الموضوع: سوريا --مستمر
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-03-2012, 11:20 PM   #554
ماجد بن سعيد
(*( عضو )*)


الصورة الرمزية ماجد بن سعيد
ماجد بن سعيد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2219
 تاريخ التسجيل :  Jul 2011
 أخر زيارة : 21-01-2019 (12:56 AM)
 المشاركات : 1,490 [ + ]
 زيارات الملف الشخصي : 16502
لوني المفضل : sienna


د. سلوى الوفائي
حمص يا خنجراً في ضمير الإنسانية
بين الموت و الموت ثمة موت آخر، و قبل الفجر بدمعتين، أحاول جاهدة أن أسمع صوت أبي أو أخي، لتتحطم آمالي على صخرة سيرياتل و إم تي إن و الخطوط الأرضية السورية و الشبكة الأخطبوطية الالكترونية السورية، لم يعد لي مكان آوي إليه باحثة عن أهلي سوى صفحات الشهداء، الحمد لله أسماؤهم لم تذكر اليوم بين أسماء الشهداء في صفحة الهيئة العامة للثورة السورية ، ربّما مازالوا أحياء يرزقون و ربّما تحت الأنقاض، و ربّما في المعتقلات الأسدية، ذبحتني الاحتمالات و أجهزت على الرمق الأخير من روحي، تتطاير ألسنة اللهب في حمص فيحترق قلبي لهفة و عجزاً ؟ يا غانية اتشحت بالسواد حزناً على من عشقوها حتى الثمالة، حتى الموت و الفداء!!! هل أصبحت حمص (حموصتي) غزة سورية؟ تنازع سكرات الموت بعد أن أحكم الأسد حصاره عليها. ترى لماذا يمرّ حصار حمص على شريط الأنباء مرور الكرام دون أن يمرّ في عقولنا و ضمائرنا؟ لماذا تحركت الأساطيل لنصرة غزة و لم تتحرك الشفاه لنصرة حمص؟ لقد جاء اليوم الذي تصبح فيه سورية مزاراً للسياح: زوروا حمص، أرض الدماء و الوفاء...و تذوقوا مشروبها الوطني النادر: كوكتيل الكرز الأحمر ممزوجاً بالنبيذ الأحمر و الانتقام الأحمر ... كلّ شيء أحمر تماماً مثل ورود فالنتين...
استمتعوا بكرم الضيافة في حمص، تغنجوا بالبابا غنوج، و تنسموا رائحة الكبّة المشوية على نيران أنابيب الغاز المشتعلة، لعلكم تشعروا بألم البرغل حين تطحنه يد القدر في جرن الكبّة الحجري الهارب من العدالة، و اصنعوا من الذكريات تبولة...هنا حمص الجميلة...كانت.
يقتلني صمتكم و لا أدري لماذا تقطع اتصالات الانترنت ساعات في مصر ، فتقوم الدنيا و لا تقعد؟ و تنقطع اتصالات النت أياماً و أسابيع في حمص فلا من سمع و لا من رأى؟ لماذا تقطع اتصالات الجوالات و الهواتف عن حمص أسابيع و يمر الحدث عادياً كأنْ لا حدث؟ لماذا تُسحل فتاة مصرية في ميدان التحرير فتُجيش الجيوش لنصرتها، و تُسحل مئات السوريات و يعتقلن و يغتصبن و تهان الأنوثة و تذبح على محراب الحرية و يسمع صرخاتها الثقلان إلّا أنتم؟ لماذا نموت بصمت و ندفن بصمت كأنّا ما كنا يوماً خنجراً في خاصرة الإنسانية؟
أمسح دمعتي و أنا أكتب جراحاتي، و لا أدري كيف أصور لكم حمص التي كانت؟؟؟
شوارعها حالمة، عواطفها جبلية، و أطول قصة حزن فيها كانت بعمر الموجة، يبتسم القمر إذا طلع عليها، تستقبله بأطواق الفلّ و الياسمين، و لا تذرف في وداعه دمعة واحدة، بل تشرع نوافذها لشمس الحرية، لها فلسفتها الخاصة، و لم تقرأ كتاباً واحداً في الفلسفة، وتكتب أحلى القصائد، ولا يصدق أحد أنّ لديها وقتاً لكتابة الشعر، و تصدر عنها أهم الأعمال الفنية الإبداعية و لا أحد يصدق أن عدد الشهداء فيها أكثر من عدد المطابع، و باختصار...كان في هذه المدينة فرح كثير...وخير كثير...و أحزان سرية كثيرة...و دموع لم تنفجر بعد و سحب رمادية تتجمع خلف الأفق... و لأنّ ضحكة حمص المهضومة كانت غير عادية، فقد كان عقابها غير عادي، و لأنّها شربت من المروءة أكثر من الجرعة المسموح بها، فقد كان لا بدّ أن تغصّ و تشرق..و لأنّها ضحكت كثيراً ...كان لابدّ أن تبكي و تبكينا كثيراً ...
يا حبيبتي ...يا حمص.


 
 توقيع : ماجد بن سعيد

يابنت غبتي وصارت غيبتك غير =راق المزاج اليوم وارتاح بالي
روحي مراويح القطا واسحم الطير=ماعاد لك وسط الحنايا مجالي


رد مع اقتباس