عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2009, 10:39 AM   #2
عبدالرزاق الذيابي
(*( عضو )*)


الصورة الرمزية عبدالرزاق الذيابي
عبدالرزاق الذيابي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 722
 تاريخ التسجيل :  Apr 2003
 أخر زيارة : 25-04-2023 (09:16 PM)
 المشاركات : 6,676 [ + ]
 زيارات الملف الشخصي : 16630
لوني المفضل : sienna


‏*التشنج والتعصب الذي يعصف بالمجتمع ، كيف يمكن علاجه ؟
التعصب والتشنج موجود ، وأذكر أن احمد الشيباني رحمه الله قال "إحمدوا الله أنهم يشتمونكم وحسب ، ولم ينصبوا لكم المشانق" ، مايجري لدينا جرى في أوروبا منذ قرون ، ولابد من قراءة هذه الظاهرة قراءة علمية لتوظيفها توظيفاً إيجابياً ، فأنا أرى أن التشجنات مفيدة لأنها تلهب أجواء الحوار ، وتشعرك أن هناك حراك ثقافي حقيقي ، عندما كنت في نادي جدة الأدبي من عام 1400 – 1410 هـ ، حينما كان يرأسه عبدالفتاح أبو مدين كان هناك حراك ثقافي رائع ، وكانت الفعاليات الثقافية التي يقيمها النادي غاية في التميز ، والنادي شعلة ثقافية مبهرة ، لأن تلك الفترة كانت تشهد حواراً ساخناً ومفتوحاً بين الحداثيين والصحويين ، لكن أنظر مالذي حدث بعد ذلك ، غُيّب الحوار ممن يخشون الحوار ، فأصبحت الفعاليات الثقافية باردة ولا تجتذب أحداً ، بل أصبحت ساذجة بكل ماتحمله الكلمة من معنى .
كنت مستبشراً بمحاضرة جامعة الإمام لأنها ستجمعني بالمخالفين ، وقد اشترطت الحوار ، لأعرف المخالفين ويعرفونني من خلال الحوار ، إن قارعتهم بالحجة والبرهان العقلي والمنطقي ، فأنا على صواب ، وإن لم يكن فسيقنعونني بما لديهم ، وحينها لن أتحرج من اعترافي بالخطأ ، وسأفرح لعودتي عنه .
وهل ترى صحية الحوار في أجواء كهذه ؟
طبعاً ، الحوار لا يأتي إلا بخير ، حاور وتحاور ولا تخشى أحداً ، إن كنت على حق ، فستقوى ، وتقوّي موقفك ، وإن لم تكن فستكتشف ذلك من خلال الحوار ، حينها ستتراجع عن الموقف.



*رجل الشارع البسيط طيب ومسالم ويحب الناس ، ويكره التصنيفات ، لكن مشكلته الحقيقية مع النخب ، فكل يريده في صفه... النخب في ظل ثقافة القطيع المهيمنة على المجتمع متهمة باستلاب رجل الشارع دون أن تترك له حرية اتخاذ قراره في الاختيار ، تعليقك ؟
هذه هي قواعد اللعبة السياسية ، أنظر إلى المعارك الانتخابية في أمريكا وبريطانيا ، هي تقوم على هذا الأساس ، أنت ومنافسك في الميدان ، والناخب أمامكما ، ومن يستطيع إقناعه بوجهة نظره ، وهو من يفوز في النهاية .
صدقني أن رجل الشارع البسيط لا ينتظر النخب ليحددوا له خياره ، هو من يتخذ القرار بقناعة ، لأنه أكثر الناس حرية في الكون ، وإذا لم يعجبه شي سكت ، والساكت لن تستطيع معرفة موقفه.
هناك تخويف وتضليل وتهييج وضرب على المشاعر العميقة..نعم ، لكن القرار في النهاية لهذا الإنسان البسيط ، ثم أن التضليل والضرب على المشاعر العميقة يمكن أن يمارس حتى مع النخب الواعية والمثقفة ، مثلاً عوض القرني اقنع الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله ، الذي كان يمثل قمة الوعي الديني بخطر الحداثة التي جاء بها الغذامي ، وجعله يقدم لكتابه ، وللمعلومية المقدمة لم يكتبها ابن باز ، هي كتبت وقرئت على الشيخ ، ووافق عليها ، ما مارسه عوض القرني ضد الحداثة ، هو ما يمارس تماماً ضد البشر اليوم من تخويف وإرعاب من أنفلونزا الخنازير ، فالعالم متأهب ومستنفر لخطر يقدّمه البعض على أنه مهلك البشرية ، بينما الوفيات لم تتجاوز الأربعين شخصاً حتى الآن ، الذي يحدث للناس الآن من تخويف من أنفلونزا الخنازير ، يشبه ما قام به عوض القرني إبان الحداثة –رغم أن الحداثة لم تقتل أحداً- ، وكأن الحداثة وأنفلونزا الخنازير بذرة واحدة .

*لكن القرني إستشهد بنصوص حداثية ، وكتب ومؤلفات ؟
استشهد بمن ؟ استشهد بيوسف الخال النصراني ، وأدونيس العلوي ، ولم يأتِ بنص أو إحالة على كتاب لعبدالله الغذامي .
الرجل أوهم الناس بأن الحداثة ملة واحدة ، وهذا جهل منه ...، لكل شخص تعريفه الخاص بالحداثة ، ويوسف الخال وأدونيس ينطلقون من منطلقات تختلف عن منطلقاتي تماماً ، وهذا ما خفي على عوض القرني ، لأنه رجل جاهل بالحداثة ، أما في تخصصه الشرعي فلا أدري .

*في السنوات الأخيرة يتداول مصطلح الآخر ، وضرورة قبوله والتحاور معه..هل ترانا قبلنا الآخر القريب وتحاورنا معه ؟
كل حركة حوار مفيدة ، ومن مصلحة الثقافة أن نتحاور مع أي أحد ، ولدينا نموذجان مشرقان لما ينبغي أن يكون عليه الحوار ، سلمان العودة ، وعايض القرني ، والعودة تحديداً لديه مشروع حوار رائع أرجو أن يستمر ويتطور .

* حدثنا عن مشروعك الكبير (النقد الثقافي) ، وهل اتجاهك له خروج من النخبوية ؟
أرجو أن يكون خروجاً من النخبوية ، فالإيغال في النخبوية عزلة للنفس ، والعامة هم من يحتاجونني ...، النقد الثقافي نقد للأنساق ، والعيوب والخلل الذي يعتري ثقافة المجتمع ، النقد الأدبي لم يعد مفيداً ، ولم يعد مهماً ، فماذا يهم العامة عندما أقدم لهم نقداً أدبياً لقصيدة لأحمد شوقي ، أو نصاً لأدونيس ؟
الظواهر الاجتماعية والثقافية ، وكمّ الفكر الذي يحاصر المجتمع من خلال الإعلام والمسلسلات والأفلام ، هذا هو الذي يجب أن نخضعه للنقد ، وهذا مايهمّ المجتمع ...، وهذا مايقوم به النقد الثقافي .

* على ذكر النخبة ، في كتابك الثقافة التلفزيونية قبل نحو خمس سنوات أشرت إلى أن الثقافة التلفزيونية السائدة آنذاك أسقطت النخبة وأبرزت الشعبي ، اليوم مع هذا الزخم الفضائي المخيف الذي يشهد كل يوم ولادة قناة جديدة ، ماذا يمكن أن تقول عن النخبة ؟
ثقافة الصورة ألغت النخبة ، لأن الصورة لغة عالمية ، والنخبة أصبحت وسط هذا الزخم أكثر نخبوية ، وتقوقعت على نفسها ، فتسيدت المشهد الصورة الموجهة للعامة .
مثلاً صورة مقتل محمد الدرة ، لو لم توثق بالصورة ، لمر الخبر كأي خبر آخر ، لكن الصورة خلدت المشهد ، وحققت انتشاراً لا يمكن أن يحققه أي طرح نخبوي .

* هناك مقولة شكلانية روسية "لايوجد نقد بريء مهما ادعى صاحبه الموضوعية" .. ، ما تعليقك ؟
مقولة صحيحة تماماً ، الناقد كتلة من العواطف والمشاعر والذكريات والتاريخ ، وفي داخله كأي إنسان طبقات معقدة ، والتكوينات البشرية ليست متطابقة ، لأن المخزون والمردود والرغبات مختلفة ، لهذا يبدو النقد أي نقد عاطفياً في جانب من جوانبه ، لكن استخدام المنهج يساعد الناقد في تصحيح الرؤية ، ويمنعه من التأويل الذي سيقحم عناصره الثقافية في النقد .

*ركب كثير من كتابنا موجة الرواية حتى كتب من لا يحسن الكتابة ، هل تراها ظاهرة صحية ، وكيف ترى أثرها على ذائقة المتلقي ؟
أنا أرى أنها ظاهرة صحية ، فالكم يفرز الجيد ويزيد من رصيده ...، بين يدي الآن رواية مذهلة لشابة صغيرة ، ومؤكد أنها لو لم تستعرض كماً كبيراً من الروايات لما استطاعت أن تجيد الكتابة ، فالكم جعلها تستعرض الجيد والسيئ ، فأخذت من الجيد ، وتفادت السيئ .
المتلقي ذكي جداً ويجيد الفرز ، وصدقني أنه أذكى بكثير من الناقد ، فهو يقرأ للمتعة ، والناقد يقرأ للمهنة ...، نعم كمّ الروايات السيئة هو الغالب ، لأن السرد لعبة إمتاعية لايجيدها إلا القلة ، والفن وظيفته المتعة أولاً ، والقارئ إذا فقد المتعة سيرمي الرواية ، وبهذا يكون مارس الفرز بموضوعية وحياد مطلق .
في النهاية أستطيع أن أقول أن معظم الروايات الموجودة الآن ليست إلا نصوص بليدة ، وتستطيع أن تعتبر هذا مصطلحاً جديداً أخصكم به ..." النص البليد " !

*ظهر كتاب "تمردوا على القوالب التقليدية" للكتابة في الشعر والقصة والرواية ، حتى اختلط على القارئ جنس النص الذي يقرأه ، هل أنت مع أو ضد هذا المنهج في الكتابة ؟
لست مع أو ضد ، أنا مع العمل الذي يفرض نفسه ، أما العمل الذي يحتاج لوصاية الناقد ، وإشادة الناقد ، هو عمل سيء ولاشك ، القوالب لا تعنيني مطلقاً طالما أن المحتوى جاذب لفعل القراءة ، وباعث للمتعة في نفس القارئ .
الكتابة فن ، والفن وظيفته الأولى هي الإمتاع ، وأي قيد يفرض على الإبداع فهو يقتل المتعة ، والمهم في النهاية هو المتلقي ، حتى وإن كان الناقد هو من سيصدر الأحكام ... ، نظمت أمسية لمحمود درويش في بيروت ، وعندما ضاق المكان بالجمهور أضطر المنظمون لنقل الأمسية إلى ملعب كرة قدم ، بينما نظمت أمسية لأدونيس في بيروت أيضاً وكان عدد الحضور قليلاً جداً لدرجة أن المنظمين نقلوا الأمسية إلى قاعة صغيرة.
ماركيز من أمريكا الجنوبية ، لا نعرفه ولا يعرفنا ، لكن إبداعه جعلنا نبحث عن نتاجه في كل مكان...هذه ليست إلا دلائل على أن الإبداع والإمتاع هما الفيصل في أي عمل ، بعيداً عن أي أمور أخرى .

*كنت من أكثر المطالبين باستقلالية الأندية الأدبية وضرورة خروجها من عباءة المؤسسة الحكومية ، ألهذا السبب قاطعتها ؟ وكيف ترى دورها الحالي ؟
لم أطالب بخروجها من المؤسسة الحكومية ، كنت أطالب بأن يكون اختيار الأعضاء عن طريق الانتخاب كما كان الأمر حين كانت الأندية تابعة لرعاية الشباب ، التعيينات قتلت كل شيء في الأندية ، ووزارة الإعلام –هي وزارة الإعلام فقط وليس لها علاقة بالثقافة- ، مهيمنة على الأندية هيمنة عجيبة ، وكل العاملين في الأندية من موظفيها أو من في حكمهم ، الذين لا يهتمون إلا بإرضاء رؤسائهم ، وترتعد فرائصهم إن غضب أحدهم .

*ألا ترى أن لها أي دور ؟
إطلاقاً ، والدليل أن لا جمهور لها ، وإن بقي لها جمهور فكلهم مستاؤون ومتذمرون ، واللجان النسائية في الأندية تشكي سوء الحال .

*مالسبب من وجهة نظرك ؟
وزارة الإعلام وزارة بيروقراطية ، وطريقة العمل فيها تقتل الفعاليات الثقافية ، والدليل أنها قتلت معرض الكتاب حينما انتقل إليها من وزارة التعليم العالي .

*وزارة التعليم العالي وزارة حكومية أيضاً ، مالفرق ؟
الفرق في الرجال ، وفي العقول ، التي تدير العمل ، وزارة التعليم العالي كلفت لجنة ثقافية مفتوحة تولت مسؤولية معرض الكتاب ، بينما في وزارة الإعلام كائنات هشة ، أخضعت المعرض وغير المعرض لبيروقراطيتها المغلقة ، التي لن تنتج ثقافة مطلقاً .
قابلت مسؤولاً في وزارة الإعلام إبان معرض الكتاب الأخير ، تحدثت معه بخمسين جملة ، رد عليها بخمسين "لا" ... ، الرجل ذهنه مغلق وخائف لا أدري مم ؟
في النهاية قال لي "أنت تتحدث من وجهة نظر ثقافية"...، وأكملت أنا نيابة عنه وقلت "وأنت تتحدث من وجهة نظر بيروقراطية".


 
 توقيع : عبدالرزاق الذيابي

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّه


mergab-gold21@hotmail.com


رد مع اقتباس