عرض مشاركة واحدة
قديم 24-09-2010, 03:07 AM   #1151
محمد بلال
مستشار إداري


الصورة الرمزية محمد بلال
محمد بلال غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1920
 تاريخ التسجيل :  Nov 2008
 أخر زيارة : 12-05-2020 (10:29 PM)
 المشاركات : 17,650 [ + ]
 زيارات الملف الشخصي : 55542
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Brown




المواطَنة في اليوم الوطني


ليست المواطنة أن نكتفي، في لحظة ما، بحب أوطاننا باعتبارها أرض المنشأ ومسقط الرأس، ونشتاق إليها إذا ما ابتعدنا عنها، إنما المواطنة انتماء مدني يتجسد فيه التزام دائم تجاه الوطن، لا يتحقق وينمو إلا لدى من يستشعر ويشعر بعطاء وطنه له فيبادله العطاء


أصبحت ذكرى توحيد المملكة العربية السعودية يوماً وطنياً مميزاً منذ اللحظة التي أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمراً بجعل هذا اليوم عطلة رسمية في الدولة أسوة ببقية العالم. وبما أن هذا اليوم يصادف في التاريخ الميلادي (23 سبتمبر) من كل عام، إلا أنه في التاريخ الهجري ليس ثابتاً، فقد تزامن- خلال الأعوام الماضية- وشهر رمضان المبارك؛ مما جعل البعض يتحرّج من الاحتفال باليوم الوطني خلاله، إلا أن الأمر مختلف عند البعض: فهناك من يرى "حرمة" الاحتفال بهذا اليوم قطعاً باعتباره بدعة، وهنا يتم خلط الدين بالفكر الديني من خلال التحذير من مغبة التعبير عن الفرح، وهذا الأمر يُعتبر خطراً على "المواطَنة" التي تتطلب مشاركة جميع المواطنين لوطنهم بما يسهم في تنمية الإنسان والوطن مادياً ومعنوياً؛ ولهذا من الضرورة بمكان أن نسأل أنفسنا في هذه المناسبة: كيف يفترض أن تكون علاقة المواطن بوطنه؟
ليست المواطنة أن نكتفي، في لحظة ما، بحب أوطاننا باعتبارها أرض المنشأ ومسقط الرأس، ونشتاق إليها إذا ما ابتعدنا عنها، إنما المواطنة انتماء مدني يتجسد فيه التزام دائم تجاه الوطن، لا يتحقق وينمو إلا لدى من يستشعر ويشعر بعطاء وطنه له فيبادله العطاء.
إن هدف قيام الأعياد الوطنية للدول هو استحضار لحظات قيامها أو استقلالها، ليتبادر إلى ذهن المواطن ماذا كان عليه أسلافه، وأين أصبح هو الآن؟ وخاصة لحظات التأسيس والاستقلال، لا بد أن تكون صعبة بُذلت من أجل تحقيقها النفوس والأموال. وبالنسبة لنا كسعوديين فإن التذكير بما قام به الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يتطلب فرحاً واحتفالاً يوازي الحدث المتمثل بتأسيس إحدى أهم عمليات الوحدة الوطنية في العصر الحديث من الناحية السياسية والاجتماعية، إذ تحقق لشبه الجزيرة الأمن والاستقرار والتنمية، بعد أن كانت مراكز متفرقة للحروب والصراعات القبلية.
ومن الأسرة الواعية يفترض أن تبدأ العلاقة الوطيدة بين المواطن الطفل والوطن، لتكون الثقافة فضاء خصباً لهذه العلاقة، كي يعي أبناؤنا مبكراً معنى الوطن-غريزياً- فمثلما أن البيت يمثل للفرد الأمان، فإن الوطن يعني الأمان للمجتمع، وهنا تكون العودة الجادة لكيفية تكريس هذا الشعور الوطني في النفوس، وربما تكون الذكريات الجميلة عن الوطن عبر المشاهدات الحقيقية المتعلقة بالمناسبات الوطنية أفضل الوسائل كي يشعر الأطفال والكبار أيضاً بأهمية المناسبة السعيدة؛ ولهذا نشاهد الأعياد الوطنية في معظم دول العالم شيئاً مختلفاً ومبهجاً من خلال استعدادات ذات طابع شعبي-من خلال مؤسسات المجتمع المدني- يوازي الاستعداد والدعم الحكومي للمناسبة، حيث تظهر أهمية مناسبة العيد الوطني في كل مكان: في الأماكن الرسمية والمرافق العامة ومحطات العبور والسفر في الطرق والموانئ والمطارات؛ مما يجعل الإنسان فخوراً بوطنه مستشعراً الارتباط بينه وبين وطنه.
وقد يؤدي استمرار الدعوة إلى حرمة الاحتفال والتهنئة بالعيد الوطني إلى إثارة النعرات المضادة للمواطنة والانتماء للوطن. ولكي نواجه أية مؤثرات من شأنها التأثير على الانتماءات الوطنية علينا أن نعمق الشعور بالولاء للوطن أولاً بالمشاركة الفعالة، وأكثر مناسبة يفترض بنا الاهتمام بها هي مناسبة اليوم الوطني لبلادنا الغالية. ولعلنا ما زلنا نذكر أحداث التخريب التي حصلت في اليوم الوطني بمدينة الخبر قبل عامين تقريباً، برغم أن المناسبة الوطنية تكون مرة في العام، إلا أن طريقة الاحتفال المرتجلة وغير المخططة لدى كثير من شبابنا، هي استنساخ لطريقة بعض الشباب في التعبير عن فرحهم، بفوز المنتخب الوطني أو الفريق المفضل لديهم، بالتخريب وإيذاء الناس، لهذا من الضروري أن يتحول الشباب خصوصاً إلى فعل المشاركة لا فعل الإضرار بالمجتمع كانتقام للذات، مما قد يسهم في عدم تكريس الشعور بالوحدة والانتماء الوطني، وأظن أننا نستطيع بجهود بسيطة جعل اليوم الوطني موعداً عاماً للاحتفال والفرح الحقيقي.. فكل عام ووطنا بخير.


سعود البلوي - صحيفة الوطن


 
 توقيع : محمد بلال






رد مع اقتباس