المطلع في شعر المحاورة .( البدعة )
بسم الله الرحمن الرحيم المطلع في شعر المحاورة .( البدعة ) لا يخفى على الجميع أن لكل قصيدة مطلعا ً ، يكون كالتمهيد لما بعده ، وكمقدمة الكتاب التي تدخل من خلالها إلى الكتاب نفسه ، ولم يُعرَف على مر العصور قصيدة دون مطلع إلا النزر اليسير من الأبيات التي تقال وليدة اللحظة ، وقد تنوعت المطالع ، بدءا ًبالغزل والوقوف على الأطلال ومرورا ً بوصف المسير بالراحلة وانتهاء ً بالدخول في غرض القصيدة مباشرة ً . وأدبنا العربي مليءٌ بالأمثلة على ذلك ، ولعل أشهرها ما بدأ به ( كعب بن زهير ) قصيدته ( البردة ) التي اعتذر فيها أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ بدأها بقوله متغزلا ً : بانت سعاد ٌ فقلبي اليوم متبول ُ *** متيّمٌ إثرها لم يُفْدَ مكبول ُ وفي شعر المحاورة نجد المطلع شيئا ً مهما ً يوليه الشعراء غاية اهتمامهم ، ويبذلون له قصارى جهدهم ، بل إنّ بعضهم قد يضنيه البيت الأول أكثر مما تضنيه بقية الأبيات ، وربما بدع المطلع قبل بدء المحاورة بساعات إن لم تكن أياما ً !! فالبيت الأول عنوان ما خلفه من أبيات . ولكن .. هل سار شعراء المحاورة على ما عرفناه في أدبنا العربي من وقوف الأطلال والغزل و.... الخ ؟ . بالطبع لا فقد تغيرت المطالع تغيرا ً جذريا ً أستطيع من خلاله تقسيم المطالع في فن المحاورة كما يلي : 1 ـ مطلعٌ يبدأ بالغزل على طريقة القدماء ولكنه قليل ـ إن لم يكن نادرا ً ـ يقول عبد الله المسعودي ـ رحمه الله ـ في محاورة مشهورة مع جار الله السواط : ـ عيني تخيل أصحابها اللي حيث ما حلّوا تحيل *** لدّوا لها يا ســواط وإلا ما بعد لدّوا لها إن مات مفتون الهوى في ربًّة الطرف الكحيل *** ما عاد يسمع كلمة المعروف لين تقولها فيرد السواط بمطلع لا يخلو من النصح للعاشق وتحذيره : ـ إن خيّلت عينك جميع أصحابها خلّك ثقيل *** والأرض متّرها وقيّس عرضها من طولها 2 ـ مطلع يبدأ الشاعر فيه بالسلام إن كان ضيفا ً والترحيب إن كان مضيوفا ً ، وهذا هو الغالب والسائد هذه الأيام . فمن أمثلة التسليم وهي كثيرة : ـ قول صياف الحربي : سلام الله عليكم واسمعوا يا حضرة العتبان ** واشوف الملعبة صارت بدايتها نهايتها وقول فيصل الرياحي : ـ يا سلامي سلام فيه حيلة وحيل *** في حلال على وضح النقا جيتها ومن أمثلة الترحيب وهي أيضا ً كثيرة : ـ قول الشاعر الكبير أحمد الناصر : ـ هلا مرحبا ترحيبة تروي العطشان ** وفي حلة ابن سعود لاحي يا ليحاني والغالب ـ أيضا ً ـ أن الشاعر إذا بدأ بالسلام رحّب به الآخر ، وإذا بدأ بالترحيب ردّ الآخر بـ ( دام البقا ) وما شابهها . 3 ـ مطلع كالمطلع السابق ، ولكن السلام والترحيب ظاهرهما الرحمة وباطنهما العذاب ، فقد يكون هنالك سوء تفاهم بين الشاعرين المتحاورين من موقف سابق ، ومثل هذا السلام والترحيب لا يفهم مغزاه إلا الشاعران نفسهما أو من له دراية ببواطن الأمور ، أما البقية فيمر ذلك عليهم مرور الكرام . ومن أمثلة ذلك : ـ قول الجبرتي للمسعودي : ـ سلام الله بردية لها بين الرجال رجال *** وأنا ماني مسمّي والعرب تعرف بساميها فيرد المسعودي بقوله : ـ هلا يا مرحبا بيّه وباللي يوفي المكيال *** ومن لا يوفي المكــيال يقعــد لين يوفيها 4 ـ مطلع حر ، لا سلام فيه ولا ترحيب ، ولا غزل ولا نسيب ، وغالبا ما يكون هذا بعد ( القاف ) الأول وخاصة إذا لم يكن في الحفلة إلا شاعران ؛ فمن غير المعقول أن تستمر المحاورة سلام وترحيب وترحيب وسلام . بل يدخل الشاعران في غرضهما مباشرة . وفي مثل هذا المطلع يتضح الشاعر المجيد من غيره ، فإن أحسن المطلع فقد أجاد وأحسن والعكس . وتتضح أيضا ثقافة الشاعر ومدى اطلاعه ، تلك الثقافة التي قد لا يساعده المعنى والوزن والقافية على إظهارها في منتصف أو نهاية ( القاف ) . وإذا تتبعنا كبار الشعراء نجد أن ( حبيب العازمي ) يتربع على قمة الهرم في حسن الاستهلال ، وروعة المطلع إذ كثيرا ً ما أمتعنا بمطلع لم نكن نتوقعه ، وآخر كنا نتوقعه ولكنه حوره بطريقة إبداعية أضفت عليه جمالا ً لم نعهده . يقول في محاورة مع عايض أبو رجيلة : ما فيه مرسول ٍ سوات التلفون ** ألوه يا عايض ترى لك مكالمة ويقول لفيصل الرياحي : ـ على راس الرياحي واحدة تمشي من الثنتين ** علاه يسرّح اللي تاصله وإلا يضويها 5 ـ مطلع هجومي يحدد الشاعر فيه هدفه وخصمه بسرعة كسرعة الصاروخ ، وقد يكون ( مطلق الثبيتي و رشيد الزلامي ) متسيّديْ هذا المطلع . ويكفيك أن تسمع ( مطلق ) وهو يخاطب ( صياف الحربي ) لتحكم : ـ الحريبي ينفض اللحية ويطوي في معمـّـه **** راغ قلبه من شليويح المطيري والزلامي كانت تلك نماذج من المطالع ، وغيرها كثير وكثير .... ويبقى لشعر المحاورة خصوصيته التي لا يفهمها إلا أربابه . |
مرحبا ياعائش
لاهنت على المشاركة المفيده الف شكر |
موضوع رائع جداً تسلم يأخ عايش وسجل أعجابي بما كتبت |
سلمت ومن امثالك وامثالك نستفيد ,,
|
عائش السفياني
شكرا جزيلاااا !! |
عيني تخيل أصحابها اللي حيث ما حلّوا تحيل *** لدّوا لها يا ســواط وإلا ما بعد لدّوا لها
إن مات مفتون الهوى في ربًّة الطرف الكحيل *** ما عاد يسمع كلمة المعروف لين تقولها الأخ عايش الحقيقه اني متابع لمواضيع وأجد فيها الفائده والله يعطيك العافيه لكن البيتين اللتي قالها المسعودي كانت على حدث قريب من موقع الملعبه ومعروف تقبل تحياتي ومروري الثقيل |
عايش سلمت على هالطرح الجميل
|
ماجد النويشر : مرورك تشريف لموضوعي .
حزام العصيمي : شهادة أعتز بها من شاعر بحجمك ، وفقك الله . عبدالله الرقيب : الله يحييك يالغالي ومتابعيك لكتاباتي شيء أفتخر به . عبدالله الحليفي : أشكر مرورك ، والحدث الذي ذكرته معروف وهو السبب في المطلع الغزلي المذكور ، تقبل التحية . حامد بن عوجان : الله يحييك وتسلم على الإطراء . كل عام وأنتم بخير ... |
مرحبا بك ياعايش وبكل كتاباتك
دايما ابحث عن عايش وعن كتاباته ويعلم الله ان لكتاباتك رونق خاص اين أنت من التأليف يا صاحبي ؟؟ |
اقتباس:
المسري : أشكر لك ما ذكرت ، أمّــا التأليف فخليها على الله ذابحنا الكسل . |
عائش السفياني
شرح رااائع ومفصل لاهنت |
*******
عائش موضوع مفيد تسلم ولاهنت ***** |
حظيّتي أنك من أربابــه أنت ياعائـش !
موضوع روعة كبقية مواضيعك الدسمه يادسم الصحن ! :) ولكن أود أن أعرّج على هذه الفقـرهـ :- اقتباس:
ساعات أجي معك ، ولكن أيام فهذي ما أعتقـد أنها رااااح تمشي وتعطي الشاعر على كيفه .. والتي يسميها خالد الحصيّن ( خبز منيّعه ) ! إذ إن شعر المحاوره هو اشبه شئ بساحة المعركه لابد أن تكون قدح حاضر بحاضر .. أوحيتني ؟ سلام’ عليكم |
الله يعطيك العافيه ويبيض وجهك
|
أخي عائش السفياني
الدلاله القاطعه والمستنتجه من هذا الموضوع أنك تملك حس جميل و وعي بمعطيات فن المحاوره من اجمل المواضيع والتي لم أقرأ مثلها قط أوافقك الرأي بتميز الشاعر العلم / حبيب العازمي وتفرده بالمطالع القفر والحصريّه ولعلي اذكر من هذه المطالع الجميله مثالين هنا كانت هناك حفله تجمع العديد من شعراء المحاوره ومن ضمنهم الشاعر الكبير رشيد الزلامي إلاّ أن الوقت مضى دون أن يلعب الزلامي ! فقد تناوبوا الشعراء على المكروفون وابو جميل مستمع .. وفي ختام الحفله قام حبيّب عاكسا ما هو سائد من مخاطبة الشاعر لهجوسه حيث من المعتاد ان يقول الشاعر من هجوسي او من هاجسي بمعنى يتكلم عن هاجسه هو .. إلاّ ان حبيب خاطب هجوس الزلامي قائلا في البدعه ياهجوس الشاعر اللي ما سمع طرق ٍ يشوقه // سيّري به لين يسمع كلمتين ٍ من كلامي مطلع مميز لواحده من اجمل المحاورات .. كذلك أستذكر لحبيّب العازمي عند بداية ظهوره الاعلامي حفله في الكويت وكان وقتها قناة تلفزون الكويت بصدد تدشين القناه الرابعه من قنوات التلفزون الرسمي ولم تبث القناه الرابعه الا ان هناك اعلانات مستمره عن موعد بثها كما هو متبع عند بداية بث اي قناه اعلاميه .. ليفاجأنا حبيّب بمطلع جميل أيضا ً سابقا بث القناه ببثه الابداعي المميز فـ القناه الرابعه من تلفزون الكويت // نشرت الأخبار بعد العشاء واوحيتها برأيي ان ابو فيصل من اكثر الشعراء إبداعا في هذا الجانب ومما لاشك فيه انه من اعلام هذا الفن الجميل ، لاهنت يا عائش ، .. |
طرح رائع, ليس بمستغرب من كاتب قدم الكثير من الرؤى حول شعر المحاورة.
لكن ماذا يا عايش عن الشعراء الذين يبدون السلام أو الترحيب بشكل فيه شيء من التجديد؟ أذكر جيداً أن حبيب العازمي يتصدر شعراء الساحة في هذا الجانب منذ أن قال: البقا ياعتيبة مرحبا بالحروب ... مرحبا بالرجال الحاضرة كلها فحبيب رحب بصياف ولكنه قدم ابناء قبيلته من (برقا) حينما اعتبر انهم رحبوا به فرد عليهم التحية ثم رحب بالضيف. هنا تجديد في فكرة الترحيب إذ انه اول من بدأ (بالبقا) في موضع ترحيب. شكرا لك وحبذا لو تزودني بنماذج تشبه هذا البيت فكرة ومطلعاً. |
عائش
عز الله اني استفدت واستمتعت بطرحك الواعي والمثقف لا عدمنااك |
نبذه جميله جدا لمطالع المحاوره
لا هنت يا عايش :) |
عائش السفياني
شرح رااائع ومميز لاهنت كل الشكر والتقدير |
موضوع رائع ومفيد للغايه يا عائش
بارك الله فيك ولاعدمنا تواجدك ياغالي محبتي واحترامي اخوك |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:02 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
شبكة المرقاب الأدبية