تعريف المحاورة وأمتدادها عبر التاريخ
الحقيقة أن البحث في تقديم تعريف خاص بالمحاورة لا يضيف شيئا للمتلقي بقدر ما يسترجع الكثير من الكلام المكرور والذي تحدث به الكثير من المؤلفين في كتب الأدب الشعبي مثل كتاب (الأدب النبطي) للمؤلف الشاعر طلال السعيد وكتاب (نسب حرب) للمؤلف والباحث الكبير عاتق البلادي الذي أفرد للأدب الشعبي حيزا فيه وتحدث عن المحاورة كأحد الفنون والألوان الشعبية التراثية لدى قبيلة حرب .
ولكن للحديث عن المحاورة لم أجد بحثا أفضل من البحث التاريخي الذي أجتهد فيه الزميل الأعلامي سلطان الجهني ونشر بمجلة جواهر الاماراتية بالعدد العدد الخامس عشر ـ مارس 2004م مع التصرف فيه بما يخدم الموضوع .. حيث كتب ( يعد لون أو فن المحاورة من أقدم الألوان الشعرية التراثية في الجزيرة العربية ، و المحاورة لها نصيبها الكبير من الشعر لأنها تعتمد في أساسها على الطواريق (الألحان) والوزن و القافية ، و هي في ذات الوقت من الفنون لما تحتوي عليه من الاداء الحركي للصفوف التي تؤدي هذا الفن بطريقة منسقة و مرتبة للتنافس تتضمن رقصة حماسية مبسطة ، و استحضار ذهني كامل من الشعراء والصقوق والجماهير .
في الحقيقية لم يقع بين يدي أي مصدر تاريخي يفيد بالبداية الفعلية لشعر القلطة ، إلا أن الباحث و الشاعر ذيب الشمري يقول إن أقدم المصادر التاريخية الدالة على بداية شعر المحاورة ، هي تلك التي تحدثت عن المحاورة التي جرت بين الشاعرين أمرؤ القيس و عبيد بن الأبرص بحضور جمع من الناس ، و يقول ذيب الشمري : (( المحاورة تمت بوجود مجموعتين من الناس ، كل مجموعة تناصر أحد الشعرين ، و في النهاية يعلن المتفوق ، و المجموعتان هنا لا تقومان بترديد البيت بطريقة الغناء كما هو الحال الآن ، بل واجبهم التمتع بالتحليل ، و يجوز أنه بعد حين من الدهر فضلوا أن يغنى البيت إلى أن يأتي الشاعر بالبيت الآخر ؛ و ذلك لإضفاء المتعة و طرد الوجوم و الملل ، إذ قال عبيد بن الأبرص يسأل :
ما السود و البيض و الأسماء واحدة
لايستطيع لهن الناس تماساً
فأجاب أمرؤ القيس :
تلك السحاب إذا الرحمن أرسلها
روى بها من محمل الأرض إيباساً
فقال عبيد بن الأبرص :
ما الحاكمون بلا سمع و لا بصر
ولا لسان فصيح يعجب الناس
فرد أمرؤ القيس :
تلك الموازين و الرحمن أنزلها
رب البرية بين الناس مقياساً ).
.. وهذه رؤية شاعر من داخل هذا الفن رغم أنه أتى إليه من الخارج ولكنها رؤية تستحق الأحترام بما تملكه من معلومات وأعتقد أن هذا الفن تطور عبر التاريخ وأتجه إلى الشعر العامي بعد أن أنفصلت اللهجه العامية عن سياقها التاريخي وحدث للمحاورة ما حدث من تطور وإضافات في الشعر و الأداء حتى أصبح الفن التراثي والشعري الأول جماهيرها وإعلاميا على مستوى الخليج .
ومعذرة على هذه القراءة المبسترة لضيق الوقت
|