|
غير لائق شعرياً !
المنتدون الأعزاء،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأسعد الله أوقاتكم بكل ما يحلو لكم :
كنت قد طرحت في قسم ( المرقاب الشعبي ) قصيدة اجتماعية بعنوان " فتات أحلامنا " ، وقد أوردت في أحد أبياتها كلمة رأى بعض الأخوة الكرام عدم مناسبة إيرادها بحجة أنها غير لائقة سماعياً ، ولا بد من قلصها بعبارة " لكم الكرامة " أو " وأنتم بكرامة " أو " تكرمون " . والكلمة باختصار ( ذروق ) حيث وردت في البيت :
ما هوى ردى منا ولا فينا ( ذروق )
لكن تقيدنا شروط إحرامنا
بل إن بعض أولئك الأخوة ، وصف القصيدة بالدرَّة ورأى أنه لا سبيل لهذه الكلمة في أبياتها !
ولإيماني بضرورة الأخذ والرد في إطار " النقد البنَّاء " المبني على الحوار الراقي والبعيد كل البعد عن التجريح والغوغائية ومجرد تسجيل الحضور ، أود إيضاح المبررات الأدبية التي جعلتني استخدم هذه المفردة مع اقتناعي التام بأنه لا ضير من إبدالها بمفردة أخرى وفض الجدل ، ولكني أنأى بنفسي عن مسايرة التيَّار قبل التثبت من أنه يسير في الاتجاه الصحيح ، لذا سأورد ما أسطع أن أورده من رؤى وأفكار تدعم افتراض أن استخدام هذه المفردة صحيح ولا شية فيه ، مع تمسكي بمبدأ ( قد لا أكون محقاً ) .
المنتدون الأفاضل
ليس هناك مرجعية مقننة للشعر فصيحه ونبطيه وعموديه وحرَّه ، عدا بعض المرتكزات الأساسية التي ليس بالشرط أن ينعت كل من التزم بها شاعر ، فالناظمون أشد تمسكاً بهذه المرتكزات. ما جعلنا نحدد مرجعياتنا في الشعر بحثاً عن البلاغة الأدبية ، وكما هو معروف فإن موطن البلاغة وأساسها هو القرآن الكريم ، وعلى هذا الأس فإني استشهد على صحة ما ذكرت ببعض الآيات القرآنية الكريمة ، فيقول الله تعالى { .. أو جاء أحدٍ منكم من الغائط .. } فما هو كلامنا إلى كلام الله عز وجل ، وما هو الشرف الذي توجناه كلامنا بأن ننئيه عن كل ما يقود إلى التقزز المصطنع الذي لا وجود له حتى وإن كان ذلك في حكم الضرورة ، وما هو كلامنا حتى ندفع عباراته التي نرى بانها غير لائقة بـعبارة " تكرمون " ..!
أفترض أن يقول أحدهم .. هذا توجيه قرآني ولا حرج في الدين ، فسأتلو له مع كل احترام ومع فارق التشبيه بين كلامي الوضيع وكلام ربي الرفيع قوله جل وعلا { قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ، ولو جئنا بمثله مددا } ، ألا يستطيع من هذا قوله أن يجد كلمة أخرى غير تلك لإيصالة توجيهه إلى عباده !
وأنا كشاعر أنشد البلاغة والحكمة ، لا مناص لي عن القرآن الكريم ، وكما تعلمون فإنه يجوز الاقتباس الحرفي من القرآن وليس التقيد بما جاء فيه بلاغياً فحسب .
هناك كثير من الأخوة الذين يرون بأن هناك ثمة مفردات لا يجوز إدخالها في القالب الشعري مثل مفردة ( حمار ) ، ( كلب ) ، ( المرأة ، الحرمه ) !
ويقول الله تعالى : { وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير }
ويقول أيضاً جل وعلا : { وكلبهم باسط ذراعية بالوصيد }
فليتهم يراجعون أنفسهم ، ويفكرون في القيود التي يضعونها لأنفسهم ، والتي تندرج في مبدأ (مسايرة التيار ) .
يقول أحد شعراء الفصيح :
وإذا لبس الحمار ثياب خزٍ
لقال الناس يا لك من حمارِ
ويقول آخر :
وتجتنب الأسود ورود ماءٍ
إذا كان الكلاب ولغن فيه
إجمالاً ، فإن كلمة ذرق تطلق على روث الطائر ، وتستخدم في لهجتنا المحكية كناية عن الجبن والخوف ، فالكناية هنا تنحصر في الإطار المعنوي وليس الحسي ..
ولو جلس أحد الأخوة مع هواة الصقور ، لاعتاد على سماع هذه الكلمة بكثرة ..
علماً أن ذرق الطائر يستخدم في تكوين السماد .
|