عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 23-07-2008, 01:09 PM
سالم الرويس
(*( عضو )*)
سالم الرويس غير متصل
لوني المفضل sienna
 رقم العضوية : 1086
 تاريخ التسجيل : Sep 2004
 فترة الأقامة : 7762 يوم
 أخر زيارة : 14-02-2011 (11:40 PM)
 المشاركات : 771 [ + ]
 زيارات الملف الشخصي : 8544
بيانات اضافيه [ + ]
(وجد ) بين الشعر الغزلي والشعر الوجداني ...



تحية طيبة ....
لفت نظري الطلب الملح من المرقابية (وجد ) تحت عنوان (فضلا لا أمرا )حول ظاهرة غزل الحروف العارية والصور الحسية البصرية المربكة للمتلقي ،خاصة من قبل الشعراء الذين أصبحت نصوصهم تلعب دورا كبيرا في تشكيل الذوق العام .
وهنا أتقدم بالشكر والإكبار لهذه اللفتة الواعية من أختنا المرقابية (وجد) ،على بعث الحس الجمالي لخلق لذة غير مخلة بالنص ،ومحاولة توجيه العقول الباحثة عن سنوات الضياع .
وهنا لابد لي من وقفة تعقيبية على موضوع الطلب وهو غرض الغزل ..والذي أصبح داء معد في زمن المجتمعات الإلكترونية .
الغزل كما هو معروف من الأغراض التقليدية والذي يدور بشكله الفطري الطبيعي حول مدح النساء وذكر صفاتهن الجمالية سواء كانت حسية أو معنوية ،ومن هنا قسم الغزل إلى عذري وصريح – كما هو معروف- ونسب من نسب من الشعراء لكل قسم من هذين القسمين كل حسب نتاجه الشعري وليس المجال هنا للإسهاب في التفريعات .
لكني أقول إن الغزل تطور مع تطور الحس الجمالي ورقي الذوق الإنساني ،وبدأ الشعراء يتعاملون مع معشوقاتهم روحيا لا جسديا ،ومن هنا خرج الشاعر من الوصف الخارجي الحسي إلى الوصف الوجداني الداخلي ،ولهذا وجد الشعر الوجداني والذي هو في الأساس الغزل العذري ،الذي يعتمد على الوصف الشفاف والمتعالي على الإسفاف .
إذن نحن أمام غرضين يسمى الأول الغزل ويسمى الآخر الشعر الوجداني ..والفارق بينهما أن الأول جسدي والثاني روحي .
أعتقد أن الشعر الوجداني شعر ذاتي لدرجة أن صوت المحبوبة قد لايوجد في النص ،بل إن الشاعر يصف ما يلاقيه من لوعة وحرقة داخلية ،وقد لا يتطرق لأسبابها وإنما يستشف المتلقي من خلال اللغة الباكية والعاطفة الحزينة أن هناك قضية إنسانية تستحق الإحترام والسماع والقراءة والبكاء مع شاعرها ،الذي كتب بدمه كل حرف نسجته مشاعر الحرمان الصادقة وليست المشاعر المصنوعة كتمثال معروض للدهشة السمعية والتي تستدعي الشبق البصري الممجوج .
لكن الغزل الحسي الصريح بمفهومه القديم والحديث معا ،كان عبارة عن تصوير لغوي لأحداث قد تستدعيها ذاكرة الشاعر وبدون تجربة إنسانية ،وحتى لو كانت صادرة عن تجربة فسحقا لها من تجربة مجردة للمشاعر الإنسانية التي كان يجب على من يحب حقيقة أن يواريها كما يواري كل ثمين يعنيه لأنه مغنيه .
لأترككم مع هذين البيتين-واللذين بكل صراحة لا أعرف من كتبهما - أحدهما غزلي سطحي ..والآخر وجداني عميق ،لنلاحظ الفرق بين الغرضين .
يقول أحد الشعراء الغزليين :
يابنت يم العيون السود
خافي من الله وحبيني

طبعا أنا لم آت بالوصف الحسي ولكن أتيت بالطلب الغريب الذي لايمكن أن يصدر من عاشق مهما كانت علاقته ،لأن الحب ببساطة قدر وليس طلب ورفض .ولو وجدنا النص المكمل لهذا البيت سنجده يسير بنا باتجاه السرير مباشرة ،وذلك باستدعاء الصفات الجسدية الشبقية .
أما البيت الآخر والذي أنسبه للشعر الوجداني كما أعرف هذا اللون الشعري الراقي في الحس وفي التعامل مع العلاقة الثنائية بين العاشقين قول أحد الشعراء الوجدانيين :
ماكان يطري علي بعدك و لا أتصور
إن أصغر الذنب يهرب بك من أعماقي

فهذا البيت الوجداني لو بحثنا عن النص الكامل له ،لوجدناه يسافر في أعماقنا ويصافح مساحات البوح في جراحنا ويعيدنا إلى آمالنا المتحطمة ،بل إنه يمنحنا طاقة على الصبر .
هذا ما أسعفتني به جروحي للبوح بما في روحي من ألم على هذه السطحية التي ترى العشق رسما جسديا بالكلمات ،بينما العشق كلمات تخرج بدمها لتكتب أجمل مايعانيه الإنسان العاشق مع كل ما حوله ومن حوله .



 توقيع : سالم الرويس

للريح في وجه الفيافي تجاعيد
جرح السنين وذكريات الفيافي
جرح وخلا البيد تستنكر البيد
على ملامحهاسوافي سوافي

rouis22@hotmail.com

رد مع اقتباس