عرض مشاركة واحدة
قديم 05-06-2010, 12:15 PM   #558
محمد بلال
مستشار إداري


الصورة الرمزية محمد بلال
محمد بلال غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1920
 تاريخ التسجيل :  Nov 2008
 أخر زيارة : 12-05-2020 (10:29 PM)
 المشاركات : 17,650 [ + ]
 زيارات الملف الشخصي : 63894
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Brown


لم آت لأقلّب المواجع .. ولا أسطّر لحظات الفواجع .. !
ولم اندُب حظاً خلّفه لنا الزمان .. فأبكى بجفائه الأجفان .. وأذاب بحرارته قواعد البنيان .!

فما أنا الا كاتب بسيط .. ليس له من الحظ نصيب وافر ولا مكانة مرموقه .. !
عندما أقرأ مرثيّة أو أسمع بمرارة .. أو يصادفني بؤس .. أستجمع قواي للمساندة وجوارحي للمواساة بعفوية مسلم وإنفعال آدمي .. !

لأنك بحال من الأحوال عندما ترى صديقا كئيبا أو حبيبا أصابه مكروه .. أو أحاطت به فاجعة أو تدثّر بمرارة ألم
تدور بك الدوائر .. وتفضّل المؤازرة دون أن تبقى بليدا حائر .!

وليس في الشعر أو في الكلام الآدمي ما تراه يتصدّع من صخر .. أو يتفصّد من جبين .. أو يستنكـ ء من جرح
ويُستطعَم بعلقم .. ويتفتّق من قلب أعنف ولا أقسى ولا أشدّ وقعاً وأعظم تأثيرا من المراثي .. !

وما يجعلها درّة نفيسة لم تشوبها الشوائب أو تنتزعها غرائز السلطان أو بلاط الزعامة
أن تقال في أب حنون أو أم حانية أو ابن بار او اخ أشتقّ القلب فراقه !

هنا خانتني العبارات .. ولم استطع ان أخطب ودّ الكلمات ؛ لأعبر عما يجوس في خاطري
حينما قرأت ( وداعة الله يا كبير أحزاني )
مرثية زميلنا الشاعر / مستور الذويبي في والده رحمه الله
الا بجهد محفوف بخجل .. محدوّ بأمل أن تجد لديكم ما اطمح اليه من غض الطرف والقبول !


يستهلّها بتوقيت الفراق المرّ .. وتصوير الرحيل المحتوم الذي ليس منه بُدّ .. !
ويستطرد بوصف العصيب من لحظات النَزع الشديدة محاولاً التضحية عن الوالد الغالي .. ومصارعة كُرب البَين بدلاً عنه ..
ولكن هيهات فتلك اللحظات المُقدّرة لا تخطئ من تريد .. ولا تنتشل الا من كُلفت به .. يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
الثالثة والنصـف عصـر الجمعـه=أغلا الحبايـب فارقتـه أحضانـي
كنت احتضن روحه بوقت النزعـه=وأحـاول أنـازع عنْـه ما أمدانـي[/poem]

ثم يبيّن لحظات الذهول .. ورجفة الخوف .. وهول الموقف .. ويصارع الشاعر نفسه ويردد تلقائياً شهادة الحق
وكلمة الإخلاص ( لا اله الا الله ) علّ من يحضره نَزع الموت أن يختتم لحظاته بها . !
في خِضم ذلك المنظر أتت زفرة مدوّية مُحرقة – لم تمهله – كادت تنتشل فؤاده .. وتمزق أحشاؤه وللقارئ
أن يتصوّر تلك الإضطرابات .. وذلك التتابع المطّرد لهذه الأحداث :

[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
وأخفي ذهولي ..بين خوف ..وفجعه=ويشهد بتوحيـد الإلــه إلسـانـي
وأزفر ب/ونّـه ..جاتـنـي مندفـعـه=وداعـة الله ياكبـيـر أحـزانـي[/poem]

( وداعة الله يا كبير أحزاني )
صرخة مسموعه لم تنطق بها شفتاه .. بل ترجمتها الجوارح من هول بلاءٍ أتاه .. !
يسترجع ذلك الموقف فيقرر بعزم رجل .. وثبات مؤمن .. أن ذلك المعترك هو الأشد وقعاً .. والأكبر تأثيراً
في مسيرة حياته .. وأنه على استعداد أن يحتمل من الأهوال .. ويتقبل من المواقف ما سواه .. ومن المآسي ما عداه .. !

سالت الدموع بشكل غزير صوّره لنا بأسلوب ممتع شيّق فـ كأنها انسكبت على الخدّين حتى أرتوت العنق وما حولها .. !
واستطعمت المتون مرارة تلك الدموع المهراقة الغزيرة النفيسة المتجمدة منذ زمن ليس بالقصير
ولم تكن معزّياً من هول الرحيل .. وحسرة الفَقد العصيبة التي تبعَت ذلك الإرتواء المزعوم :

[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
فرقـاه وجعـه ..مابعدهـا وجعـه=منهـا ..وأنا اللـي( قلّما أبكـانـي )
هلّيـت دمـع العين..دمعه..دمعـه=سيّل خدودي ملحهـا ..وأسقانـي
مـرّ الرحيـل الـلـي بليّارجـعـه=يااهو سقانـي مرّ لـيـن أروانــي[/poem]

يبيّن لنا - بإحتساب – ورضى .. وقناعة أن هذا هو الموت الذي تخشاه كل روح .. وستذوقه كل نفس
وهو الذي سلبه ذلك الطود الشامخ والمثال الذي لا يعوّضه المقال .. وباءت محاولته اليائسة للتخلّص من المكتوب .. والتحسّر منه ؛ فجاءت
قوارع الإيمان لتردعه وتطمئنه بأن هذا المصير المحتوم للجميع .!.
وأنه القضاء الذي لا مفر منه للإنس والجان .. !

ويصوّر الأرواح بزرع لابد من حصاده .. والثمرة هي ما يقدّم الإنسان لأخراه .. ويدّخر لما بعد موته :

[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
المـوت ..قفّا بـه ..وأنـا متّبعـه=فقدت بـاب الخيـر .. ياخسرانـي
حاولت منعه !بـس ماأقـدر منعـه=فـي وقتهـا ..لابدّمـن إيمـانـي
المـوت حــق ..ولو بيدنا دفـعـه=ما ماات واحد مـن بنـي الإنسانـي
المـوت حاصدنا..وحّنـا زرعــه=وإن طابت الزرعه يطيـب الجانـي[/poem]

يتمنى له الخلود في الجنّه .. ويدعي له بالقبول .. ويشكر كل من واساه ووقف الى جانبه في تلك المحنة ..!
ويعزي نفسه بما عَهده عن والده من تقوى .. وما تعلمّه منه من خشية وعبادة – نسأل الله أن تكون شفيعته يوم العَرض - وما لازمه من ذِكر وقراءة لكتاب الله . !
ثم يبدأ بذكر مناقبه .. وإمتداح خِصاله المحمودة .. وشِيمه المعهودة ابتداء بذكره الحسن .. وحبّه لمساعدة الناس .. ومؤازرة الآخرين .. !
وتسامحه وكرمه .. وحبّه لأقاربه وسباقه الى الخير ومناقب المحامد قبل أن يُدعى اليها .. فقد كان في صفوف الخير .. وعِداد الفضلاء .. يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
للخلد يا(ثاني الحصـون السبعـه)=والله يجزي خيـر مـن واسانـي
عزايـه ..إنـه ما تفوتـه ركـعـه=بالصـف الأول ما يجـي بالثـانـي
تهليـل صبحـه ..لا أزال استمعـه=ياما عـلـى ترتيلـتـه صحّـانـي
وعزايه ..إنه عاش خيـرة ربعـه=يشهد بهـا قاصي..ويشهـد دانـي
كسَاب للطـالات ..عجـل الفزعـه=طلق الحجـاج ..مكـرّم الضيفانـي
مع الجماعه ..كان وافـي وزعـه=قبـل تنـادي قال:مـن نادانـي ؟[/poem]

سِمته المراجل .. ووصيته الخير والإحسان وبذل المعروف .. والتربية على جميل الطِباع .. والعالي من المآثِر .. !
ينذُر الشاعر نفسه وفاءاً لعرفان والده .. وغزير كرمه .. وجزيل عطاياه .. ويوضّح أنه عاجز عن الوصول الى القليل من مزايا .. ما أودعه فيه والده من سجايا يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
فـوق المراجـل رايتـه مرتفعـه=ياماعـلـى تثبيتـهـا وصّـانـي
وأناعلـى دربــه وماخذ طبـعـه=اللـي عليـه مـن الصغرربّـانـي
جـزل العطايـا مـن لذايـذ نبعـه=ولاعطيـتـه كـثـر ماأعطـانـي
لوأحتـرق لرضـاه مثـل الشمعـه=أحسّ في عجزي ..وفي نقصانـي[/poem]

في الختام يبرر ما سطّره من كلمات ويوضح مغزاه منها .. ومقصده من نظمها !
فهو يريد أن يكسب دعوة حَسنة .. وذِكر طيّب لتلك الروح الطاهرة المؤمنة من كل من سَمع بتلك الأبيات أو قرأها ..!
ولم يستعرض السامي من صفات والده الا طمعاً في رِفعة مكانته عند ربّه .. وأن يجتمعا اخرى في الأخرى.!
ليعود الى ذلك الحضن الذي حال بينه وبينه حِمام الموت .. وسيف القضاء يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
ما قلتها ..لأجل الريـا ..والسمعـه=إلاّلاجـل دعـوه ..لـروح الفانـي
يـاالله أنـا طالبـك عنـدك رفعـه=فـي جنّـةٍ طيّـب ثمرهـا دانـي
ياالله ..وأكتب لـي معـاه الجمعـه=بأعلا المراتب ..وآخذه بأحضانـي[/poem]

نسال الله له الرحمة والغفران .. وان يسكنه فسيح جنّاته
ويرفع درجته في عليين

..


 

رد مع اقتباس