لحزن .. يقسى على حالي .. ويثّر فينـي
يستفز اصدق مفاهيم الفـرح .. واغلاهـا
لو درى ان دموع عيني .. ما تداني عيني
ما تركني جالـسٍ .. ماغيـر انـا وياهـا



أكثر مايشغل الشعراء ( اللي عليهم الكلام ) هو مطلع القصيدة !! والمطلع هنا إستجلاء للحاله النفسيه التي يمرّ بها الإنسان قبل التوغل فيه والإستطراد الذي يليه وفيه لفت إنتباه القارئ للشعور الذي ينتاب الشاعر .. حين بدأ بكلمة ( الحزن ) ومدى قسوته وتأثيره على الحالة النفسيه للشاعر ولم يكتفي بذلك بل بيّن قوّة هذا الحزن حينما وضحّ إستفزاز ذلك الحزن وقتله لأصدق وأجمل اللحظات في صورة تبيّن كيف أن الشاعر يتألم من هذا الحزن لدرجة لايمكن أن تهمش دون ذكرها .. وهكذا هو الإتقان الفنّي .. في هذا المطلع الخطييير



والا انا صوتي .. وبحّة صوتي .. وتلحيني
حطّمت حتى النخاع الشوكي .. بشكواهـا


حتى المخرج الوحيد للشاعر من هذا الحزن كان مسدوداً ، حينما أراد الشاعر الخروج من هذا الحزن بغناء الأبيات والذهاب بعيداً عنه وجد نفسه محاطاً بتلك الأحزان والهموم .. وكلمة ( النخاع الشوكي ) جاءت لتبيان مدى الضربات القاسيه التي يتلقاها في صميم ( الجزء الذي ينقل الإحساس ويترجمه في جسم الإنسان ) ولاجدوى من ذلك !!


لا الظروف مناسبه .. ولا السنين سنينـي
خل عاد جروحي .. ومن زاداها .. وادماها


وكأن الشاعر في هذا البيت يخاطب نفسه ويندب حظه بعيداً عن مايحيط به من ألم وجُرح ومن تسبب بها .. وفيه إشاره من أن أشعاره ليس هذا وقتها ولاهذا زمانها وهذا مايتضح في البيت الذي يليه ..



غير جعل الشعر يفقد زولـي .. ويبكينـي
كان ما لبّسته من اغلا الحُلل .. واحلاهـا



هنا بيت ( الثقه ) ودليل وثوق الشاعر بأدواته الشعريه ولايثني عزماً عن الوقوف عليه وفيه وصف لموصوف غير موجود لكن من الأوصاف يتبيّن أنه بمقام ( الملك ) وأنه يستطيع أن يجعله كذلك وأن يزيّنه ويلبسه أجمل الثياب وأندرها وأغلاها ..



شاعر .. ولا كل شيّ يمـر .. يستهوينـي
آتختّـل صيدتـي .. واضمّهـا وارفـاهـا



لازالت الثقه ثابته .. وكلمة ( اتختّل ) خيّلت للقارئ وصف الذئب حينما يستطلع غنيمته ويختار أجمل مافي المرعى قبل أن ينقض عليها وفيه دلالة على تأني الشاعر في كتابة الشعر وترويه في إختيار الجزيل من القول والإبتعاد عن المبتذلات والهزال التي لايقف عليها ولايعطيها أدنى إهتمام ..



من خُلاصة فكري .. ومنهاجي .. وتكويني
حاجةٍ مخصوصه .. ومن شافهـا خلاهـا
اسهل من اللي تساومني .. وهي في ايديني
واصعب من الكلمه اللي مآحـدٍ .. طراهـا



هذان البيتان لايمكن أن تكون سهله إلا على من يقرأها قراءة صحيحه ولها معنى ( ثمين )مختبأ بين السطور خصوصاً في الشطر الثاني من البيتين .. ولن أعرض عليها حتى يكتشفها غيري ..



وان خذاني الشوق للي .. كنهـا تدعينـي
كل ما بانت ملامـح صورتـي .. جواهـا


الله ماأجمل هذه التوازن الحسّي الذي بيّنه الشاعر في بيت واحد وهذا يدل على ( البلاغة الشعريه ) التي يتمتع بها الشاعر ..



واكتشفت ان الظروف .. مقيّـده رجلينـي
كيف ابلقى لي حياةٍ .. فالحياه .. احياهـا



للشطر الثاني معنى جميل وراقي ، وهو فصل الحياة الطبيعيه عن الحياة التي تكون بجانب المحبوبه فالأول شئ والثاني شئ آخر وجاءت بوتر موسيقى تتجاذب له الأذان وتطرب له النفس دون أن يختل المعنى


ايه انا المخطي وانا اللي فيني .. ما يكفيني
والا هي عن واقع الموضوع .. وش دراها

( وش دراها ) .. يبرئ الشاعر نفسه رغم إعترافه بخطأه



بلغوها .. من يطمـن قلبـي ويرضينـي
لا تباعدنا .. وطال الصمت .. بين شفاهـا
اتحرّى .. طيفها اللي كل ليـل .. يجينـي
واستلذّ بكل كلمه .. مـا اعـرف معناهـا


( وأستلذ بكل كلمه .. مااعرف معناها )


أشاطر محمد جارالله على هذا الإحساس الدفين في هذا الشطر المتغطرس ( ذوقياً )



تمتمت صوت الغرام .. ونبرته .. تحيينـي
عقب موتي .. يوم حدّوني علـى فرقاهـا
وآدعتني .. واتركت لي .. حاجةٍ تلهينـي
عطرها .. وانفاسها .. وشوي من حناهـا


خطيييييير هذا الإلتفاف الذي يجده الشاعر في نفسه من البعد الذي لاطاقة له فيه ولكن لايعي الرواسب والأشياء البسيطه إلا من له ( حس عالي ) ..


ليت لي حيله .. واخبّي دمعتي في عينـي
وليت عيني تقتصد .. فاللي بقى من ماها!



إبتدأ المشهد الأول بالحزن والدمع وإنتهى به كذلك ولكن مع تمنى الشاعر لإيجاد وسيله أخرى لإختباء دمعه وذكر ( وأخبّي دمعتي في عيني ) وهي إستحاله تحقيق الطلب !!

( وليت عيني تقتصد .. ف اللي بقى من ماها )
أقل مايمكن أن يكون إن كان الأول مستحيل ..



قمة قمه من مطلعها حتى مسكها الأخير ..



ليس للمحبه دور في كتابة مايخالج نفسي تجاه هذه الدرّه الرصينه

خالد الحصيّن


إعلم جيداً لو أعطيت ( نظم القصيد ) نصف إهتمام ، لجعلت أعناق الإعجاب تلتف حولك ..

لله درك من شاعر ..
لله درك من شاعر ..



سلامي ومحبتي وإعجابي ،