كان عنوان غلاف مجلة العلوم الأمريكية ( عدد ديسمبر 2004م ) " التحكم فى الأعاصير " - كما يتضح من الصورة حيث نرى كفين بشريتين تحيطان بعين إعصار !! - وقالت – كما ذكرنا بعض أساتذتنا – أن بإمكان أمريكا تلقيح الغيوم بأيوديد الفضة لتبديدها ثم نشر بقعة نفط قابل للتقوض البيولوجى لخفض البخر ثم تسخين سطح الماء بتوظيف مرايا ضخمة من أقمار صناعية فيخفف الإعصار أو يتم توجيهه إلى أماكن أخرى !! يذكرنا ذلك باستخدام المناخ كسلاح كما شيع من قبل . وكما نبه مجلس نواب روسيا لذلك عام 2002م ثم تتساءل المجلة ماذا لو دمر الإعصار أراضى دول أخرى وأن ذلك لا يتناسب مع معاهدة تحريم استخدام المناخ كسلاح !!
أين هذا مما حل فى كارثة كاترينا ؟ وأين ذلك العلم ؟
بل ماذا ستفعل أمريكا فى المخاطر الطبيعية الأخرى التى ذكرناها من زلزال وبركان ونيزك ومد بحرى ؟
وصدق الله العظيم القائل : "
لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد .. " _ آل عمران 196_ ولم يكن هذا تعليقنا وحدنا . فقد ذكرت الديلى تلجراف البريطانية فى افتتاحيتها أن رؤية قوة عظمى تتعرض للإذلال هو أمر مذل بحد ذاته . وذكرت " الديلى ميل " مثل ذلك وأضافت أن بوش يدفع ثمنا لتهوره العسكرى , وقد وصفه رئيس فنزويلا بأنه راعى بقر أخفق فى إدارة الكارثة !! وقد رفض بوش اجراء تحقيق مستقل لهذه الكارثة – كما كان يرفض من قبل إجرائه لأحداث سبتمبر – ذلك لأنه يقول أنه ما من أحد كان يتصور أن تنهار السدود فى نيوأورلينز – كما كان يقول أنه ما من أحد تصور أن تصطدم طائرات بأبراج – ثم فضحه صديقه السناتور " جون برو " قائلا أنه تحدث للرئيس فى ذلك العام الماضى !! وقد فضل اعادة بناء الاستاد الرياضى على ذلك . بل إن بوش قلص ميزانية السدود بمقدار الثلثين – كما ذكرت النيوزويك 13/9/2005م ص 54 – ذلك للأنفاق على حروبه الكاذبة الظالمة .
ثم أطمئن إلى أن جيرانه لن يهاجموه فارسل جحافل جيوشه خارج بلاده فأتاه الله من حيث لم يحتسب , ولم يكن هناك جنود لنجدة الضحايا , مما اضطره إلى استدعاء 300طيار وآلاف الجنود من العراق فشغله الله فى نفسه فى وقت كان يستعد فيه لوضع إكليل الغار احتفالا بذكرى 11 سبتمبر التى كان بطلها !!
الذى يجهله أغلب الناس أن تاريخ أمريكا فى عهد بوش مع الأعاصير لم يتوقف عند كاترينا . فمنذ عام 2000 إلى 2003 م واجهت أمريكا أعاصير كلفتها 10 مليار دولار . ثم فى عام 2004م وحده ضربت أمريكا بأربعة أعاصير تكلفت 47 مليار دولار عدا الضحايا ! أين ما يفعله هذا الظالم من قوله تعالى : " الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور " – الحج 41 - .
إن ما يفعله فينا هو مصداق قوله تعالى : "
كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة " – التوبة 8 - .
العجيب أننا لا نظهر تأففا مما يفعل بنا , بل لقد رأينا المساعدات بمئات الملايين من الدولارات تنهال على أغنى بلد فى العالم , لم نبعث بعشرها لضحايا سونامى آسيا ( كما عيرنا بذلك وولفويتز ) وكأنما الأمر محض مجاملة و ( نقوط فرح ) أو كما قيل ( المشاركة فى جنازة كلب العمدة ) ومزايدة على إرضاء ( الفتوة ) !! مائة وثمانية عشر دولة منها دول من الأكثر فقرا أرسلت مساعدات لأمريكا وهى فى أشد الحاجة لها . الغريب أن بوش استكبر فى أول الأمر وقال أن بلاده تستطيع أن تعتنى بنفسها ثم مع استفحال الخطب قبل .
• من الأمور التى لها علاقة بالاستكبار ايضا مسألة البيئة إذ نعلم أن مبالغة أمريكا فى بناء السدود على أنهار واستخراج النفط من خليج المكسيك بغزارة ساعد على استفحال الكارثة . بل إن الإنسان الأمريكى هو السبب المباشر فى زيادة معدلات الأعاصير برفضهم التوقيع على اتفاقية كيوتو الخاصة بالبيئة وبالتسبب فى زيادة معدلات انبعاث الغازات الصناعية السامة ورفض المشاركة المالية فى التعامل مع هذه الأزمة الانسان يجب أن يتعلم كيف يتوازن مع الطبيعة ولا يجور عليها . فقد خلق الكون على التوازن . " وأنبتنا فيها من كل شئ موزون "–الحجر19-
وكذلك صدق الله القائل : (
ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون ) -الروم41 – إذ إن إسراف الإنسان هو المتسبب فى هذه الكوارث .
• ملاحظات
• أثار الموظفون الفيدراليون البوشيون مشكلة طريفة وقت إزالة حطام نيوأورلينز . وهى أصرارهم على أن يبارك قساوسة الجثث التى يتم العثور عليها – فهم متطرفون مثل زعيمهم – وقد وصلت طليعة القساوسة بالفعل !!
• الطف تعليق سمعته عن كاترينا هو قول حاخام إسرائيلى أن الإعصار عقاب ألهى لدعم بوش أنسحاب اليهود من غزة !!
• كلمة " تايفون " – كلمة إنجليزية تعنى إعصار ( مثل هوريكين) أصلها كلمة طوفان العربية .
• تساءل بعض علمائنا عن سبب تسمية الأعاصير الأمريكية اسماءا نسائية بل إن كلمة " هوريكين " أى إعصار بالإنجليزية مؤنثة ( وقد احتجت منظمات نسائية على ذلك ) فقلت : الثقافة الغربية فى أصلها ظالمة للمرأة , فهى أولا سبب خروج آدم من الجنة عندهم فحكم الله عليها بدوام الألم عند الولادة !! بل لقد اعترضت الكنيسة فى بداية استخدام المخدر فى عمليات الولادة لأن هذا ضد إرادة الله !! ثم من ينسى الخمسة مليون إمرأة آللاتى احرقن على مدى ثلاثة قرون ظلما بتهمة ممارسة السحر !! بل إن كلمة أنثى Female تعنى الرجل الناقص . لكن الأمانة تقتضى أن نذكر أن تسمية الأعاصير لم تقتصر على النساء فقد سميت كذلك بأسماء رجال ( ساسة مكروهين ) مثل إيفان وشارلى ( ضربا أمريكا العام الماضى ) وفى الماضى كان يسمى بأسماء قديسين أو مناطق أو أعوام .
• فى وقت كتابتنا لهذه السطور ضرب جزر فلوريدا ويزحف إلى ولايتى تكساس ولويزيانا مرة أخرى إعصار جديد هو إعصار ( ريتا ) . فتم إجلاء مليون شخص من ولاية تكساس ( عدا المليون الأول الذين فروا من كاترينا ) وبلغت طوابير السيارات الفارة من الهلاك 160كيلومترا . إذ بلغت سرعة الإعصار 270كيلومترا فى الساعة . وحبست صناعة البترول أنفاسها لأن نسبة كبيرة من بترول المنطقة يخرج من تكساس التى تشكل 2% من اقتصاد امريكا وبها ربع معامل تكرير بترولها , خاصة جزيرة ( جالفستون ) التى ضربت بإعصار كبير عام 1900م فقتل زهاء عشرة آلاف من السكان , وهى فى مرمى الإعصار الجديد ريتا .الذى استهل بالتسبب فى حريق نتيجة تسرب من معامل تكرير. ثم احترق 24 من المسنين الفارين فى حافلتهم لسبب مجهول . إذن اكتفى إعصار ريتا بخسائر 8 مليار دولار فى تكساس وحدها وكانت أشد المناطق تضررا فيها هى ( بورت آرثر ) وأما نيوأورلينز فقد تسبب إعصار ريتا فى إعادة إغراق المدينة . لكن هذه المرة أغرق 15% فقط من المدينة التى تسبب إعصار كاترينا قبل أسبوعين فقط فى إغراق 80% منها .
• أعلن مدير المركز الأمريكى الوطنى للأعاصير أنه يتوقع موجات متلاحقة من الأعاصير فى العقدين القادمين .
• الكلام عن الأعاصير وسحبها يستدعى الكلام عن إعجاز القرآن فى وصف السحب . حيث يقول تعالى : " ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق (1) يخرج من خلاله . وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار " – النور 43- أى أن القرآن يقول : هناك نوع من السحب ركامى وممطر دائما يبدوا كالجبال . وهو الوحيد الذى يصاحبه برق ونزول برد . كما أن هذا النوع من السحب السبب فى العواصف .
وهذا ما نقرأه تماما فى كتب الجيولوجيا الطبيعية بل ودوائر المعارف العالمية , إذ يسمون هذا النوع من السحب Cumulonimbus أى الركامى الممطر . وهو النوع الوحيد الذى يتكون فيه البرد والبرق . ويكون شكله أقرب لشكل الجبل !! فيكون له قاعدة وقمة قد تصل المسافة بينهما إلى خمسة عشر كيلو مترا !! أى أطول من أعلى جبل على سطح الأرض . ( قمة أفرست طولها حوالى ثمانية كيلو مترات ) تدبر إذن وصف القرآن لذلك النوع من السحب بالجبال .
(1) الودق " المطر "
"قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم. وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون" (النحل 26)