عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 28-07-2010, 09:59 AM
فهد الماجدي
(*( عضو )*)
فهد الماجدي غير متصل
لوني المفضل sienna
 رقم العضوية : 1524
 تاريخ التسجيل : Feb 2007
 فترة الأقامة : 6832 يوم
 أخر زيارة : 11-05-2014 (02:20 AM)
 المشاركات : 2,761 [ + ]
 زيارات الملف الشخصي : 21259
بيانات اضافيه [ + ]
تصحيح المفاهيم في جوانب العقيدة \ العلامة محمد الجامي رحمه الله



سبق لي أن تحدثت تحت هذا العنوان في موسم المحاضرات لعام 94-95هـ وتناولت بالحديث النقاط التالية:
1- العبادة.
2- التوسل.
3- مبحث الصفات.
4- القرآن الكريم.
ووعدت بأني سوف أعود فأتحدث مرة أخرى تحت العنوان ذاته إن شاء الله فها أنا ذا أعود إلى العنوان بمشيئة الله تنفيذاً للوعد المذكور وأختار هذه المرة النقاط الآتية:
1- الأولياء والكرامات.
2- الشفاعة.
3- السنة النبوية.
والذي دفعني إلى الحديث في تصحيح المفاهيم هذه المرة والمرة التي قبلها هو إدراكي التام ما عليه عامة المسلمين - كما يدرك غيري- من تصورات بعيدة عن حقيقة الإسلام في الموضوعات المذكورة وغيرها في جوانب الإسلام حتى صار البون شاسعاً بينهم وبين المنهج المحمدي الذي أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله:" تركتكم على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك " وعلى الرغم من هذا التوجيه النبوي المتضمن للإنذار فقد زاغ جمهور المسلمين عن المنهج فصاروا يعملون خارج المنهج في جوانب كثيرة، مغيرين بذلك مفاهيم وتصورات كثيرة فحياة المسلمين اليوم أقرب إلى الجاهلية التي قبل مبعث النبي منها إلى الحياة الإسلامية مما جعل حياتهم مغايرة لحياة الرعيل الأول من الصحابة والتابعين الذين أخذوا تلكم المعاني من صاحب الشريعة مباشرة أو بسند عال ولعل سر ذلك انصراف الناس عن دراسة مصادر الإسلام الأصلية وتسرب كثير من عادات وتقاليد غير إسلامية إلى صفوف المسلمين. كالهندوكية والبوذية والثقافة اليونانية. وهذا التركيب المزجي خلف في صفوف المسلمين ريبة مدللة ومضللة في الوقت ذاته أطلق عليها "الصوفية" وكنتيجة حتمية لوجودها كثر المحترفون باسم الدين بعد أن لقبوا أنفسهم برجال السلوك فسلكوا بأتباعهم غير سبيل المؤمنين وصنفوا أنفسهم كالآتي:-
العارفون بالله- والأقطاب – والأوتاد.
أيها الأخوة لا نعلم أن المسلمين ابتلوا ببلية أو أصيبوا بمصيبة أعظم وأخطر من مصيبة الصوفية إذ من بابهم دخلت على المسلمين تصورات أجنبية ومفاهيم غربية لا عهد للمسلمين بها في ماضيهم بل هي باب لكل بدعة دخلت على عبادة المسلمين وعقائدهم التي منها هذه التصورات الطارئة على المعاني أو النقاط التي سوف أتناولها بالبحث في هذه العجالة محاولاً بيان التصور الصحيح لها والتصور غير الصحيح لعلي أكون أديت بذلك بعض ما يجب أداؤه من واجب النصح لعامة المسلمين لأني لا أريد بمحاضرتي هذه أداء واجب الموسم الثقافي للجامعة فحسب بل أرجو أن تصل هذه المحاضرة يوماً إلى أيدي من تعنيهم وتتحدث عنهم وعن سوء فهمهم فتصحح لهم تصوراتهم تلك بإذن الله في هذه الجوانب.
والله أسأل وبمحبة رسوله أتوسل أن يجعل عملي مخلصاً لوجهه الكريم أنه خير مسئول وأكرم مجيب.
وبعد هذه المقدمة التي أرجو ألاّ تكون مملة نأخذ في الحديث عن النقاط الثلاث التي اخترتها لحديثي، هذه المرة على النحو التالي:
أولاً: الأولياء:
الأولياء جمع ولي. الولي من تولى الله أمره وخصه بعنايته لصلاحه لأن الله يتولى الصالحين ويحب المؤمنين ويدافع عنهم {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} وفي الحديث القدسي:" من عادى لي وليا فقد آذنته بحرب ".
ويعتبر الصلاح والتقوى من العناصر الأساسية في الولاية ومن مستلزماتها: العلم ونعني بالعلم معرفة الله بأسمائه وصفاته وآلائه جملة وتفصيلاً ومعرفة شرعه الذي جاء به رسوله المصطفى ونبيه المرتضى عليه الصلاة والسلام. وقد تولى القرآن الكريم تعريف الأولياء بما لا يترك مجالاً للتردد أو التساؤل أو التوقف:
{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} إذ يقول الله عز وجل من قائل:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ويقول أيضاً:{إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ} وقد حصر القرآن- كما ترى- الأولياء فيمن يتصفون بصفة التقوى. والتقوى تستلزم العلم والمعرفة - كما قلنا - لأن حقيقة التقوى امتثال المأمورات واجتناب المنهيات خوفاً من عذاب الله وسخطه وتطلعاً إلى رضائه وجنته وكرامته ولا يتم ذلك إلا بالفقه في الدين، فالخير كله في الفقه في الذين كما أن الشر كله في الجهل بالدين والإعراض عنه. يقول الرسول الكريم في هذا المعنى:" من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" ولا يخفى على طالب العلم المفهوم المخالف للحديث. وهو أن من لن يرزق الفقه في الدين قد فاته الخير. وماذا بعد الخير إلا الشر؟..
هكذا بين الكتاب والسنة صفات أولياء الرحمن التي منها: العلم والمعرفة والصلاح والتقوى. وذلك يعني أن الأولياء هم العلماء العاملون والفقهاء المبرزون حملة كتاب الله المتبعون لسنة نبيه عليه الصلاة والسلام لنخلص إلى القول:
بأن الله لم يتخذ ولياً جاهلاً يجهل دينه وما جاء به نبيه عليه الصلاة والسلام، لنقضي بذلك على الزعم الشائع بين كثير من الناس أن الأولياء هم أولئك الجهال المخادعون من الكهنة والمشعوذين ومن السحرة أحياناً الذين يسحرون أعين الناس ثم يتظاهرون بفعل أشياء مثيرة. وهم في الواقع لم يفعلوا شيئاً وكثير من أولئكم الكهنة يستخدمون الشياطين أو على الأصح تستخدمهم الشياطين لتوحي إليهم. وقد تأتي لهم بأموال مسروقة فتظن العامة أنهم من أولياء الرحمن وما يخبرون به أو يأتي إليهم من الأموال من قبيل الكرامات وأنى لهم الكرامة؟ بل الإهانة أولى بهم وحقاً إنهم مهانون إذ حرموا ولاية الله والأنس به ووقعوا في أسر عدو الله الشيطان فأصبحوا أولياءه {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}.
والذي أريد أن أصل إليه أنه لا تلازم بين الولاية وبين ظهور الأمور الخارقة للعادة. وفي هذا المعنى يحكى عن الإمام الشافعي رحمه الله قوله:" لو رأيتم رجلاً يسير في الهواء. أو يمشي على الماء لا تقبلوا منه دعوى الولاية حتى تعرضوا أعماله على الكتاب والسنة " أو كلام هذا معناه. يعنى الإمام الشافعي رحمه الله أن ظهور الأمور الخارقة للعادة ليس من مستلزمات الولاية بل قد لا تظهر تلك الأمور على أيدي كثير من أولياء الرحمن لأنها ليست من صنع الأولياء. وإنما هي من فعل الرب تعالى الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. وقد تظهر تلك الأمور على أيدي أناس غير صالحين كما سبقت الإشارة إلى هذا المعنى وكما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله مفصلاً.
وبالجملة من رزق الفقه في الدين يدرك تماماً إن باب الولاية أوسع مما يظنه كثير من العوام وأشباه العوام الذين ضيقوا مفهوم الولاية بل غيروه فحصروا الولاية في بيوت معينة أو أشخاص معينين. يتظاهرون بالدروشة. وخفة العقل. ومباديء الجنون أحياناً ويهذون هذياناً وربما أخبروا الناس عن مكان الضالة وعن بعض الحوادث التي تقع في أماكن بعيدة عن أماكن وجودهم بواسطة شياطينهم التي تنقل إليهم الأخبار من أماكن بعيدة صادقة أو كاذبة. هذا هو مفهوم الولاية عندهم ولا يخفى وجه خطأ هذا المفهوم. وقد استغل القوم جهل العوام فأثبتوا لأنفسهم منصباً وراثياً يرثه الأبناء عن الآباء فينتقل إلى الأبناء بطريقة أوتوماتكية ( تلقائية ) لأن القاعدة تقول كل من كان أبوه ولياً لا بد أن يكون ولياً ولا محالة. لأن الولاية عندهم غير مقيدة بقيود مكتسبة كالعلم والصلاح والتقوى. بل إن واقعهم على العكس من ذلك إذ يتصفون بالجهل والجرأة على الله والخروج على شرعه الابتداع في دينه وكراهة أوليائه وأهل طاعته من العلماء العاملين والدعاة الغيورين.
" أقسام الأولياء "
يتضح لنا مما تقدم أن الأولياء ينقسمون إلى قسمين:
1- أولياء الرحمن الذين تقدم الحديث عنهم وتولى القرآن تعريفهم. وهم الذين تولى الله أمرهم ووفقهم وتفضل عليهم بالكرامات التي من أعظم أنواعها: معرفة الحق واتباعه والاستقامة عليه الاستقامة التي تنتهي بالعبد إلى دار الكرامة الجنة ( نسأل الله من فضله ).
2- أولياء الشيطان الذين وثقوا صلتهم بالشيطان ونظموا معه حياتهم بعد أن قطعوا صلتهم بالله أو ضعفت على الأقل إذ لا يقع العبد في ولاية الشيطان وحزبه مع قوة صلته بربه أبداً. والله المستعان.
وكما أن أولياء الرحمن تتفاوت درجاتهم عند الله. كذلك يتفاوت أولياء الشيطان في بعدهم عن الله. وذلك أمر معروف بحيث لا يحتاج إلى دليل.
الأمور الخارقة للعادة على أيدي أولياء الشيطان
وقد أوضحنا فيما تقدم أنه لا ملازمة بين الولاية وبين الأمور الخارقة للعادة وأنها قد تظهر على أيدي غير الصالحين. وبقي أن تعرف حقيقة تلك الأمور. فهي تنقسم إلى:
1- قسم يجريه الرب سبحانه على أيديهم استدرجاً ليستدرجهم بها ليزدادوا إثماً على إثمهم عقوبة لهم على جريمتهم جريمة عبادة الشيطان وطاعته واتخاذه ولياً من دون الله. يستدرجهم من حيث لا يعلمون ويملي لهم ومن يراها أنها من الكرامات فهو إما جاهل أو متجاهل مغلط لحاجة في نفسه.
2- القسم الثاني: ما يجري على أيدي بعضهم من قبيل السحر. وقد أثبتت التجربة إن كثيراً من الدجالين مَهَرة في السحر فكثيراً ما يسحرون أعين الناس فيقوم أحدهم بأعمال غريبة ومثيرة وخارجة عن المعتاد والقانون المتبع في حياة الناس مثل أن يلقي بنفسه في النار ثم يخرج منها قبل أن تحرقه أو تصيبه بأي أذى في جسمه. ومثل أن يتناول جمرة فيأكلها كما يأكل تمرة حلوة والناس ينظرون إليه فيندهشون. أو يمشي على خيط دقيق ممدود بن عمودين مثلاً وغير ذلك من الأعمال التي يعرفها كل من يعرف القوم. وهو في واقع الأمر لم يعمل شيئاً من تلك الأعمال بل كان على حالته العادية إلا أنه سحر أعين الحاضرين فيخيل إليهم من سحره أنه يفعل شيئاً وأنه يطير أو يذبح نفسه أو يذبح ولده. وكل ذلك لم يقع ولا بعضه.
فالطائفة الأولى المستدرجة والأخرى السحرة هم المعروفون عند السذج من عامة المسلمين أنهم أصحاب الكرامات ولما أدرك القوم أنه قد انطلى على العوام باطلهم هذا لفرط جهل العوام وبعدهم عن الثقافة الإسلامية. استغلوا فيهم هذا الجهل وتلك السذاجة فاتخذوا الولاية المزعومة مزرعة وباباً من أبواب الدخل. فكما يطور أهل العلم معلوماتهم، وأرباب المهن والصناعات مهنهم وصناعاتهم حتى ينتجوا أحدث المصنوعات كذلك يطور هؤلاء الأولياء أساليب دجلهم وخداعهم ليطير صيتهم وتزداد شهرتهم فيرتفع بذلك دخلهم وهذا الدخل هو الغاية عند القوم من دعوى الولاية والكرامة ومن الخداع المتطور.
ومن أحد أساليبهم المتطورة في هذا العصر أن زعم بعضهم أن هذه التكاليف الشرعية من امتثال المأمورات واجتناب المنهيات. أمور مؤقتة ولها حد تنتهي إليه ثم تسقط وزعم هذا الزاعم أنه قد وصل تلك المنزلة فسقطت عنه جميع الواجبات وأبيحت له جميع المحرمات حيث لا يقال في حقه هذا حرام أو حلال. أو هذا واجب وهذا مستحب. وهو يحاول بذلك أن يقتفي أثر رئيس الملاحدة وقطب وحدة الوجود ابن عربي الطائي وشاعر تلك الملة ابن القارض ويحذو حذوهما. وتبدو الفكرة جديدة ومتطورة لدى كثير من الناس لغرابتها ولما أدخل عليها من بعض الزخرفة والزركشة حتى ظهرت الفكرة كأنها فكرة حديثة وهي في أصلها فكرة قديمة قدم كفر وحدة الوجود التي منشأها تعطيل الصفات على طريقة الجهمية المعروفة وهي فكرة يؤمن بها كل صوفي- وللأسف- ويسعى لها بأنواع من المجاهدة في زعمهم وهو سر انتقادنا للصوفية وشطحاتهم. وما يؤخذ عليهم كثير جداً لو وسعنا التعداد، ولا يشك كل من له أدنى فقه في الدين إن فكرة وحدة الوجود ملة مغايرة للإسلام وآخر التطورات التي علمناها في هذا الخصوص دعوى محمود محمد طه السوداني حيث زعم أن تلكم الفكرة الإلحادية التي يدعو إليها هي مضمون الرسالة الثانية من الرسالتين المحمديتين على حد زعمه حيث زعم أن الرسول عليه الصلاة والسلام بعث برسالتين اثنتين. أما الرسالة الأولى فقد بلغها. وأما الثانية فلم يبلغها. ويعلل ذلك بقوله: إن القوم الذين بعث فيهم رسول الله أول ما بعث ليسوا على استعداد لفهمها والعمل بها لأن مستواهم العقلي لا يؤهلهم لفهمها. أما الآن وقد نضجت العقول وتقدم الفكر البشري قد آن الآوان للدعوة إليها والعمل بها إلى آخر تلك الجعجعة - المثيرة للضحك والبكاء في وقت واحد. نعم أنها تثير الضحك إذا نظرت إليها ككلام ساقط ليس له أي قيمة علمية وإنما هو هذيان لا ينطلي على العقلاء، ومثيرة للبكاء حيث وصلنا نحن المسلمين إلى هذا المستوى من البرودة وضعف الغيرة على شريعة الله التي يتلاعب بها أمثال محمود ولا يجد رادعاً يوقفه عند حده بل لا توجد غضبة إسلامية يحسب لها حساب في المجالات الرسمية.. والله المستعان.

يتبع
.



 توقيع : فهد الماجدي


أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
والعلامه محمد امان الجامي رحمه الله
,
« اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، ولا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق، المقر بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وذل لك جسده، ورغم لك أنفه، اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقيا وكن بي رءوفا رحيما يا خير المسئولين، ويا خير المعطين »

استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه



رد مع اقتباس