الموضوع: فوائد الذنوب ,,
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-03-2009, 08:57 AM   #4
فهد الماجدي
(*( عضو )*)


الصورة الرمزية فهد الماجدي
فهد الماجدي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1524
 تاريخ التسجيل :  Feb 2007
 أخر زيارة : 11-05-2014 (02:20 AM)
 المشاركات : 2,761 [ + ]
 زيارات الملف الشخصي : 21358
لوني المفضل : sienna


[align=center]
ومنها: أن الحكمة الإلهية اقتضت تركيب الشهوة والغضب في الإنسان، وهاتان القوَّتان فيه بمنزلة صفاته الذاتية، لا ينفكُّ عنهما، وبهما وقعت المحِنَةُ و الابتلاءُ، وعُرِّض لنيل الدرجات العُلى، واللَّحاق بالرَّفيق الأعلى، والهُبوط إلى أسفل سافلين.

فهاتان القوَّتان لا يدعان العبد حتى يُنيلانه منازل الأبرار أو يضعانه تحت أقدام الأشرار، ولن يجعل الله من شهوتُهُ مصروفة إلى ما أعد له في دار النعيم، وغضبُهُ حميَّةٌ لله ولكتابه ولرسوله ولدينه، كمن جعل شهوتُهُ مصروفةٌ في هواه وأمانيه العاجلة، وغضبُهُ مقصورٌ على حظه، ولو انْتُهِكَ محارمُ الله وحدوده وعطلت شرائعه وسننه بعد أن يكون هو ملحوظاً بعين الاحترام والتعظيم والتوقير ونفوذ الكلمة!

وهذه حالُ أكثر الرؤساء - أعاذنا الله منها - فلن يجعل الله هذين الصنفين في دارٍ واحدةٍ، فهذا ركض بشهوته وغضبه إلى أعلى علَّيَّين، وهذا هوى بهما إلى أسفل سافلين.

والمقصود أن تركيب الإنسان على هذا الوجه هو غاية الحكمة، ولا بد أن يقتضي كل واحد من القوَّتين أثره، فلا بدَّ من وقوع الذنب والمخالفات والمعاصي، فلا بد من ترتب آثار هاتين القوتين عليهما، ولو لم يخلقا في الإنسان لم يكن إنسانا، بل كان ملكا، فالترتب من موجبات الإنسانية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" كل بني آدم خطاءٌ وخير الخطائين التوابون"(6)، فأما من اكتنفته العصمة، وضُربت عليه سُرادِقاتُ الحفظ فهم أقل أفراد النوع الإنساني، وهم خلاصته ولبه.

___________

(6) رواه أحمد(3/244) عن أنس بسند حسن

ومنها: أن الله سبحانه إذا أراد بعبده خيرا أنساه رؤية طاعاته، ورفعها من قلبه ولسانه، فإذا ابتُلى بالذنب جعله نُصْبَ عينيه، ونسى طاعاته، وجعل همَّهُ كله بذنبه، فلا يزالُ ذنبه أمامه إن قام أو قعد أو غدا أو راح، فيكون هذا عين الرحمة في حقه، كما قال بعض السلف:" إن العبد ليعمل الذنب فيدخُلُ به الجنَّة، ويعملُ الحسنة فيدخلُ بها النار، قالوا: وكيف ذلك؟ قال: يعملُ الخطيئة فلا تزال نُصب عينيه كلما ذكرها بكى وندم وتاب"، واستغفر وتضرع، وأناب إلى الله، وذل له وانكسر، وعمل لها أعمالاً فتكون سبب الرحمة في حقه، ويعملُ الحسنة فلا تزالُ نُصْبَ عينيه يمُنُّ بها ويراها ويعتدُّها على ربه وعلى الخلق، ويتكبر بها، ويتعجب من الناس كيف لا يُعظّمونهُ ويُكرمونهُ ويُجلُّونهُ عليها، فلا تزالُ هذه الأمور به حتى تقوى عليه آثارها، فتدخله النار.

فعلامة السعادة أن تكون حسناتُ العبد خلف ظهره، وسيئاتهُ نُصْبَ عينيه.

وعلامة الشقاوة أن يجعل حسناته نُصْبَ عينيه وسيئاته خلف ظهره، والله المستعان.

ومنها:أن شُهود العبد ذنوبه وخطاياه توجب له أن لا يرى لنفسه على أحد فضلا، ولا له على أحد حقا، فإنه يشهد عيوب نفسه وذنوبه، فلا يظن أنه خير من مسلم يؤمن بالله ورسوله، ويُحرم ما حرم الله ورسوله، وإذا شهد ذلك من نفسه لم يَرَ لها على الناس حقوقاً من الإكرم يتقاضاهم إياها ويذمهم على ترك القيام بها، فإنها عنده أخس قدراً وأقل قيمة من أن يكون له بها على عباد الله حقوق يجب عليهم مراعاتها، أوله –لأجلهِ - فضلٌ يستحقُّ أن يُكرم ويعظم ويقدم لأجله، فيرى أن من سلم عليه أو لقيه بوجه منبسط فقد أحسن إليه، وبذل له مالا يستحقه، فاستراح هذا في نفسه، وأراح الناس من شكايته وغضبه على الوجود وأهله، فما أطيب عيشه! وما انعم باله! وما اقر عينه!

وأين هذا ممن لا يزال عاتبا على الخلق، شاكيا ترك قيامهم بحقه، ساخطا عليهم، وهم عليه أسخط؟!

فسبحان من بهرت حكمته عقول العالمين .

ومنها: أنه ويوجب له الإمساك عن عيوب الناس والفكر فيها؛ فإنه في شغل بعيب نفسه، فطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وويلٌ لمن نسي عيبه وتفرغ لعيوب الناس.

هذا من علامة الشقاوة، كما أن الأول من أمارات السعادة.

ومنها: أنه إذا وقع في الذنب شهد نفسه مثل إخوانه الخطائين، وشهد أن المصيبة واحدةٌ، والجميع مشتركون في الحاجة - بل في الضرورة - إلى مغفرة الله وعفوه ورحمته، فكما يحب أن يستغفر له أخوه المسلم ،كذلك هو أيضا ينبغي أن يستغفر لأخيه المسلم، فيصير هجيراه(7): رب اغفر لي ولوالديَّ وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات.

___________

(7) دأبة وعادته.

وسمعتُ شيخنا يذكره، وذكر فيه فضلاً عظيماً لا أحفظه، وربما كان من جملة أوراده التي لا يُخل بها، وسمعته يقول: إن جعله بين السجدتين جائز، فإذا شهد العبد أن إخوانه مصابون بمثل ما أُصيب به محتاجون إلى ما هو محتاجٌ إليه لم يمتنع من مساعدتهم إلا لفرط جهله بمغفرة الله وفضله، وحقيق بهذا أن لا يساعد فإن الجزاء من جنس العمل.

وقد قال بعض السلف: إن الله لما عتب على الملائكة بسبب قولهم:{ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ }[البقرة:30]، وامتحن هاروت وماروت بما امتحنهما به جعلت الملائكة بعد ذلك تستغفر لبني آدم وتدعو الله لهم.

ومنها: أنه إذا شهد نفسه مع ربه مسيئاً خاطئاً مفرطاً، مع فرط إحسان الله إليه في كل طرفة عين، وبره، به ودفعه عنه، وشدة حاجته إلى ربه، وعدم استغنائه عنه نفساً واحدا، وهذه حاله معه، فكيف يطمع أن يكون الناس معه كما يحب، وان يعاملوه بمحض الإحسان وهو لم يعامل ربه بتلك المعاملة؟ وكيف يطمع أن يطيعه مملوكه وولده وزوجته في كل ما يريد ولا يعصونه لا يخلون بحقوقه وهو مع ربه ليس كذلك؟ وهذا يوجب له أن يستغفر لِمُسيئهم، ويعفو عنه، ويسامحه، ويُغْضي عن الاستقصاء في طلب حقه.

فهذه الآثار ونحوها متى اجتناها العبد من الذنب فهي علامة كونه رحمة في حقه، ومن اجتنى منه أضدادها وأوجبت له خلاف ما ذكرناه فهي - والله - علامة الشقاوة، وأنه من هوانه على الله وسقوطه من عينه خلى بينه وبين معاصيه ليقيم عليه حجة عدله، فيعاقبه باستحقاقه.

وتتداعى السيئات في حق مثل هذا، وتتألف، فيتولد من الذنب الواحد ما شاء الله من المتآلف و المعاطب التي يهوى بها في دركات العذاب، والمصيبة كل المصيبة الذنب يتولد من الذنب، ثم يتولد من الاثنين ثالثٌ ثم تقوى الثلاثة فتوجب رابعا، وهلم جرا.

ومن لم يكن له فقه نفسي في هذا الباب هلك من حيث لا يشعر؛ فالحسنات والسيئات آخذ بعضها برقاب بعض، يتلو بعضها بعضا، ويُثمِرُ بعضها بعض قال بعض السلف: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن من عقاب السيئة السيئة بعدها.

وهذا اظهر عند الناس من أن تضرب له الأمثال وتطلب له الشواهد، والله المستعان.

نقله لكم بشيء من الاختصار

www.aborashed.com

من كتاب مفتاح دار السعادة (1/286 )
[/align]


 
 توقيع : فهد الماجدي


أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
والعلامه محمد امان الجامي رحمه الله
,
« اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، ولا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق، المقر بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وذل لك جسده، ورغم لك أنفه، اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقيا وكن بي رءوفا رحيما يا خير المسئولين، ويا خير المعطين »

استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه




رد مع اقتباس