عرض مشاركة واحدة
قديم 28-05-2010, 09:54 AM   #924
محمد بلال
مستشار إداري


الصورة الرمزية محمد بلال
محمد بلال غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1920
 تاريخ التسجيل :  Nov 2008
 أخر زيارة : 12-05-2020 (10:29 PM)
 المشاركات : 17,650 [ + ]
 زيارات الملف الشخصي : 55675
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Brown


الشاعر السوري د. حسان الجودي للوكالة: لا يمكن أن يكون الشعر مشروعاً خاسراً..وقصيدة النثرفي فخ فكري مخيف

وكالة أنباء الشعر / سورية / زياد ميمان

من حمص القصيدة تفجرت ملكته الشعرية لتغدو منهلاً رقراقاً ينسال على جنبات العاصي ويلون بإبداعه واحات البوح في ارض عطرها ، شاعر مزدحم بمسافات شاسعة من القصيدة، مورق الروح بتأمل ساحر ومدهش، إنه الشاعر د. حسان الجودي الذي التقته الوكالة وكان هذا الحوار ..

- هناك من يقول إن القصيدة تخلق فجأة وهناك من يعد لها طويلاً .. ماذا تقول في هذا الموضوع؟

-لا أؤمن بوجود ربات للإلهام, خاصة عندما تتحول الكتابة الإبداعية إلى عملية احترافية .ربما يحتاج المبدع في بداياته إلى مثل هذه المحرضات (الخارجية أو الذاتية ) ليستطيع الكتابة, وهناك توصيفات متنوعة لهذه المؤثرات التي تستعجل القصيدة, لكنني عموماً أميل إلى ترك الروح كي تتفاعل مع الحياة بكل تفاصيلها , والإنصات إلى صوت القصيدة الخافت الذي يخرج رويداً من الأعماق , وأستطيع مقارنة ذلك بحالة فيزيولوجية هي الحمل والولادة, مع فارق وحيد , هو أن المتعة الجسدية والروحية المترافقة مع الحمل تتأخر في حالة القصيدة لترافق حالة الولادة المؤلمة.

إن لحظة الكتابة الشعرية لا تعوض, ولا يمكن بأية حال مقايضتها بأية شيء.ولعل متعتها الغامضة المبهرة هي ما يتبقى للشاعر بعد رماد الأوراق المتراكم في مكتبته. في الشعر لذةٌ , لا لذة قبلها ولا بعدها, لذا لا يمكن أن يكون الشعر مشروعاً خاسراً. إنه ينأى عن العالم المادي ليقدم بديلاً عنه مشحوناً بالمعنى, وهو بذلك يشكل نوعاً من أنواع الخلاص الوجودي. أحياناً أنظر إلى خلفي , فأرى مجموعاتي الشعرية في إطار المطلق الزمني, فأدرك أني لم أنجز شيئاً بعد وأشعر بقدرتي من جديد على كتابة نصوص جديدة , وأحياناً أنظر إلى أمامي فأرى تلك المجموعات تتوسد الصمت والغبار على رفوف المكتبة, فأشعر بالأسى والندم , وأسأل نفسي لمن أكتب؟ أتفاعل وجودياً وإبداعياً مع هاتين الحالتين المتناقضتين , لكنني أميل إلى أسئلتي حول ماذا أكتب وكيف أكتب , أكثر من أسئلتي حول جدوى الكتابة. إن الكتابة الشعرية برأيي, هي فعل مقاومٌ للموت ,هي الأهرامات الروحية ,التي ستظل شاهدة على آثار خطانا السريعة, وهي ربما شاهدة قبر الشاعر المتنقلة في كل مكان حضر فيه. هي تقدم للشاعر طريق البحث عن (ايثاكا ) الحلم الجميل , أي الرغبة بالحياة والحب حتى اكتمال الشعر, والرغبة في الشعر مع اكتمال براهين اللا جدوى في كل شيء.

-ماهو السر في تميز شعراء وأدباء من مدينة حمص على غيرهم من باقي المحافظات ؟

كتب الكثير عن هذا الموضوع, عن تمايز شعراء مدينة حمص كماً ونوعاً , وقدمت تفسيرات عديدة لذلك , منها المتعلق بجغرافيا المكان, ومنها المتعلق بالخصائص النفسية لسكان حمص, ومنها الميثيولوجي ومنها التاريخي. أعتقد أن هذه الظاهرة الجميلة ليست بحاجة لأي نوع من أنواع التفاسير, وخاصة العلمية منها , فالإبداع الفني له قوانينه المختلفة عن الإبداع العلمي, ولعل جوهر الفرق بينهما , من أن العلم مسألة تراكمية بينما الفن مسألة لا علاقة لها بذلك, يؤكد عدم القدرة على تفسير هذه الظاهرة, وارتباطها بشعراء مدينة حمص المميزين الأوائل مثل ديك الجن (أستاذ أبي تمام) , ولاحقاً عبد الباسط الصوفي ووصفي قرنفلي وآخرين. إن طريق البيت أجمل من الوصول إلى البيت ولا بأس أن يضاف سر هذا التمايز إلى ميثيولوجيا مدينة حمص الرائعة, وخاصة فيما يتعلق بأعياد الربيع القديمة فيها, ليبقى شعراء مدينة حمص ناقلي الرمز, ولتبقى مدينة حمص رمزاً يستعصي على الكشف.

-هل جمالية الشعر في أن يلقي الشاعر ما كتبه على مسامع الذائقة وهل هناك شعر يكتب ليقرأ من الديوان فقط ؟

-يربكني إلقاء القصيدة, لأنني غير قادر على تلوين صوتي كما يقتضي الحال , ويربكني أكثر صعود شاعر قبلي إلى المنبر , بالضجيج المفتعل والحركات المسرحية الانفعالية واستجداء التصفيق. إن النموذج الشعري الذي أكتبه يقدم نفسه بنفسه ولا أظنه بحاجة إلى خطابية. إن شعر الحداثة كما أعتقد يعتمد على التواصل البصري في القراءة والكتابة. أما مسألة التواصل السمعي التي ما زالت حاضرة منذ أسواق عكاظ, فهي قد تقبّح نصاً جميلاً, أو تجمّل نصاً قبيحاً. لكنني لا أستطيع أن أراها بأغلبها, إلا من زاوية استجداء التصفيق, والذي يبدو ضرورياً لبعض الشعراء كالبنزين لسيارة إلقائهم المندفعة! إن الذي تبقى لنا من تراث شعري هو نصوص قابلة للقراءة فقط , وما سيبقى لنا من حاضر شعري , هو أيضا نصوص مقروءة, رغم تكنولوجيا الأصوات المذهلة. لذلك فأنا لا أمنع نفسي أحيانا كثيرة من الاستمتاع بإنشاد المقرئين والشعراء البارعين, مثلما أستمتع بسماع فيروز. وفي كل حال أعود بعدها إلى بيتي لأخرج كتابي من تحت وسادتي.



-ما رأيك بما يسمى قصيدة النثر؟

-أعتقد أن قصيدة النثر العربية لم تحقق بعد إنجازها المرتقب, واعتقد أنها في فخ فكري مخيف فكتّابها ومنظريها , يرفضون الآخر المختلف , وينظرون إلى قصيدة التفعيلة وقصيدة العمود على أنهما أصوليات فنية وفكرية مظلمة منغلقة. رغم أن الرفض المطلق للآخر هو الأصولية السوداء بحد ذاتها. لا أريد الحديث كثيراً عن جانبها الفني, لأنني ما زلت أجد قصائد نثرية تستأهل العشق.أما مسألة ارتباطها بالحداثة, فتتفق مع قصيدة التفعيلة في ذلك ,لأنهما خرجا عن السائد المريح, رغم أن مسألة الحداثة هي أغنى وأعمق من مجرد خروج عن أنماط شكلية متعارف عليها. إن الشكل الشعري لا يقدم أية معلومات واضحة عن شعرية النص.وليس الإيقاع هو احد ثوابت الشعر المطلقة, فالوزن مثل النثر تماماً , هو أداة لتحقيق الشعر, وثمة شروط إبداعية أخرى ليتحقق الشعر. كما أنني أرى أن الكثير من التنظير والحبر المراق الذي ما زال يرافق هذه القصيدة, هو مبالغ به كثيراً ,ولا يدعو للتفاؤل إطلاقا





-كيف تقيم الشعر الآن هل هو في تطور أم انحسار؟

-أجيب على هذا السؤال بالتعميم, لأنني مع الشعر ولست مع الشاعر, وأنا في أحيان كثيرة أقرأ النص الشعري دون الانتباه إلى اسم الشاعر. هناك نصوص شعرية مذهلة لشعراء مجهولين وأخرى باهتة لشعراء معروفين .لكل شاعر قممه ووهاده, سواء في النص الواحد أو في متنوع نصوصه, ولا أستطيع مطلقاً الاستكانة إلى الهالة الإعلامية المحيطة باسم الشاعر, والمراهنة بذلك على جودة نصوصه.

-الهندسة والشعر كيف جمعت بينهما ؟

-إن المنهج العام العلمي للدراسة الأكاديمية قد ساعدني كثيرا في كتابتي الشعرية وأجبرني على التفكير في كيفية بناء القصيدة ومحاولة إيجاد اتساق عام موضوعي يربط بين علاقاتها المختلفة فوجدتني أميل أكثر إلى الاهتمام ببناء الصورة الشعرية المفردة لتكون في النهاية جزء من الرؤيا الشعرية الكاملة للقصيدة لا فائضة عنها. أخشى أحيانا أن تفسد هذه المنهجية العلمية طراوة القصيدة فتغدو شكلا فنيا محضا دون توهج.

-كيف نسجت بداياتك الأدبية ؟

بدأت بكتابة الشعر منذ تفتح القلب على براعم الأنوثة, هل كان حباً ؟ لا أظن ذلك فالطفل الذي كان يركض إلى المدرسة الابتدائية, ليستطيع في الطريق رؤية طفلة مثله ومن ثم يرابض لها بعد الانصراف, كان مستمتعاً جداً ومتأججاً جداً وغير مستوعب تماماً لتلك البراكين الصغيرة في روحه , وهي أحيانا تخرج من فمه ولسانه تمتماتٍ تشبه ما يسمعه من والده في المنزل ,وهو يقرأ الأشعار. فيما بعد في المرحلة الإعدادية بدأت بالكتابة الورقية, أما الكتابة الشعرية الاحترافية والنشر فكانت أثناء الدراسة الجامعية. حيث انتقلت إلى دمشق لدراسة الهندسة المدنية كانت تلك علامة فارقة في حياتي الشعرية والنفسية , بدأت حينها أنشر في بعض الصحف المحلية وبدأت الاشتراك في النشاطات الثقافية المتاحة , حيث شكل ذلك علامة فارقة أخرى في حياتي الشعرية حين فزت بإحدى المسابقات الشعرية , وتعرفت على الفائزين معي وهم محمد علاء الدين عبد المولى وعبد النبي تلاوي, حيث اتخذت حياتنا الشعرية منحى جديداً مختلفاً , وجعلنا منها ورشات عمل شعرية مكثفة قرأنا وكتبنا كثيراً ناقشنا تجاربنا الشعرية بصراحة مطلقة وناقشنا تجارب الآخرين الشعرية أيضاً وتوصلنا إلى قناعات مشتركة ثقافية هامة جداً , أظن أنها لا تزال حاضرة إلى الآن معنا من أهم هذه القناعات (توصيف الشعر الجيد) ووضع معايير لتقويم القصيدة وثانيها الإصرار على الاختلاف الشعري عن السائد , من تجارب شعرية تتميز بالنمطية و التكرار, وعدم القدرة على ابتكار الجديد, بعد ذلك خطا كل منا نحو كعبته الخاصة , إلا أنني أزعم أننا استطعنا أن نحقق خصوصيتنا الشعرية الجميلة.

-كلمات توجهها عبر الوكالة ؟

أحب أن أشكر وكالة أنباء الشعر العربي على فتح هذه النافذة الإعلامية أمامي وعموماً على هذا الموقع المتميز, الخارج عن نمط الثقافة الاستهلاكية المعاصرة, والذي يغسل وجه الشعر كل صباح بنكهة الحياة.





السيرة الذاتية للشاعر حسان عبد الباسط الجودي

-من مواليد حمص 29/4/1961 يحمل شهادة دكتوراه في الهندسة المدنية ,اختصاص هندسة مائية, أستاذ مساعد في جامعة البعث كلية الهندسة المدنية , قسم هندسة وإدارة الموارد المائية

عضو في اتحاد الكتاب العرب جمعية الشعر



وله عدة اصدارات

1- صباح الجنة, مساء الحب. شعر, اتحاد الكتاب العرب , دمشق, 1998

2- حصاد الماء. شعر, حمص, 2000

3- صانعة الأحلام. قصة,الهيئة العليا لجوائز مسابقات أنجال الشيخ هزّاع بن زايد آل نهيان لثقافة الطفل العربي. 2001

4- قصائد لغيره. شعر, وزارة الثقافة, دمشق, 2002

5- ذاكرة الغياب. شعر, اتحاد الكتاب العرب , دمشق, 2005

6-ميثيولوجيا الأيام. شعر, اتحاد الكتاب العرب, دمشق, 2008


 
 توقيع : محمد بلال






رد مع اقتباس