الموضوع: سوريا --مستمر
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2012, 08:48 PM   #1206
شماليه
(*( عضو )*)


الصورة الرمزية شماليه
شماليه غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2268
 تاريخ التسجيل :  Jan 2012
 أخر زيارة : 07-12-2013 (07:51 PM)
 المشاركات : 2,344 [ + ]
 زيارات الملف الشخصي : 31221
لوني المفضل : sienna






بعض روايات مجزرة حماه 1982 على لسان من عاشوها

تدق باب ذاكرتي على الفور قصة عزرائيل حين أتى محاولا زيارة أبي ::

ففي صبح من صباحات شهر الموت في شباط الـ 82 ,, وبعد منع للتجول دام عدة أيام ,, سُمح للأهالي الخروج لبرهة من الزمن لقضاء حوائجهم أيا كانت ..

خرج والدي حينها و هو المسؤول عن زوجه و طفلين , أمه و أخته , زوجة أخيه الأكبر و شقيقه الأصغر ..

خرج يومها و قصد مخبز " شارع العلمين " و بعد اصطفاف طويل في طابور الجوع استطاع نيل بضع أرغفة من قمح الحياة المخبوز
أخذها أبي و بدأ طريقه عائدا للمنزل الكائن في زقاق من أزقة باب البلد , شعر والدي أثناء رجوعه بحركة أشباح السرايا قد أتت ,,
فأخذ يتحرى التعرج و الدخول في الأزقة الفرعية القديمة ومن ممر لآخر .. ومن حارة لأخرى , نالت أصابع الموت تحركاته !

كان أبي حينها أبيض الشعر , لرأسه دائرة من الصلع ..
فأخذ يبعثر شعيراته و " يهرجل " ثيابه ليظهر بمظهر رجل كبير السن لا حول ولا قوة له ..

لكن لم تنجح تكتيكاته تلك !! فقد شاء القدر أن يمر والدي و هو يحاول التواري و التخفي في الأزقة ..
أن يمر من أمام منزل لمشايخ حماة من آل " مراد " وكانوا كلهم مطلوبين للموت حينها ,, فطُلِبَ معهم أبي في غفلة من الإنسانية ..

أوقفوا مشايخ آل " مراد " و رصّوهم على الحائط وجههم للحائط وظهرهم لبنادق جند الأسد وكذا أبي , اقتيد و أرغفة خبزه للحائط ذاته بالوضعية ذاتها ,,


طلب من الجميع أن يحنوا قاماتهم و يجثون على الركب ,,

فعل الجميع ما أمروا به !
بدأت خرطشة البواريد !
بدأ الجند أخذ وضعيات الرمي !
بدأ عزرائيل ملاصقة أجساد المستضعفين !
بدأ الموت يسري في أذهانهم قبل الجسد !
بدأ الذكر و التهليل و التشهد يطمئن قلوبهم !
و بدأ أبي يرتقب حتفه بصور أولاده الجوعى لكن ....!

و قبل إعطاء الأمر بإفراغ أمشطة البنادق في ظهور العزّل .. أتى ضابطٌ لأبي و قال له :

" معك لرقم 3 أبدي شوفك واقف قدامي و إلا ..."

ركض أبي لأرغفة الخبز حملها و بثوانٍ غاب عن البصر وغابت معه أرواح شيوخ آل مراد جميعهم عن الحياة 16 شيخا جليلا من ال مراد



مذكرات طفلة حموية

في يوم من الايام استيقظت تلك الطفلة ذات السبع سنوات وذهبت الى غرفة الجلوس لتنتظر امها ووجه أمها المليئ بالحب والحنان و لمستها الدافئة ورائحتها العطرة.... تنتظر اخوتها الخمسة التي كانت تلعب معهم و تشاركهم العابها وحبها وحياتها ..... انتظرت ... انتظرت .... ذهبت الى غرفة النوم بخطواتها الهادئة فتحت الباب فوجدتهم نائمين ... هيا يا أمي استيقظي أنا جائعة ... هيا يا اخوتي هيا نلعب معا ..... رجعت الى غرفة الجلوس لوحدها وأخذت تنتظر , حل الظلام ... امي أنا خائفة جدا أريد أن أنام بالقرب منك ... نامت بالقرب من امها ..... استيقظت في اليوم التالي ....أمي اريد أن أكل شيء أنا جائعة أمي ..أمي ... أستيقظي أخذت تبكي وتبكي أمي أمي ..فجأة انتبهت لوجود بعض قطرات الدم تنزل من فم أمها ... أمي انتي مريضة ... أحضرت قطعة من القماش ومسحت تلك الدماء الطاهرة وغطتها بالغطاء بشكل جيد لكي لا تبرد ذهبت الى اخواتها هيا قومو هيا اريد ان العب معكم .... فكرت ...ثم غطتهم أيضا لكي لا يبردوا ...... مرت عشرة أيام وكل يوم تحاول أن توقظهم لكن للأسف في كل مرة كانوا يخذلوها ولا يستيقظو وتعود لتغطيهم لأنها تخاف ان لا يبردوا ويمرضوا ...........حبيبتي طفلتي الصغيرة لا تحاولي ان توقظيهم بعد اليوم فأمك واخوتك قد نامو ولن يستيقظو أبدا فهم عند ربهم ...ينعمون بالجنة.. أرواحهم طارت لتحلق الى ربها الباري .. فجنود الاسد قد اتوا وقامو بقتلهم جميعا حرموكي من حنان امك حرموكي من فرحتك بالحياة حرموكي من اخوتك حرموكي من نور عينيك ....لا تحزني يا صغيرتي فربك لن ينساك أبدا..... وسيأتي ذلك اليوم الذي سينتقم لك ربك المنتقم الجبار القوي القهار من ذلك الذي سلب منك ضحكتك وفرحتك وأغلى ما تملكين ....المكان سورية حماة التاريخ .... 2/2/ 1982 ( مجزرة حماة )
مذكرات طفلة حموية




مجزرة السادس والعشرين من شباط (الجمعة الحزينة):
منذ الصباح تهدر شاحنات الجيش على الطرقات وتظهر حركة غير عادية من تنقلات الجنود الذين انسحبوا وتمركزوا في معظم الأبنية المرتفعة. بعض الناس ممن وفرتهم المجزرة كانوا في الشوارع أو على أبواب البيوت.. وكان الجميع يتناقلون الأخبار بذهول. في أزقة جانبية تكاثر تجمع الأهالي أطفالاً ونساء وعدداً من الرجال الناجين، وهذا طبيعي بعد السماح بالتجول وبعد حصار دام أسابيع ثلاثة. يبدأ عمل الأهالي ويقودون ما تيسر منهم شيوخاً وأطفالاً ورجالاً خرجوا لتوّهم من المعتقلات، وحين لا يكون العدد وفيراً يقرعون الأبواب (دون تمييز) ويطلبون المزيد ولم يأت عصر هذا اليوم إلا والشاحنات قد امتلأت بما يقارب الثلاثة آلاف من المعتقلين بينهم رجال شيوخ تجاوز بعضهم الثمانين عاماً.. وكان ظن الجميع أن العملية وقائية لامتصاص ردات الفعل على إثر فتح التجول.. لكن الشاحنات توجهت إلى مقابر (سريحين) وداخل عشرات الحفر المتسعة أُجبر المعتقلون على الركوع وانهمر عليهم الجحيم والموت دفعة واحدة من رصاص المئات من جنود سرايا الدفاع المدربين جيداً على معالجة حالات كهذه، وانتهى يوم السادس والعشرين من شباط الأسود وقد ارتفع عدد الشهداء في المدينة إلى ما يقارب خمسين الف من الشهداء، لم ينج من المذبحة سوى رجل واحد. حين انهالت الجثث عليه.. انتظر هبوط الظلام وغادر المقبرة عبر البساتين والقرى وكان هو الشاهد الوحيد الباقي على قيد الحياة الذي روى حقيقة المذبحة على النحو الذي وصفناه آنفاً



 
 توقيع : شماليه


اللهــم لا تــؤمني مكــرك... ولا تــؤلنــي غيــرك..ولاتــرفع عنــي ستــرك

ولاتنسنــي ذكــرك..ولاتجعلنــي من الغـــافليــــن



twitter


رد مع اقتباس