> هل لا تزال للمبادئ الانسانية والفكر التنويري قيمة في عصرنا الاستهلاكي؟
- يانغ ليان: أي عصر ليس عصراً استهلاكياً؟ كأنك تسأل أين لا يوجد قهر للاستهلالك الفكري؟ ينبغي أن يكون السؤال: كيف تواجه ذلك القهر؟ أرى في أدونيس نموذج المثقف الكلاسيكي الذي يحافظ على رصانة التفكير وجرأة القول مهما كان غموض ظروفه. وكذلك السيدة Susan Sontag، التي قامت بمساءلة النفس بجرأة بعد احداث 11 ايلول الى حد أنها اتهمت بعدو أميركا. إن عصرنا الاستهلاكي يختلف عن غيره من العصور لأنه لا يستهلك من الناحية المادية فحسب، بل يستهلك معنوية الانسان، فيحوله الى شيء. احدى أبرز علامات الأزمات الفكرية هي أن «لا فكر» أصبح العملة الصعبة الوحيدة في العالم. في هذا العصر وهذه الظروف يبقى الشاعر ذلك السائل. أما الشعر، فهو سيظل مرادفاً للإنسانية والتنوير. يحمل آخر كتابي عنوان: «برج يبنى نحو الأسفل، لماذا «نحو الأسفل»؟ لأن الشعر لا يبنى على الأرضية الجاهزة بل يخلق تلك الأرضية. وليس الشعر أصل الثقافة فحسب بل هو أصل الانسانية أيضاً. بذلك، نستطيع أن نجد نقطة الارتكاز للمقاومة الجمالية الفردية، ونعلن: «لا فردوس، ولكن ينبغي مقاومة كل جهنم». هل لا يزال لهذه الروح قيمة؟ ينبغي أن نطرح سؤالاً عكسياً: هل للإنسان قيمة بدون هذه الروح؟
- أدونيس: الفرق في الاستهلاك بين عصرنا والعصور السابقة هو فرق في الدرجة لا في النوع. فدائماً كان الاستهلاك شهوة قائمة وملحة.
في الدرجة: لأن تطور التقنية والآلة في عصرنا أدى الى أن يستهلك الانسان نفسه، وهو المستهلك.
المستهلك اليوم، سيدٌ على المستهلِك: ذلك أن الانسان اليوم يكاد أن يصبح عبداً للآلة المنتجة، عبداًَ لما تنتجه يداه. كيف يحرر الانسان جسده وعقله من يديه، مما ينتجه، أو كيف يتحرر الانسان من «جسده» المستهلِك المستهلَك ومن «عقله» الوظيفي - الأداتي؟ تلك هي المسألة اليوم.
> هل أحدث الرأسمال والاستهلاك صدمة على الأدب والمبادئ الانسانية في ابداعكما؟
- يانغ ليان: الشاعر محظوظ لأن الشعر أقصى مثل هذه الأسئلة من آفاقه في شكل طبيعي.
أدونيس - أظن. ذلك أن القراءة نفسها لم تعد إبداعاً. وإنما أصبحت استهلاكاً آخر، استهلك فيه التفكير والتأمل، والبحث والسؤال: صارت القراءة نوعاً من التناول السريع لطعام سريع.
هكذا تضاءل انتشار الإبداع أفقياً. لكن ما يخسره الإبداع، على السطح، يربحه في العمق. وقارئ الإبداع الشعري، اليوم على سبيل المثال، أكثر عمقاً من القارئ السابق. إنه مبدع آخر
|