
هل يخرج الأسد بالطريقة اليمنيه ..؟
- طارق الحميد -
كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مباحثات أميركية - روسية لتطبيق الحل اليمني في سوريا ، وذلك على أمل خروج بشار
الأسد من الحكم على طريقة صالح اليمن ، وتقول الصحيفة الأميركية إنه لا شيء مؤكد ، لكن رد الفعل الروسي يعطي مؤشرات
إيجابية نوعا ما .
والسؤال هو : هل يمكن أن تنجح الطريقة اليمنية في سوريا ؟ الإجابة هي أنه أمر صعب ، لعدة أسباب ؛ فما يحدث اليوم في
سوريا فاق كل ما حدث في اليمن ، بل لا مقارنة ، ففي سوريا تجاوز عدد القتلى من الشعب على يد النظام الأسدي عدد
الأثني عشر ألفا ، فضلا عن المفقودين . وعليه ، فمن سيتحمل مسؤولية كل تلك الدماء ؟ فمجرد انفضاح أمر التفاوض بين
الروس والأسد على خطة خروج لن يوتر الشارع السوري الثائر وحسب ، بل إنه سيفجر أعصاب الدوائر المحيطة بالأسد . ونحن
لا نتحدث هنا عن الدوائر الضيقة ، وإنما القوات الأمنية ، بكل قياداتها ، وضباطها ، فهم المتورطون الأساسيون بالقتل ،
وكذلك الشبيحة ، وبعض من رجال الأعمال ، فكيف سيكون حال كل هؤلاء بعد الأسد ؟ ففي الحالة السورية نحن لا نتحدث
عن أبناء الرئيس ، وأبناء إخوته ، على غرار اليمن ، بل عن أعداد لا يستهان بها من القيادات العسكرية ، على المستويات
كافة ، ما بين مائة إلى مائة وخمسين ألفا ، على أقل تقدير ، وهم من المتورطين بالدماء السورية ، وجلهم أبناء طائفة واحدة ،
فكيف سيكون رد فعلهم على خروج الأسد بحصانة من الصعب أن تمنح لهم جميعا ؟ فهل يقبلون خروج الأسد ليواجهوا هم
مصيرهم غير المعلوم ؟.
ومن هنا ، فإن مجرد الكشف عن مفاوضات جادة بين الروس والأسد من أجل خروجه قد يعجل بعملية انقلاب عسكري ، حيث
سيفضل حماة الأسد اليوم أن يتغدوا به قبل أن يتعشى بهم الثوار . ولذا فقد كنا نقول مرارا وتكرارا إن التأخير في حل الأزمة
السورية سيجعل ثمن الحل هناك مكلفا ، فمن تلطخت أيديهم بالدماء السورية من أعوان الأسد كثر ، وأكبر من أن تشملهم حصانة .
وعليه ، فإن توقع حل يمني في سوريا الآن أمر صعب ، وإن كان خروج الأسد بحد ذاته أمرا إيجابيا .
وعليه ، فالتعقيد ليس متعلقا فقط بدوائر الأسد ، القريبة والبعيدة ، بل لا بد أن يؤخذ في الحسبان الموقف الإيراني ، ومعه حزب الله ،
ففي حال كان المشروع الأميركي - الروسي جادا، فقد تسرّع إيران ، ومعها «الحزب»، من عملية انقلابية سريعة في سوريا ،
فطهران تطمع أن يكون لها يد في أي تغيير بسوريا ، وذلك حماية لمصالحها ، ومصالح حزب الله ، وقد تفعل إيران ذلك خصوصا
إذا تأكدت أن لحظة خروج الأسد باتت جدية أكثر من أي وقت مضى . وقد يقول قائل : من الممكن أيضا أن تساهم روسيا
نفسها بترتيب انقلاب من هذا النوع ، مع الإيرانيين ، وكبار الضباط العلويين ؟ والإجابة هي أن كل شيء ممكن ، وخصوصا
أن جميع حلفاء الأسد اليوم أدركوا أنه بمثابة الورطة لهم .
ولذا ، فمن المهم ألا تكون هذه المبادرات مجرد مهل جديدة للأسد ، ويجب التفكير فيها بعناية ، مع استمرار العمل الجاد لإسقاط
الأسد ، إنقاذا لسوريا والسوريين ، والمنطقة برمتها .