحظات تراكمها إلى " نوعية " جديدة ، يمكن أن تكون مفاجئة وغير محسوبة أو متوقعة . 4. وأياً كان مضمون كل من هذين المفهومين ( الانتفاضة والثورة ) على الصعيد النظري ، فإنهما يلتقيان على الصعيد العملي ، في خندق سوري واحد ، هو: المطالبة بـ " الحرية والكرامة " ، أي عملياً المطالبة بـ " الديموقراطية " ، التي يصادرها ويغيبها النظام ، ويغيب بذلك الشعب كله. إن هذا يعني أننا أمام طرفين في هذه المعادلة الإجتماعية ، سواء أأسميناها ثورة أم انتفاضة ، هما : شعب يريد حقه في الحرية ، ونظام يريد باطله في القمع والاستبداد . والسؤال المطروح هنا : متى ، وكيف ، ولماذا تصل الأمور بين الشعب والنظام إلى هذه الدرجة الدموية من القطيعة ، بحيث تتحول المظاهرات السلمية المطلبية ، إلى مقاومة مدنية وعسكرية مسلحة ، لاتقبل بأقل من إسقاط النظام ؟ . 5. إن ماأوصل الأمور بين " الأغلبية " الساحقة من الشعب السوري ، وبين نظام " الأقلية " ( نظام عائلة الأسد ) إلى مرحلة القطيعة ، وبالتالي " الانتفاضة ـ الثورة " هو ـ بصورة أساسية ـ تغييب النظام لمربع الديموقراطية الذي تتكون أضلاعه الأربعة من : 1) العدالة الاجتماعية ، 2) المساواة في المواطنة ،3) الدستور ، 4) وصندوق الاقتراع النزيه والشفاف . وهو مايعني عملياً تغييبه للشعب عن المسرح السياسي بصورة تامة وكلية ، وبغض النظر عن أكاذيب الممانعة والاستفتاءات المزورة . إن ما يعرفه القاصي والداني ، أن حافظ الأسد قد وصل إلى السلطة عام 1970 عن طريق انقلاب عسكري على رفاقه في حركة 23 شباط 1966 ، وعلى خصومه من أتباع التنظيم القومي ( ميشيل عفلق ) وزجهم جميعاً في سجن المزة العسكري مايقارب ربع القرن ، حيث توفي منهم ، عدد من القادة الحزبيين الكبار ( نورالدين الأتاسي ، صلاح جديد ، أحمد سويداني ، محمد رباح الطويل ، محمد عيد عشاوي ) ، سواء بصورة مباشرة ( داخل السجن )أو غير مباشرة ( بتأثير سنوات السجن الطويلة ) ، وحيث يعاني من لم يمت منهم من أنواع مختلفة من الأمراض الصعبة والمزمنة ( يوسف زعين ، محمود فياض ، مصطفى رستم ، كامل حسين ، على سبيل المثال لاالحصر) . وإن مايعرفه القاصي والداني أيضاً أن بشار الأسد قد وصل إلى السلطة عام 2000 بوصفه وريثاً لوالده حافظ في حكم سورية ، الأمر الذي تحولت معه سورية 1946 من جمهورية نيابية ، إلى نوع من النظام الهجين الذي يجمع في داخله ، بصورة كاريكاتورية مضحكة ، بين الملكية والجمهورية ( جملكية !! ) . إن هذا يعني من الوجهتين النظرية والعملية ، أن نظام عائلة الأسد : 1) نظام غير شرعي ، 2) نظام عسكري ديكتاتوري قمعي ،3) وصل إلى الحكم عن طريق القوة ، 4) وهومستمر منذ أربعة عقود بواسطة القوة ، 5) وايضاً بواسطة التحالف مع إسرائيل وحماتها 6) وأيضاً بواسطة الخداع والكذب ، 7) وأنه بالتالي لن يتغير إلاّ بالقوة . 6. ويتعلق الأمرـ من وجهة نظرنا ـ بأطروحة إجتماعية ـ سياسية ، لها طابع القانون السوسيولوجي، مفادها أنه : " يمكن للأقلية أن تلعب دوراً إيجابياً عندما تكون جزءاً من المعارضة لنظام قمعي وغير شرعي ، ولكنها إذا ماوصلت إلى السلطة بطريقة غير شرعية ( عن طريق القوة ) و بما هي أقلية ، فلن تستطيع المحافظة على السلطة إلاّ ( بالقوة) . أي بتغييب الشعب الذي تحكمه عن الساحة السياسية ، وذلك عن طريق تغيبها للديموقراطية . الأمر الذي يعني أن صندوق الإقتراع النزيه هو ــ في هذه الحالة ــ العدو رقم واحد لهذه الأقلية الحاكمة ". تماماً كما نرى في سورية منذ 1970 وحتى اليوم . 7. وأخيراً ، وفي محاولتنا للإجابة على السؤال الأساسي لهذه المقالة ( في سورية انتفاضة أم ثورة ؟ ) ، نقول ، وبعد كل ماأوردناه أعلاه : يتوقف نوع ودرجة ردة الفعل عادة على نوع ودرجة الفعل . ولما كان الفعل هنا ، هو قمع الأقلية للأكثرية ، قمعاً مطلقاً تاماً وشاملاً ، جرى ترتيبه وتحضيره على مدى أربعة عقود ، وهو ماكشفته وفضحته أحداث السنتين الأخيرتين في سورية ، كما سبق أن ذكرنا في الفقرة الثانية أعلاه . وبما أن شدة الضغط تولد الإنفجار ، فقد انفجرت الأكثرية الشعبية المقموعة والمضغوطة ، في وجه حكم عائلة الأسد في 15 ــ 18 آذار 2011 ، وتحت شعارات لاتخطئها الأذن ولا العين ، بل لايخطئها لا العقل ولا القلب أيضاً ، ألا وهي : Ø اللاءات الأربع : لا للطائفية ، لا للعنف في المظاهرات السلمية ، لا للتدخل العسكري الخارجي ، لا لتغيير مهمة الجيش السوري من محاربة العدو إلى محاربة الشعب . Ø النعمات الأربع: نعم لإسقاط النظام واستبداله بنظام مدني ديموقراطي لحمته الدستور الموضوع من قبل ممثلين شرعيين للشعب ، وسداه صندوق الاقتراع النزيه والشفاف . نعم لوحدة الشعب السوري ، نعم لدعم وتسليح الجيش الحرعلى طريق التعجيل بإسقاط النظام وحقن دماء المواطنين. نعم للعدالة والمسواة بين كل مكونات الشعب السياسية والاجتماعية والإثنية والدينية . وهي شعارات تقع جميعها تحت سقف " الحرية والكرامة " الذي رفعه شباب وشابات درعا يوم 18.آذار 2011 ، ( حيث سقط برصاص النظام باكورة شهداء الثورة ) والذي بات لاحقاً شعار الشعب السوري في كافة المحافظات ، ولاسيما بعد أن رفض النظام تلبية المطالب المشروعة للشعب . وللقارئ الكريم بعد كل هذا ، أن يسمي ردة فعل الشعب السوري ، على فعل طغاة عائلة الأسد وشركاهم مايشاء من الأسماء . ( تعددت الأسماء والموت واحد !! ) . أما من جهتنا ، فإننا نرى أن ماجرى ويجري في سورية منذ حوالي السنتين ، قد بدأ كانتفاضة ولكنه انتهى كثورة . ( انتهى ) |
حوارات الأسد أمجد سالم مقدمة: تحاول هذه الورقة إلقاء الضوء على بعض «مظاهر» الحوار بين السلطات السورية والأصوات المعارضة خلال عهد الأسدين «الأب والابن» بهدف مراجعة الظروف التي استخدمت فيها السلطة هذه الورقة الرابحة كوسيلة للاستمرار في إحكام قبضتها الفولاذية على مفاصل الحكم في سوريا، وصولاً إلى مبادرة الحوار الأخيرة التي اقترحها السيد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة. *** الضحية والحوار: فصول من حوارات الأسد الأب قد يكون من المفيد إعادة قراءة أحداث الثمانينات وما بعدها ومراجعتها في ضوء ما يحدث اليوم، خاصة وأن «دليل المستخدم» المتمثل بالذراع الأمني الصارم، الذي أورثه الأب لابنه عام 2000، أثبت منذ رحيل حافظ الأسد فاعلية منقطعة النظير في التصدي لأي صوت أو حركة معارضة مهما كانت ماهيتها. لكن بمواجهة التشابه في آليات النظام التعسفية تجاه الأصوات المعارضة، يوجد بون شاسع بين دوافع الثورة اليوم وبين دوافع حركة الإخوان في الثمانينات، وإن كان الجزم بأي واقعة تتعلق بتلك الحقبة يبقى افتراضاً غير دقيق تماماً. فالكثير من التفاصيل حول تلك المرحلة لا تزال مغيبة بسبب عسف وتكتم النظام أولاً، وثانياً بسبب أدبيات الإخوان الموتورة الملويّة العنق، لكن الاستدلال ومقاطعة المصادر ومقاربتها من شأنه أن يقدم رؤية أقل ضبابية. يختزل الكثيرون مجزرة حماة بالأحداث التي وقعت في شهر شباط من عام 1982. بالطبع هذا التاريخ هو ذروة المقتلة المفتوحة التي قادها حافظ الأسد ونفذها أخوه رفعت الأسد مع عدد آخر من الضباط المخلصين للنظام. لكن الوقائع والتاريخ يذكرُ وجودَ حوادث مفصلية أخرى للصراع بين الإخوان ونظام الأسد، امتدت على عدة سنوات منذ ما يقارب عام 1964، وأسفرت عن الكثير من الضحايا والمعتقلين. بلغت هذه المناوشات الدامية ذروتها في مفصل عام 1979- 1980، تلتها مناورات سياسية محمومة، بدت ظاهرياً وكأنها تهدف إلى نزع فتيل الأزمة، لكنها في جوهر الأمر لم تكن سوى تمهيد بطيء للضربة القاضية في شباط 1982. تتشابه كثير من تفاصيل الصراع الإخواني – البعثي مع ما يحصل اليوم في سوريا، لا سيما وأن الأسد الابن اختار اتّباع أسلوب الأسد الأب بحذافيره، بهدف التصدي للثورة السورية، ليس فقط على صعيد الأدبيات والخطابات («عملاء» الأب- «مندسّو» الابن)، بل كذلك على صعيد الآليات التنفيذية؛ يعزز ذلك استمرار وجود شخصيات مشتركة بين المجزرتين في مفاصل الحكم حتى اليوم. مما لاشك فيه أن نظام الأسد لم يكن ليسمح لأي صوت معارض بالعلو فوق صوت دكتاتورية البعث، سواء كان من اليمين أو اليسار، لكنه وجد في حركة الإخوان المسلمين وطليعتها المقاتلة آنذاك ضالته، فترجم إرادته في التمسك بالحكم إلى أقصى مستوياتها. لكن حافظ الأسد بما عرف عنه من دهاء وبطش مهد الطريق أمام ضربته الساحقة بسلسلة من الخطوات شرعنت استخدامه للقوة وجعلته يبدو أمام الرأي العام مرغماً على اللجوء إليه، ليصبح العنف دواءً مراً لا بد منه. لقد احتاج الأسد الأب حينها أن يبدو كحاكم ديمقراطي منفتح، وأن يظهر بمظهر الضحية التي تواجه قوة متشددة متطرفة ومسلحة، لذلك سمح بتسريب كميات محدودة من السلاح إلى أيدي شباب الإخوان كانت كفيلة بإشعارهم بتفوق عسكري نسبي، ثم أعقبها بإجراء سلسلة من الخطوات السياسية المبنية أساساً على استغلال نقاط ضعف التنظيم الإيديولوجية والأخلاقية، كالنزعات المتشددة والتوجهات الطائفية والانقسام بين القيادات الثلاث المركزية (أبو غدة، العطار، وحديد). كل ذلك دعم توجهه نحو «شيطنة الإخوان»، معمقاً الصفة الطائفية للصراع بوسائل عدة، أبرزها اغتيال رموز وشخصيات مرموقة وإلصاق التهمة بـ«الطليعة المقاتلة»، كما هو الحال في حادثة اغتيال الحقوقي المعروف الدكتور محمد الفاضل عام 1976(أَلصِقت تهمة اغتياله حينها بالطليعة المقاتلة، رغم أن كثيراً من المراجع تشير بأصابع الاتهام لرفعت الأسد الذي اعترض الفاضل حينها على تسلطه على الحياة الأكاديمية، وكان له مواقف حادة من سياسات النظام). استكمالا لسلسلة الخطوات الاستعدادية، كان لابد للأسد من خطوة أخيرة تمهد البيت الداخلي والرأي العام السوري لتبرير اتخاذ أي خطوة متشددة، وهي خطوة إطلاق «الحوار». فقبيل آذار 1980 علت في صفوف الإخوان المسلمين أصوات معتدلة دعت إلى تلقف فرصة «الحوار» (وليس المفاوضات) التي دعى إليها الأسد الأب في أواخر الـ٧٩، خاصة بعد الاعتقالات الكثيرة التي طالت صفوفهم، وبعد انتقال الكثير من القيادات الإخوانية إلى الخارج للحفاظ على سلامتهم. لقد أدركت بعض قيادات الإخوان ضعف موقفها أمام تهور الطليعة المقاتلة وتسلحها، وانقسام التنظيم على ذاته إزاءها، وأدركوا تراجع الحاضن الاجتماعي للحركة في مدن عدة، خاصة بعد حادثة مدرسة المدفعية في حلب 1979. لقد صدّقت تلك الأجنحة «المعتدلة» نيات النظام الكاذبة من أجل إنهاء الأزمة بأرخص التكاليف. بدوره، لم يكن النظام بذلك الضعف كما خيل لكثيرين آنذاك، والسبب يعود إلى أمرين رئيسيين. أولهما: عدم قدرة الإخوان على نيل ثقة طبقة التجار الحذرين، مقابل تحالف يزداد وثوقاً بينهم وبين حافظ الأسد، هذا التحالف الذي أعلن عن نفسه مبكراً بلافتة رنانة احتلت سوق الحميدية أوائل السبعينات كتب فيها: «طلبنا من الله المدد/ فأرسل لنا حافظ الأسد». بالطبع هذه البادرة المبكرة لم تكن سوى رد فعل على سياسات صلاح جديد الراديكالية، لكن الأسد استطاع التقاطها وترجمتها إلى شراكة غير معلنة، اتضحت ملامحها أكثر في أواسط الثمانينات وكان أحد وجوهها العلاقة الوطيدة بين الأسد الأب و«شهبندر» تجار دمشق بدر الدين الشلاح، وتَوّجت بدعوة الأسد للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر إلى مزرعة الشلاح الشهيرة في الريف الشامي أثناء زيارة كارتر لدمشق. أما عامل القوة الثاني فهو الجيش. لقد خسر الأسد بسبب عسكرته للمجتمع وسعيه الحثيث لتطييف القوات المسلحة، القواعد الشعبية التي أوصلته إلى الحكم، لكنه استطاع الاحتفاظ بولاء أعمى من قبل الجيش، ومن قبل طبقة ضباط تحكمها اعتبارات إيديولوجية تارة، وطائفية تارة أخرى. كان عرّاب الحوار مع السلطة والوسيط الأساسي فيه آنذاك الشيخ الحلبي أمين يكَن، الذي شغل خلال الستينات منصب نائب المراقب العام للإخوان المسلمين، لكنه اعتزل العمل السياسي بعد أن سُجِن وعذِّب ونُفي، ليعود إلى سوريا بعد حصوله على عفو شخصي من حافظ الأسد عام 1976. اشترط الإخوان المسلمون آنذاك كما يشير صدر الدين البيانوني، المراقب العام الحالي للإخوان المسلمين، في إحدى المقابلات، اشترطوا لبدء الحوار مع السلطة وحقن الدم، الإفراج عن معتقلي الإخوان والسماح بعودة المعتقلين والمنفيين من رجالات الحركة. وفعلاً تم لهم ذلك، فتم الإفراج عن دفعات منهم منذ أواخر 1979 حتى آذار 1980، وقد أشار حافظ الأسد بوضوح إلى هذا الموضوع في خطابه في 8 آذار من العام نفسه، مع إنكار دائم لوجود اعتقالات واسعة في صفوف الإخوان، حيث ورد في ذلك الخطاب الذي اختلطت فيه لهجة التهديد بالتهدئة قوله: «… ورغم ما ارتكب من أعمال الإجرام والقتل خلال سنوات فالموقوفون في بلادنا عددهم قليل. تحضرني هنا أو يحضرني حديث ذكره لي الوزير عبد الكريم عدي بعد أن عاد من حماة (….)، قال: عندما ذهبت إلى حماة وسألت مسؤول الأمن، قال: إن مجموع المعتقلين هو حوالي مئة وخمسين، طبعا خرج منهم منذ أيام عدد [و]لم يبق العدد الآن مائة وخمسين». عاد الأسد بعد عشرين يوم لإلقاء خطاب آخر في 23 اذار 1980 من نفس العام بعد تصاعد الاعتقالات والعنف من جديد من جانب قوى النظام «المتشددة» كما تصفها بعض الأدبيات، حيث مضى باللعبة إلى أبعد من ذلك، مستغلاً شقاق الإخوان، فأسقط عنهم جرائمهم، مقابل تجريم الطليعة المقاتلة فقط، حيث قال: «إن الإخوان المسلمين في سورية ليسوا مع القتلة، ولا خلاف لنا معهم إطلاقاً بل نحن نشجعهم، ولهؤلاء الحق، بل وعليهم واجب أن يقترحوا علينا وأن يطالبونا بكل ما من شأنه خدمة الدين ورفع شأن الدين». خلال ذلك الشهر ظن الكثيرون أن الأسد انتزع بحكمته فتيل الانفجار، وبدأ الحديث يدور عن السلم الأهلي، وعن التشارك في الحكم، وعن التداول السياسي. لكن هذا الحوار المفتعل لم يصمد أكثر من أسبوع واحد، ففي 31 آذار استعاد حافظ الأسد زمام المبادرة، وكشر عن أنيابه مجدداً، فبدأ سلسلة اعتقالات جديدة بعد أن ركّب تهمة مبتكرة، اعتبر بموجبها جميع الإخوان المسلمين أعضاء في الطليعة المقاتلة. شملت سلسلة الاعتقالات هذه معظم من أفرج عنهم في العفو السابق، وأضاف الأسد الأب عليهم كثيراً من أعداءه، خاصة أولاء المنتمين لتيارات يسارية متهماً إياهم بالتعاون مع الإخوان (كان منهم آنذاك رياض الترك). بعد شهور قليلة على إطلاق الحوار المزعوم أيضاً، أكمل الأسد حصاره السياسي فأصدر القانون المشؤوم رقم 49 الذي يعاقب بالإعدام كل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين. الجدير بالذكر أن النظام استطاع الترويج في دوائره الضيقة، وكذلك على صعيد عام غير معلن، لمقولة مفادها أن حافظ الأسد يريد التسوية والحوار مع الإخوان وحقن الدماء، لكن الجناح المتشدد الذي يمثله زعيم سرايا الموت رفعت الأسد هو من يصر على الحل العسكري الاستئصالي. يشبه هذا الطرح إلى حد كبير منظومة فكرية بعثية متجذرة سعت دوماً إلى تبرئة القائد المنزه عن الخطأ، ويمكن متابعتها في سنوات حكم الأسد الابن العشرة الفائتة، ابتداء بمقولة: «عبء الحرس القديم على الرئيس الشاب» التي راجت أوائل الألفين، مروراً بمقولة: «هو رئيس جيد، لكن حوله الكثير من الفاسدين» خلال السنوات الخمسة التي سبقت الثورة، وصولاً لمقولة: «ليبقى الأسد ويذهب أشرار فروع الأمن حقناً للدماء» التي راجت بعد اندلاع الثورة. بالطبع أي فصل بين رأس النظام وجسده (أجهزة الأمن) لا يعدو أن يكون مناورة ساذجة أو سوء تقدير سياسي، إن لم نقل أنه اصطفاف مصلحي مبطن مع القاتل. خلال عقد التسعينات بدأت سلسلة إفراجات عمّن بقي حياً من سجناء الـ٨٢، حاولت دوائر النظام أثناءها الترويج لذلك بوصفه «كرم أخلاق» من قبل حافظ الأسد تجاه «ثلة المارقين». أُعيد بعدها إطلاق حوار غير معلن بين الإخوان- هذه المرة إخوان الخارج- ونظام الأسد حوالي عام 1997-1998، فقد كان الأسد الذي خسر وريثه المدرب جيداً ابنه باسل، يريد تنظيف البيت الداخلي قبل تسليمه للوريث الثاني الغر بشار. قاد الحوار في هذه المرة أيضاً عراب الحوار الأول نفسه الشيخ أمين يكَن، واشترطت قيادات التنظيم لطي صفحة الشقاق أن يتم إطلاق سراح السجناء وأن يسمح للمنفيين بدخول سوريا ورفع الحظر عن الجماعة. لكن الحوار انتهى أسرع مما كان متوقعاً، حيث تم اغتيال الوسيط يكَن عام 1999. *** حوار العميان: محاورات الأسد الابن في تموز عام 2000 ورث بشار الأسد السلطة عن أبيه، وقدم ـ مدعياًـ في خطاب القسم رؤيته لسوريا أكثر انفتاحاً، جاء في الخطاب: «إن الفكر الديمقراطي يستند إلى أساس قبول الرأي، وهو طريق ذو اتجاهين»، ثم أضاف: «فإذا أردنا أن نعالج مشكلة ما فيجب أن نتناولها من بدايتها وليس من نهايتها، وأن نعالج السبب قبل النتائج، وهذا يحتاج إلى مواجهة جريئة مع أنفسنا ومع مجتمعنا، وهي مواجهة حوارية نتحدث فيها بصراحة عن نقاط ضعفنا وعن بعض العادات والتقاليد والمفاهيم التي أضحت عائقاً حقيقياً في طريق أي تقدم». تلقف هذه الرؤية عدد من الشخصيات «العاملة في الشأن العام» على حد تعبير ميشيل كيلو الشهير، إضافة إلى سياسيين وكتاب ومثقفين وناشطي مجتمع مدني سوريين، وترجموها إلى ما عرف لاحقاً بـ«ربيع دمشق» 2000 ـ 2001 مستلهما اسمه من تجربة «ربيع براغ 1968». خلال تلك المرحلة انطلقت عدد من المنتديات الحوارية التي بدأت تتناول صيغ إجراء إصلاحات سياسية تدريجية تحت سقف النظام وبالتشارك معه. كان منها منتدى الأتاسي ومنتدى الحوار الديمقراطي الذي أطلقه في منزله النائب الدمشقي آنذاك رياض سيف. صدر في ذلك الوقت بيان عرف ببيان ال 99، طالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وعودة المبعدين، ورفع حالة الطوارئ وإطلاق الحريات العامة. قبل بشار الأسد حينها بربيع دمشق على مضض، فقد كان يريد كسب الوقت ليرتب أوراقه بعد الرحيل المفاجئ للأسد الأب، وكان يحتاج أن يبدو بمظهر القائد الشاب المنفتح، حيث اتخذ عدة قرارات «ذات طابع سياسي ـ سياحي»، من أبرزها حينذاك منع تعليق صوره في الأماكن العامة، لكن هذه القرار الشكلي كما غيره لم يصمد طويلاً. فلم يمض أكثر من ستة أشهر قبل أن يصدر قرار أمني بإغلاق وحظر المنتديات السياسية الحوارية، وقبل أن يئد الأسد بتصريحه الشهير ربيع دمشق تماماً، حيث قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة «الشرق الأوسط»، بأنه سمع عن البيانات لكنه لم يقرأها، وأضاف: «شخص يخاطبك من خارج بلدك فمن الطبيعي أن لا تهتم به. النقطة الثانية، سُميت بيانات مثقفين، هل هم مثقفون فعلاً أم ماذا؟». وبعدها عادت صور الرئيس تغزو من جديد شوارع البلد ومؤسساته، وبدأت قوات أمنه حملة اعتقالات شملت معظم الناشطين في حركة ربيع دمشق. كان منهم هذه المرة أيضاً رياض الترك، إضافة لشخصيات معارضة أخرى أمثال رياض سيف، عارف دليلة وآخرين، حُكموا لمدد تتراوح بين عامين ونصف وعشر سنوات. في عام 2005 ظهر إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي على شكل بيان يدعو إلى «ضرورة التغيير»، لكنه لم يلقَ آذاناً صاغية من قبل حكومة الأسد التي احتفظت بموقفها المتصلب تجاه المعارضة السياسية الداخلية للسنوات الخمس القادمة أيضاً. ففي عام 2009 برز الدور التركي ليقود حواراً مفترضا بين الأخوان المسلمين والحكومة السورية، لكنه سرعان ما اصطدم برفض الأسد رفع الحظر عن الجماعة، مع إنكار وجود مزيد من المعتقلين وإدعاء الإفراج عن جميع سجناء الثمانينات. لقد كان هذا التصريح كارثياً على المستوى الإنساني حيث أدركت مئات العائلات ممن كانوا يعولون على وجود أبنائهم أحياء في السجون، أن أبنائهم قد أصبحوا منذ زمن في عداد القتلى، ولا جدوى من الانتظار مجدداً. *** الثورة السورية والحوار… بعيد اندلاع الثورة السورية استلهم بشار الأسد، كما فعل خلال السنوات العشر الأخيرة، طريقة أبيه في الحكم، القائمة على التصلب في الجوهر، وتقديم التنازلات الشكلية. لا بل مضى أبعد من ذلك حيث استلهم أيضاً أساليب والده الوحشية في التصدي للاحتجاجات والمظاهرات. وبالتزامن مع استمرار ما دعاه الحل الأمني، دعا مرة بعد أخرى لإجراء «حوار» يقينا منه أنه سيحاور من موقع المنتصر، وليس من أي موقع آخر. لذا أطلق منذ 2011 عدة مبادرات «خلبية» للحوار، أكثرها إثارة للسخرية تلك التي لعب فيها فاروق الشرع دور العراب. فقد ساهمت بدفع اسم الشرع إلى الواجهة كقوة معتدلة، وهو أقصى ما يريده الأسد، حيث أن الرجل لا يعدو أن يكون في منصب فخري، معطل الصلاحيات، منزوع القوة، وبالتالي فأي قرار أو رأي يصدر عنه لا يعدو أن يكون بمثابة تصريح غير نافذ أو ملزم. في خطابه الأخير أعاد بشار الأسد مرة أخرى طرح مبادرة «الحوار» بعد أن فصّل لها قناعاً جديداً كي تبدو أكثر تكاملاً، فوضع لها خطوات مرحلية، وجدولا زمنياً، وكذلك آليات تنفيذية، لكنها في الجوهر بقيت تكرس هيمنته على مفاصل الحكم. لقد أسند مهمة إجراء الحوار للحكومة! هذا الأمر يمكن تفسيره ضمن منحيين رئيسيين. الأول يستند على طبيعة الجهة المحاورة، حيث يعلم الجميع أن الحكومة في سوريا لا تتمتع بأي سلطة سيادية أو سياسية، وهي لا تعدو أن تكون واجهة إدارية تنفذ قرارات الدائرة الضيقة الحاكمة، وإلا كيف يتم تفسير أن ينشق رأسها في مرحلة سابقة رياض حجاب دون أن تهتز قيد أنملة. والمنحى الثاني يرتبط بخفض سقف التنازلات. فالحكومة السورية ـ بوصفها حكومة شكلية فقط ـ ستنخرط بالحوار، لكنه حينها سيكون حوارا إداريا وليس حوارا سياديا إن صح التعبير، وهي بالمحصلة لن تستطيع أن تقدم تنازلات إلا ضمن صلاحياتها، أي امتيازات شكلية في أحسن الأحوال، دون المساس بصلب القضية وجوهرها التي تتعلق بسلطات بشار الأسد نفسه. على الطرف المقابل، قدم معاذ الخطيب المعروف بحسن نواياه وانحيازه الصادق للثورة مبادرته للحوار مع النظام، للخروج من حالة الجمود المخيمة منذ شهور على المشهد السوري، لكن الطريق إلى الجحيم أيضاً معبد بالنوايا الحسنة. أثارت المبادرة كثيرًا من التحفظات، وأدت إلى انقسام الشارع السوري المعارض إلى مع وضد، لكن بعيداً عن الاصطفاف الافتراضي لا بد من قراءتها من وجهة نظر تحليلية، ومقاربتها كأرضية مفترضة للتلاقي بين المعارضة والسلطة. كشفت مبادرة الخطيب عن كثير من مواطن الضعف في عمل الائتلاف الوطني باعتباره ممثلاً للشعب السوري، فالمبادرة رأت النور عبر صفحته الخاصة على الفيسبوك، حيث قدمها بوصفها موقفاً شخصياً غير ملزم. ينطوي هذا الطرح على تناقض واضح، فكيف يمكن لشخصية عامة، على رأس قوة سياسية مؤثرة في مرحلة حساسة أن تقدم «رأياً شخصياً» غير ملزم! على الطرف الآخر كشفت المبادرة عمق الخلافات الواقعة في صفوف الائتلاف، فـ «الرأي الشخصي غير الملزم» للشيخ معاذ الخطيب سرعان ما تحول إلى «مبادرة وطنية» عند بعض قوى الائتلاف السياسية المناصرة للخطيب، كما هو الحال بالنسبة للجان التنسيق المحلية، في حين رفضته رفضاً قاطعاً قوى سياسية أخرى تنتمي للائتلاف ذاته، كما هو الحال في المجلس الوطني. للجناحين كليهما مبرراتهما في الرفض والقبول، لكن حالة الانقسام تبقى دون مبرر، خاصة وأن الائتلاف خلق أساساً لينهي الانقسام، وإذا به يعمقه. كان من الأفضل أن يصاغ شكل من أشكال التوافق على المبادرة، وأن تقدم باسم الائتلاف وقواه المختلفة بدلا من أن تبقى مبادرة شخصية تناصرها قوى وتقف في وجهها قوى أخرى في ذات الوقت. بالإضافة إلى ذلك يكشف توقيت طرح المبادرة خللاً مفصلياً في التعاطي مع ظروف ومتغيرات الثورة، فهي تأتي في الوقت الذي يمر فيه الحراك السوري بأدق مراحله وأكثرها خطورة، لا بل في الوقت الذي تتعرض فيه الثورة إلى انتكاسة خطيرة ناتجة عن تجفيف مصادر دعمها الدولي. لقد طرح الخطيب مبادرته من موقع «المظلومية» إن صح التعبير. هذا الطرح أعاد الثوار إلى موقع الضحية بدلاً من أن يدفعهم إلى موقع الند الجدير بالجلوس إلى طاولة المفاوضات. كما طالب الخطيب بالتفاوض مع فاروق الشرع، الرجل المعطل الصلاحيات، الذي لن يكون أكثر من رسول الأمير في حال تم ذلك، كان الأجدى أن يطلب الخطيب التفاوض مع أشخاص من قلب الدائرة الضيقة كجميل حسن أو علي مملوك أو حتى مع وليد المعلم. على صعيد آخر قدمت مبادرة الخطيب سقفاً منخفض المطالب لثورة قدم في سبيلها آلاف الشهداء أرواحهم رخيصة، وأظهرت الأيام القليلة السابقة انهياراً أكبر في حجم المطالب، حيث بدأت لهجة الخطيب تشدد أكثر على «النساء المعتقلات» متجاهلاً مطلبه الأساسي الأول بالإفراج عن 160 ألف معتقل، هذا لو افترضنا أن مسألة إصدار جوازات سفر أمر يستحق الوقوف عنده كثيراً في حال تم الإفراج عن 160 ألف معتقل. يعود معاذ الخطيب بعد أيام ليوضح، أنه ليس سياسياً، بل هو يعتبر نفسه «ثائرا»، لكن كيف يمكن لرجل لا يعتبر نفسه رجل سياسة أن يكون على رأس أكبر فصيل سياسي في ثورة تبدو بحاجة للسياسة أكثر من أي وقت مضى؟! الإجابة بسيطة: يمكن ذلك. لم لا؟ ياسر عرفات (أحببناه أم كرهناه) أيضاً لم يعتبر نفسه يوماً رجل سياسة رغم كل شيء، لكنه، بعكس الخطيب، كان يحمل البندقية في يد وغصن الزيتون في اليد الأخرى. أما الخطيب فعلاقته مع السياسة مبنية على معطيات إنسانية فقط، في الوقت الذي تتطلب السياسة فيه نظرة براغماتية ودوغمائية أحياناً، فهو ما زال يطلب من بشار الأسد أن «ينظر في عيون أطفاله»، ويرحم الشعب السوري ويجلس إلى الحوار، وكأن رجلا مثل الأسد يكترث بالمبادرات الإنسانية أو يكترث بنظرات الأطفال المسحوقين بفعل ترسانته العسكرية البغيضة. أيضا يبدو بعد الخطيب الحقيقي عن السياسة في المصطلح الذي يبدو الأكثر مدعاة للتندر بين ما اخترعته المعارضة السياسية السورية خلال سنتين «التفاوض على رحيل النظام»، وهل يمكن لنظام يمتلك في هذه المرحلة ـ على الأقل ـ كل عناصر القوة اللازمة، فيما تعترف أنت بالضعف وعدم القدرة على تأمين حتى الطعام للجيش الحر، أن يسلم مفاتيح القصر الجمهوري، ويوضب حقائبه ويمضي ببساطة؟! رد النظام على مبادرة الخطيب يدخل في خانة السياسة الشيطانية أكثر من أي شيء آخر، لكنه رد سياسي «غير شخصي وملزم»، فهو لم يرفض الحوار، بل يزيل عنه شروطه المتواضعة أصلاً التي طرحها الخطيب (المعتقلين وجوازات السفر)، ويعيده إلى خانة التفاوض مع «الحكومة» مانعاً عنه حتى الاقتراب من رأس الدولة ولا حتى من الدائرة الضيقة المحيطة به، في الوقت الذي يروج فيه مصطلح «التفاوض على رحيل النظام» بوصفه الخلطة السحرية التي تبرر الحوار. تحتاج مبادرة الخطيب للكثير من المراجعة، وتحتاج لأن تصبح مبادرة سياسية حقيقية لا مجرد «رأي شخصي غير ملزم» قبل أن تتحول إلى عبء على الثورة، لكنها قبل كل شيء لن تقدم شيئاً لوحدها. لابد من ترافقها مع الضغط العسكري الذي يبدو أنه يسدد للنظام ركلات موجعة، عندها يكون الحوار ورقة بيد المعارضة لا عليها. إن لم يحصل ذلك سيمضي بشار الأسد في لعبة الحوار التي يجيدها نظامه أباً عن جد، فهي لعبة سهلة بالنسبة له، وخطواتها متضمنة أيضاً في «دليل المستخدم» الذي تركه له والده قبل رحيله، وقد يقدم تنازلات مرحلية، لكنه سرعان ما سيسترجع مواقعه القديمة، وعندها ستعود سوريا لتصبح مرة أخرى «مملكة الصمت». |
المؤامرة المستمرة على الثورة السورية د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري قد يشمئز الكثير من ذكر هذه الكلمة , أي المؤامرة ولكن يمكننا هنا أن نذكرها بقصد التوضيح أو البحث عن الطرق والوسائل والتي يمكننا من خلالها الحد من تأثيراتها أو جعلها تنحني أمام واقع نصنعه نحن بأيدينا , بحيث تصبح المؤامرة خاوية لاأثر لها , لنواجه مؤامرات أخرى قد تكون جاهزة أو نحصن أنفسنا للقادم علينا أن نستعرض الوقائع التالية والتي من خلالها نستطيع تحديد طبيعة المؤامرة واتجاهها وهدفها والطرق الكفيلة لإنهاء تأثيرها وهي في مهدها 1- إن مايحصل في سوريا هو ثورة شعبية بكل ماتعني هذه الكلمة من معنى , والثورة بتعريفها تعني تغيير نظام الحكم وإزالته من جذوره والنتيجة الحتمية للثورة هو انتصارها وتحقيق الهدف الذي اندلعت لأجله الثورة , وأن أي مسلك غير هذا المسلك يعني انتحاراً وموتاً محققاً وعبودية قد تستمر بعدها عشرات السنين , فأنصاف الحلول هنا لاتعني إلا الاستسلام وبقاء النظام وإخماد الثورة , وعودة القوة من جديد لنظام الحكم , وستكون كل الجرائم التي ارتكبها نياشين ممنوحة من قبل الأعداء والأصدقاء وممن تبقى على قيد الحياة لنظام الحكم السابق , فالعالم لايعترف إلا بالقوة . 2- تحديد الهدف في المقام الأول والسير على هذا الطريق , مع عدم الالتفات إلى الوراء إلا في مراجعة الأخطاء التي ارتكبت , وتصحيح المسار , والهدف هنا هو قلب نظام الحكم وإقامة المحكمة الثورية لكل المجرمين , وهنا كل الحراك السياسي يجب أن يصب فقط في مصلحة تحقيق هذا الهدف أولاً , وبعد تحقيق الهدف يمكن الوصول لحلول يتفق عليها الشعب السوري في نظام يحفظ أمنه ويدير مصلحته فالشعب هو الذي يصنع السلطة , وليس السلطة هي التي تصنع الشعب . 3- الثورة في سوريا لم تعد ثورة ضد نظام حكم استبدادي قمعي وطائفي , بل كشفت الثورة أن النظام الحاكم إن هو إلا ممثل ووالي لولاية الفقيه الايراني , وأن سوريا هي المحافظة رقم 35 من الدولة الايرانية , وتكون الثورة في سوريا هي ثورة ضد استعمار واحتلال , والشعب المحتل لايتراجع عن ثورته حتى يتم تحرير كامل التراب المحتل , أو يُجبر المحتل على الرحيل . 4- النظام الحاكم في سوريا نفذ وينفذ مصالح الدول المؤثرة في العالم ومنها إسرائيل , فلن يكون من السهل إقناعه بالتخلي عنه (فالمجرب لايجرب) والعالم ليس مستعداً لاختبار نظام حكم جديد على أنقاض الحكم المنفذ لمصالحه , وهنا يكون سعيه الحثيث إيصال الفريقين لدرجة اليأس من الحلول المطروحة بحيث يجبرهم على الجلوس على طاولة الحوار لكي يبقى على الدعائم السابقة في نظام الحكم القادم مع تغييرات شكلية تنفذ له مصالحه التي كانت تنفذ من قبل النظام السابق , وتصبح الدولة ضعيفة فاشلة ومرتعاً خصباً للقوى والتي تستفيد من عدم الاستقرار في سوريا 5- لقد انتقدنا مبادرة معاذ الخطيب وهذه نتائجها بدأت تظهر على الساحة السياسية , وأصبحت شماعة للمماطلة عند الدول وجاء تصريح الأخضر الابراهيمي قبل انعقاد الاتحاد الأوروبي بيوم واحد ليعلن فيه أن مبادرة معاذ الخطيب يمكن بناء الحوار عليها , مما جعل رأي الدول المعارضة لتسليح الجيش الحر ورفع حظر السلاح المفروض عليه حجة استند عليها الاتحاد الأوروبي في أن التسليح لايفيد الآن والجنوح إلى الحل السياسي المفترض والوهمي , بالاستناد على مبادرة معاذ الخطيب 6- نستطيع الاستنتاج مما سبق أعلاه أن المؤامرة هي على الثورة وهي لصالح بقاء عصابة الحكم في سوريا , وقد تحصل أمور محددة وقد تسربت أخبار عن الأمر على أن يتم التخلص من بشار الأسد عن طريق الاغتيال , ليتم بعدها الجلوس على طاولة الحوار وإنقاذ النظام المجرم مع التضحية برأسه فقط , وتبقى مصالح روسيا وإيران وإسرائيل كما هي في سوريا مع الضعف القادم للدولة السورية وفرض الشروط المتوافقة مع أمريكا وروسيا وإيران , فأمريكا ضحت بعشرات الآلاف من شعبها ومئات المليارات وأكثر من مائة وخمسين ألف جريح في العراق وسلمتها لإيران كاملة , وهو ناتج عن التناغم المتبادل بين إسرائيل ودولة الملالي في طهران , مع التنسيق التام والموجه ضد الأمة العربية والإسلامية 7- وأخيراً على المعارضة السياسية توحيد نفسها في الاجماع على حكومة مؤقتة انتقالية تدير شؤون الثوار على الأرض ممثلة لكيان المجتمع السوري وتتوحد جميع الرؤى والاعتقاد المطلق بأن النصر قادم بإذن الله تعالى على أيدي ثوارنا الأبطال , ولا مجال لأي محور آخر سوى الانتصار وتحقيق الثورة أهدافها مع اجماع الجميع على ذلك المنحى ودفع كل الامكانيات المتوفرة والبحث عن الإمكانيات المخفية لتصب كلها في نفس الهدف , وكل دعوة لاتصب في هذا المجال فهي دعوة باطلة ومردودة على صاحبها , عندها يمكننا الخروج من تحت مظلة التآمر وتحويل القوة لصالحنا فقط . |
http://im35.gulfup.com/ssMQW.jpg
http://im35.gulfup.com/ssMQW.jpg http://im35.gulfup.com/i6gt8.jpg http://im35.gulfup.com/ruokV.jpg http://im35.gulfup.com/OXw6F.jpg http://im35.gulfup.com/FfJTg.jpg http://im35.gulfup.com/mGDSL.jpg http://im35.gulfup.com/3WKPk.jpg http://im35.gulfup.com/5laAp.jpg الصور ابلغ من الكلمات... اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم |
http://im33.gulfup.com/ySPMb.jpg
http://im33.gulfup.com/S80wn.jpg http://im33.gulfup.com/bOBx5.jpg http://im33.gulfup.com/MW7mY.jpg http://im33.gulfup.com/j57qD.jpg http://im33.gulfup.com/8ep5H.jpg http://im33.gulfup.com/tw4GQ.jpg http://im33.gulfup.com/Rwz0L.jpg اللهـــــــــم إنـــا مغلـوبـون فــانتصـــــر اللهـــــــــم إنـــا مغلـوبـون فــانتصـــــر اللهـــــــــم إنـــا مغلـوبـون فــانتصـــــر |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:22 PM. |
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
شبكة المرقاب الأدبية