أولاً الحمدلله الذي افضى علينا بنعمه الظاهره و الباطنه...
و الحمد له حمداً يليق به و شكراً يدفع له و منة ً تـُسند له...
و ثانياً أسأل الله يلطف بعباده و أن يغني فقيرهم و أن يشفي مريضهم و يعلي ضعيفهم..
ثالثاً.. لا يجب الإعتراض على أقدار الله سبحانه و تعالى.. و توزيعه للنعم و حجبها عن آخرين..
فمن منطلق قوله تعالى ( الله يبسط الرزق لمن يشاء و يقدر )
و من منطلق قوله تعالى ( لنبلونكم بشئ من الخوف و الجوع و نقصٌ من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين )
هنا نجد اننا بين حكمتين من حـِكـَـم ِ الله تعالى في التامل مع خلقه .. فهذا غني و هذا فقير..
و هذا سعيد و هذا شقي.. و هذا ابيض و هذا اسود... و هكذا مع التضادات التي اوجدها سبحانه لخلقه ابتلاءً للفريقين..
فهؤلاء ابتلاهم بالغنى و هم محاسبون عليه.. و هؤلاء ابتلاهم بالجوع و هم مبتلون بالصبر .. فهل يصبرون ام يتذمرون.. و كلٌ محاسبٌ على وضعه ...
فلا يُحاسب على الصبر الا المبتلا و لا يحاسب على النعمه الا المُعطى.. و هذا ميزان ثابت..
من رأيي المتواضع و الذي قد لا يزيد و لا يضيف في الأمر ِ شيئاً الا كونه رأي املك
حق بسطه و قوله.. فإنني أرى بأن جلد الذات صفةٌ ذميمه...
نحن يجب ان لا نقابل نعم الله بجلد الذات و التسخط من النعم التي جاء بها الله و تفضل بها علينا..
بل علينا الشكر و الحمد و الإنفاق ...
أما بسط الموائد الغنيه بما لذ و طاب من أنعام الله فهو شكرٌ لله لأننا بالكرمِ نشكر الله
و بالبخل نكفر بالنعمه.. فهذا هو كفر النعمه الحقيقي..
و الكرم من الصفات الطيبه التي حظ عليها الإسلام و حظ عليها الله و حظ عليها نبيه
و اتصف بها الله سبحانه و تعالى فتوصّف و تسمّى بـ/ ( الكريم )... و كذلك بـ/ ( الجواد )...
و انتم تعلمون ان هناك فرق بين الكريم و الجواد في صفات الخلق لكن في صفات الله فهما صفتان مكملتان لبعضهما البعض..
إن الموائد الكبيره و الضخمه هي من الكرم المبني تحت ( انزال الناس منازلهم )...
فليس من شيمة المسلم إضعاف كرامة العزيز... و ليس من شيمة العاقل التبذير في إكرام الأقل...
و هذه من شيم الإسلام و من شيم العرب التي امر بها النبي .. أليس هو القائل عليه الصلاة و السلام ( ارحموا عزيز قوم ٍ ذل )؟؟؟
وهنا الرحمه تعني إكرامه في حضوره و غيابه و حفظ هيبته و كرامته.. و الكرم في مفهومه العام ليس محصوراً في العطاء المادي فحسب .. بل حتى كرم الأخلاق..
الموضوع طويل و لا أستطيع حصره ... لكن ما اود ايصاله هو أن مثل هذه الصور
التي تعمل مقارنات غير متوافقه في النهج و لا في المبدأ فأعتقد انها مزايده لا تستند
على واقع و منطق... فكيف نأتي بقمة الكرم ( و هي نادره او موسميه ) مع قمة الفقر و الجوع و المرض ..
لا يمكن المقارنه بين أعلى نقطه و أضعف نقطه... و هذا يخالف المنطق و علم المنطق قبل ان يخالف العقل ...
نحنُ اذا اردنا ان نقارن فيجب ان نقارن بين مجتمع كامل و مجتمع كامل...
هذه المقارنه تذكرني بالمقارنه بين ( الملك ) و ( الفرّاش ) و نقول انظروا الى هذا
و انظروا الى هذا.. يا إخوان هذه درجات اوجدها الله له منها حكمه...
إن متوسط الحال عندنا هنا في السعوديه أفضل من متوسط الحال في أي بلد فقير..
و لذلك فإن مثل هذه الصور تعتبر طبيعيه الى حد ٍ ما.. و السبب يعود الى الأمر
المسبب لها.. فنحن نجهل أسباب هذه الولائم ( الخاصه ) و ربما لو علمنا سببها
لقلنا انها قليله في حق سبب المناسبه...
يجب ان نحمد الله على ما ( فضلنا ) به عن بقية الأمم.. فالتفضيل هذه لوحدها نعمه عظيمه..
سواء التفضيل في العلم او في الأمن او في المال او في المأكل و المشرب ...
و يجب ان نكرم الضيف و نكرم العزيز و نجزل الكرم و العطاء و أن ننزل القوم منازلهم في الضيافه...
و هذه سنّة الحياه .. و يجب ان لا نجعل من هذه الصور التي تبين شدة الكرم شماعه للمقارنه بين ما افضى به الله علينا و بين من حرمهم الله .. و الله هو الكفيل بعباده..
نحن أصحاب الطبقه الوسطى.. لماذا لا نحاسب أنفسنا على ما نبذله في زواجاتنا؟؟
نحن جميعاً نعمل الولائم و نستأجر القصور بالعشرين و الثلاثين و الأربعين ألف..
و نأتي بالشعراء بما لا يقل عن عشرين ألف .. و نستأجر صفوف بمبالغ عاليه..
و نستأجر قنوات بما لا يقل عن خمسة عشر ألف .. و نعم بوفيهات مفتوحه بما لا يقل عن عشرة آلاف ريال..
و الحلا و الكوشه و الطقاقات .. و نحن متوسط راتب الشخص الواحد 6000ريال سعودي..
يذهب نصفه في تسديد هذه الخسائر التي لم ينزل الله بها من سلطان..
اليس هذا هو التبذير الحقيقي؟؟
فلماذا نحاسب أناساً أفاض الله عليهم نعمه فأجزلوا في الكرم و جزالتهم هذه ليست عبثيه
بل إما بسب جاهيه او بسبب زيارة شيوخ قبائل او بسبب زيارة أمراء كبار أو أو أو..
ثم نأتي و نقارن بين كرمهم المستحق و الواجب عليهم عـُرفاً و خـُلـُقاً و بين فقير في دوله أفريقيه ؟؟؟
اعتقد انها مقارنه جائره و غير منطقيه نهائياً...
هذه الصور التي أرفقها أخي الغالي ابو مخلد .. ليست ظاهره او امر معتاد عليه
حتى تتم محاربته .. بل هي مناسبات موسميه قد لا تحدث عند الشخص الواحد الا
مره واحده في حياته او مرتين فقط.. و يكون لها اسبابها الخاصه التي لا تخفى على أحد..
و لذلك فإن الحالات الشاذه لا تدخل ضمن المقارنات.. و هذا ما يقوله المنطق و ما يقوله العلم.. و ليس شفق السريّع..
احترم وجهة نظر أخي عبدالرزاق بلا شك.. و يعلم الله انني هنا لا أقلل من أهمية
الموضوع بقدر ما أود ان اوصل فكره و رأي خاص... و ليس من الضروره
الموافقه على نهج أي موضوع... بل أرى ان الإختلاف في الرأي هي سمه صحيه بلا شك..
و رأيي ليس بالضروره ان يكون صحيحاً .. لكنه رأي اود طرحه و بسطه بين الجميع.. فمن إتفق معي كان بها و من اختلف معي فلرأيه كل التقدير بلا شك..
تحياتي للجميع
اخوكم
ش. س.
|