من عيون الشعرالعربي ..
(( .. من عيون الشعر .. ))
كان المتنبي من الشعراء المقربين الى سيف الدوله الحمداني وكان يمدحه ولما غضب سيف الدوله على المتنبي فر الى مصر وكان عليها كافور الأخشيدي فمدحه طمعا في عطائه فلم يعطه كافور فهجاه بأبيات منها ..
لا تشتري العبد الا والعصى معه .. أن العبيد لأنجاس ٌ مناكيد
فتوعده كافور .. ففر من مصر واثناء هروبه اصابته الحمى
فخاطبها بقصيدة ٍ منها ..
ملومكما يجل عن الملام .......... ووقع فعاله فوق الكلام
ذراني والفلاة بلا دليل ............. ووجهي والهجير بلا لثام
وصرت أشك فيمن أصطفيه ...... لعلمي أنه بعض الانام
ولم أر في عيوب الناس شيئا .... كنقص القادرين على التمام
وزائرتي كأن بها حياء............. فليس تزور الا في الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا...... فعافتها وباتت في عظام
يضيق الجلد عن نفسي وعنها.... فتوسعه بأنواع السقام
أراقب وقتها من غير شوق ...... مراقبة المشوق المستهام
ويصدق وعدها والصدق شر .... اذا ألقاك في الكرب العظام
أبنت الدهر عندي كل بنت ........ فكيف وصلت أنت من الزحام
جرحت مجرحا لم يبق فيه......... مكان للسيوف ولا السهام
وبعدها كتب قصيدة اعتذار لسيف الدولة الحمداني
انتقينا منها هذه الابيات ..
ياأعـدلَ النـاسِ إلاّ فـي معاملتــي ... فيكَ الخصـامُ وأنتَ الخصـمُ والحَكَـمُ
أعيذهـا نظـَراتٍ مِنـْكَ صادقـــة ً ... أنْ تحْسَـبَ الشحْـمَ فيمـن شَحْمُهُ وَرَمُ
ومـا انتفـاعُ أخـي الدنيـا بِناظِـرِهِ ... إذا استـَوَتْ عِندَهُ الأنـوارُ والظُّـلُـمُ
أنا الـذي نظـَرَ الأعمى إلى أدبــي ... وأسْمَعَـتْ كلماتـي مَـنْ بـه صَمَـمُ
أَنـامُ مـلءَ جفونـي عَـنْ شوارِدِهـا ... ويسهـرُ الخلـقُ جَرّاهـا وَيَخْـتصِـمُ
وجاهِـلٍ مَـدَّهُ فـي جَهْلِـهِ ضَحِكـي ... حتـى أتـتـهُ يَـدٌ فَرّاسـةٌ وَفـَــمُ
إذا نظـرتَ نيـوب اللـّيـثِ بـارزةً ... فـلا تظـنَنَ أَنَّ اللـّيـثَ يبْتسـِــمُ
الى ان قال ..
الخَيْل ُ واللّيل ُ والبَيداء ُ تَعرِفُنِي .. والسَّيفُ والرُّمْحُ والقِرطاسُ والقَلَمُ
الموت كانك شفت في عيونك الموت= وترجع شريط الذاكره في ثواني
وكل ما عملته في صحايفك مثبوت = ان كانها سيّات والاّ حساني
واعلم لا فات الفوت ما ينفع الصوت = يا عبد لا يغريك ما كان فاني
|