مستشار إداري
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1920
|
تاريخ التسجيل : Nov 2008
|
أخر زيارة : 12-05-2020 (10:29 PM)
|
المشاركات :
17,650 [
+
] |
زيارات الملف الشخصي : 57118
|
الدولهـ
|
|
لوني المفضل : Brown
|
|
جئت اليكم هذا اليوم أصافح الأدب بتحفة من تحفة , وأخالج صدره بذكر إحدى روائعه التي يتغنى بها اللسان وتطرب لسماعها الآذان .. !!
أقف وبين يديّ قصيدة عظيمة أذهلتني برونقها , وتعجبت لكثرة معجبيها , فقرأتها وتمعنت فيها فأصبحت أحد المتيمين بها , كثير الإستشهاد بمحتواها , ناصح مخلص لها , بل أحد رواد دعايتها , ومحللي تفاصيلها ..!! قصيدة فريدة قلّ أن يسطر الأدباء ما يوازيها , وندُر أن يأتي الشعراء بما يجاريها – في نظري القاصر قريب المدى – وأنتم خير حاكم في الفيصل بيني وبينها ..!!
هذه النادرة الفريده سميت بــ ( الملعونة ) حيث أن معظم من سمعها قال : لعن الله صاحبها ما أشعره , ونعتها البعض بــ (المقصورة ) ؛ لإنتهائها بحرف مقصور ..!! ملئت بالرضا بالقضاء والقدر .. والايمان بما يكتبه الرب على البشر ...!!
تناول فارسها جوانب شتى , وتطرق لمواضيع عدّة , في حكمة الشيخ الكبير , وفخر الشاعر المتمكن , وذكر الأمجاد , والنصح من الاغترار بزيف الدهور , وشبابها الخادع , وتفنن بشتى أنواع البلاغة ..!!فشاعرنا الفذّ صاحب القصيدة الملعونة يدعى / محمد بن الحسن ابن دريد , الذي كان يقال عنه : أنه أعلم الشعراء , وأبيات قصيدته تجاوزت المئتين والثلاثين ولكنني أقف على وقفات يسيرة منها أتمنى أن تنال إعجابكم ...!!
يستهل مقصورته بمطلع التوجد بالمحبوبة ويشرح حاله لها موضحاً ما تعرض له شعر الرأس من ألوان , وأشتعل بياضه بسواده , واختلط ليله بصباحه .. باكياً من هول الموقف وفجعة الكِبر وما لاقاه من صروف الأيام وتقلباتها التي تعرض قلبه لبعضها حتى ان الصخور الصمّ لو لامسته لأنكسرت أمامه..!!
[poem=font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يـا ظَبيَـةً أَشبَـه شَـيءٍ بِالمَهـا = تَرعى الخُزامى بَينَ أَشجـارِ النَقـا
إِمّا تَـرَي رَأسِـيَ حاكـي لَونُـهُ =طُرَّةَ صُبحٍ تَحـتَ أَذيـالِ الدُجـى
وَاِشتَعَـلَ المُبيَـضُّ فـي مُسـوَدِّهِ = مِثلَ اِشتِعالِ النارِ في جَزلِ الغَضـى
لَو لامَسَ الصَخرَ الأَصَمَّ بَعضُ مـا = يَلقاهُ قَلبي فَـضَّ أَصـلادَ الصَفـا [/poem]
يعلن تمرده على الاحداث , وشدائد الدهر بخطابٍ لاذع مبدياً عدم الاستسلام , وراضياً بالقضاء والمكتوب مهما كان , بنفسٍ مطمئنة , مستخلصاً حقيقة واضحة جلية تنعت الليل والنهار بسمة اتلاف الجديد , وتقريب أجله , وتقصير عمره ..!!وأن حِمام القضاء مدركه لا مناص منه ...! وأنه سيزور القبر مهما طال به طريق ( الحياة ) ..!!
[poem=font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لا تَحسبَن يـا دَهـرُ أَنّـي جـازِعٌ = لِنَكبَـةٍ تُعرِقُنـي عـرقَ الـمُـدى
رَضيتُ قَسراً وَعَلى القسرِ رِضـى = مَن كانَ ذا سُخطٍ عَلى صرفِ القضا
إِنَّ الجَديدَيـنِ إِذا مـا اِستَولَـيـا = عَلـى جَـديـدٍ أَدنـيـاهُ لِلبِـلـى
أَنَّ القَضـاءَ قاذِفـي فـي هُــوَّةٍ = لا تَستَبِلُّ نَفس مَـن فيهـا هـوى [/poem]
أستشهد لنا على كلامه , وبرهن لنا على اقواله , بما فعله الدهر في أقرانه كأمرئ القيس الذي اعتنقه الموت قبل تحقيق غايته , والملك الكندي الملقب بـ ( إبن الاشجّ ) الذي آثر الموت عن الشماته , وما أهلك ( الوضّاح ) دون عشيقته التي يأمل بها ..!! وقصم ظهره الفناء دونها ..!!
[poem=font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إِنَّ اِمرأَ القَيسِ جَرى إِلـى مَـدى = فَاِعتاقَـهُ حِمـامُـهُ دونَ الـمَـدى
وَاِبنُ الأَشَجِّ القَيـلُ سـاقَ نَفسَـهُ = إلى الرَدى حِذارَ إِشمـاتِ العِـدى
وَاِختَرَمَ الوَضّاحَ مِـن دونِ الَّتـي = أَمَّلَهـا سَيـفُ الحِمـامِ المُنتَضـى [/poem]
ويستمر هذا العلَم في سرد أبياته الجميله .. ويمتدح العراق .. ويثنى على امرائها .. ويوصلنا الى نقطة يجب الوقوف عندها وهي تفصيل مبسط لأنواع البشر في تعاملهم من حيث سلاسة الاسلوب ولطفه , وجلافته وبغضه , ويشبه الرجل الكبير بالعود القاسي في روعة بيان ودقة تفصيل لإيضاح ان الاخلاق لا يمكن أن تتعدل في مستقبل الزمن مع تقدّم السن ومعاصرة الشيخوخة ..!!
ويستنكف بعبارات التهجمّ على الذي ضيّع ايامه , وفرّط في مستقبله , ففضّل له العمى وطريق الغيّ , ويشيد بمن طوّع نفسه على جميل الطباع ومحاسنها وبيّن أنه سوف يغتنى بنشوة الكرامة ..!! ومن تكبّر وتمخطر بخصاله نال المقت والحرمان وصغُر في عيون الناس ..!!
[poem=font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وَالنـاسُ كَالنَبـتِ فَمِنهُـم رائِـقٌ = غَضٌّ نَضيرٌ عـودهُ مُـرُّ الجَنـى
وَمِنـهُ مـا تَقتَحِـمُ العَيـنُ فَـإِن = ذُقتَ جَناهُ اِنساغَ عَذبـاً فـي اللها
وَالشَيـخُ إِن قَوَّمتَـهُ مِـن زَيغِـهِ = لَم يُقِمِ التَثقيفُ مِنـهُ مـا اِلتَـوى
كَذَلِـكَ الغُصـنُ يَسيـرٌ عطـفُـهُ = لَدنـاً شَديـدٌ غَمـزُهُ إِذا عَـسـا
مَـن لَـم تُفِـدهُ عِبَـراً أَيّـامُـهُ = كانَ العَمى أَولى بِهِ مِـن الهُـدى
مَن عَطَفَ النَفسَ عَلى مَكروهِهـا = كانَ الغِنى قَرينَـهُ حَيـثُ اِنتَـوى
مَن ناطَ بِالعُجـبِ عُـرى أَخلاقِـهِ = نيطَت عُرى المَقتِ إِلى تِلكِ العُرى [/poem]
ثم يٌشرِع بنا بحكمٍ مدويّة يستهلها بمبدأ جميل يتمثّل في ألآ تجعل للعدد من الناس القدر الهام في الملمات بل البقاء للأنقى والأصفى من الأصدقاء وقت الشدائد ..!! وينبذ جمع المال .. والتفاخر به .. ويدعو الى البذل وكسب الآخرة ..!! وطرق أبواب الفضائل ..!! ويخبرنا بأسلوب شيخٍ حكيمٍ واعي حلب الدهر وعارك الأيام وذاق مرارتها وحلاوتها ( المؤقته ) ..!! ويذكرأن الشقاء ملازم لأهله , والحُر الأبي تنفع به الملامة , والعبد لا يجدي به الا القسوة والعنف , والعقل قد يفسده طغيان الهوى ورجوح ميزانه عليه ..!! وأن الذكر الجميل والثناء الحميد الحسن بعد تقوى الله وخشيته هو مكسب الإنسان الحقيقي الذي يبقى في حياته وبعد مماته ..!!
[poem=font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وَالنـاسُ أَلـفٌ مِنهُـمُ كَـواحِـدٍ = وَواحِـدٌ كَالأَلـفِ إِن أَمـرٌ عَنـا
وَلِلفَتـى مِـن مالِـهِ مـا قَدَّمَـت = يَداهُ قَبـلَ مَوتِـهِ لا مـا اِقتَنـى
إِنّي حَلَبتُ الدَهـرَ شَطرَيـهِ فَقَـد = أَمَـرَّ لـي حينـا وَأَحيانـاً حَـلا
إِنَّ الشَقـاءَ بِالشَـقِـيِّ مـولَـعٌ = لا يَملِـكُ الـرَدَّ لَــهُ إِذا أَتــى
وَالـلَـومُ لِلـحُـرِّ مُقـيـمٌ رادِعٌ = وَالعَبـدُ لا تَردَعُـهُ إِلّا العَـصـا
وَآفَةُ العَقـلِ الهَـوى فَمَـن عَـلا = عَلـى هَـواهُ عَقلُـهُ فَقَـد نَجـا
عَوِّل عَلى الصَبـرِ الجَميـلِ إِنَّـهُ = أَمنَعُ مـا لاذَ بِـهِ أولـو الحِجـا
وَالحَمدُ خَيـرُ مـا اِتَّخَـذتَ عـدَّةً = وَأَنفَسُ الأَذخارِ مِـن بَعـدِ التُقـى [/poem]
ويعود بنا الى منغصّ الشباب .. ومُذهِب لذّته .. وهو الشيب ومن بعده الفراق والموت ويتمنى ألو يقبل الموت التأجيل للإستمتاع برونق الحياة وزهوها ..!! مستبعداً حصول الأماني وأن ما يجري في الحياة سنّة مقدرة لا مناص من الإنصياع لها .. وتقبلها كما هي ..!!
[poem=font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ما أَنعَـمَ العيشَـةَ لَـو أَنَّ الفَتـى = يَقبَلُ مِنـهُ مَوتُـهُ أَسنـى الرُشـا
أَو لَـو تَحَلّـى بِالشَبـابِ عُمـرَهُ = لَم يَستَلِبهُ الشَيبُ هاتيـكَ الحُلـى
هَيهاتَ مَهمـا يُستَعـر مُستَرجـعٌ = وَفي خُطوبِ الدَهرِ لِلنـاسِ أَسـى
لا بُدَّ أَن يَلقى اِمـرُؤٌ مـا خَطَّـهُ = ذو العَرشِ مِمّا هُـوَ لاقٍ وَوَحـى [/poem]
ثم يختتم تلك التحفة الفريدة بتسليمه زمام الامور للقضاء والقدر .. وما هو مسطر على جبين الإنسان .. !! موضحاً لنا أنه لن يجزع عن موته .. ولن يفرح عندما يقدر له طول العمر لأنه يعلم ما في العيش من مشاق , وما سيعتريه من كدر لا محاله ..!! وينفي عن نفسه فعل القبيح ؛ لما يتحلى به من عقل وحلم .. !! وينفي أن يخضع للشدائد .. أو يفرح بأوقات السعادة ..!!وهنا دلالة واضحة على رجاحة عقل ذلك الرجل وإدراكه الواعي لمبادئ الحياة ..!!
[poem=font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
مِن كُلِّ ما نالَ الفَتـى قَـد نِلتُـهُ = وَالمَرءُ يَبقى بَعـدَهُ حُسـنُ الثَنـا
فَـإِن أَمُـت فَقَـد تَناهَـت لَذَّتـي = وَكُلُّ شَـيءٍ بَلَـغَ الحَـدَّ اِنتَهـى
وَإِن أَعِش صاحَبتُ دَهري عالِمـاً = بِما اِنطَوى مِن صَرفِهِ وَما اِنسرى
حاشا لِمـا أَسـأَرَهُ فِـيَّ الحِجـا = وَالحِلـمُ أَن أَنبَـعَ رُوّادَ الخَـنـا
أَو أَن أُرى لِنَكـبَـةٍ مُختَضِـعـاً = أَو لِاِبتِهـاجٍ فَـرِحـاً وَمُـزدَهـى[/poem]
أرجو أن أكون وفقت في هذا الطرح , وأعتذر عن التقصير , وأتمنى
أن ينال الإعجاب , وأعتذر عن الإسهاب في الشرح ..!!
تقبلوا تحياتي
|