سلسلة ثقافات نفقدها (2) النقد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. بدأنا هذه السلسلة قبل ايام قليلة بثقافة الاختلاف والتي اتوقع اننا اسهبنا في الحديث عنها واسال الله ان تكون نفعت وافادت هو المرتجى والمؤمل وعليه التكلان ..


واليوم نكمل ما بدأناه من هذه الحلقات بـ ثاني حلقات هذه السلسلة التي تتكلم عن ثقافة النقد , موضوع جميل واجزم ان كل واحد منا وانا اولكم ممن يدعي بـ لسانه انه من مؤيدي النقد البناء ومن مناصريه لكن اذا انتقدنا ثرنا وغضبنا لانفسنا واحمرت وجناتنا وبدت نواجذنا لالتهام الناقد الضعيف المسكين الذي كان مقصوده من النقد التطوير ليس الا ذلك , وكأني بـ لسان حال الناقد يقول " خيرا تعمل شرا تلقى "

لماذا كل واحد منا لايرضى بالنقد و لا يتهم نفسه بالخطأ والتقصير وكأننا خلقنا مبرئين من العيوب سالمين من المثالب , لماذا ولماذا ولماذا .. اسئلة عدة يتناولها الرأس لكنه لايدري ماذا يقدم على ماذا والشكوى الى الله ..

مجتمعاتنا العربية والاسلامية لم تعتد على ثقافة النقد الا القلة , وكأنهم لا يعلمون ان النقد البناء هو السبيل الاجمل والوسيلة الافضل للتطوير السريع , فـ الشاعر يرى ان قصيدته خالية من العيوب سليمة من النقائص , والشيخ يرى ان قوله قرآن منزل لا يقبل النقاش ممن هم في مثل علمه وارجو التركيز على ممن هم في مثل علمه .. فـ الكل يعلم ردود اهل العلم على ابن حزم الظاهري في كتابه المحلى ويعلم قسوتهم عليه ولكن هو مع ذلك امام من الائمة المتبعين الذين نسأل الله لهم الرحمه والغفران , والكل يعلم ردود اهل العلم على الغزالي في كتابه الاحياء , ومع ذلك هذا الكتاب قد حضرت اكثر من مجلس لمشايخنا ينصح به لمن اراد الازدياد في الايمان فهو كتاب مواعظ جميل لا يترك كله ولا يؤخذ كله , الكل يعلم ادب النقد بين الائمة ولكن اين المتفكرين واين المتعقلين ..


لا اغفل هنا احدى اهم النقاط ان هناك من ابتلي بمرض اسمه مرض النقد , فـ لا يجد شئ ناجح الا انتقده وبحث فيه عن المميزات وحولها حسب نظره القاصر الى العيوب , ومنهم من بعثه الحقد على النقد , وسبحان الله كأن اللغة عرفت الرابط بين هذين الكلمتين فلم تفصل بينهما الا بمخرج حرف واحد .. وبعثه الفشل على ذم النجاح وبغض الناجحين وازدراء نجاحاتهم امام انجازاته الوهمية التي هي كلها في عالم الخيال ليس الا .. فهو الناجح وغيره الفاشل .. وهو الشجاع وغيره الجبان .. وهو الكريم وغيره البخيل .. فـ هذا لا بد من وجوده بالذات في مثل مجتمعاتنا التي تعود الكثير من افرادها على النقد والتنقيص في كل ماهو ليس من ناتج عقله ومن ثمار فكره ..

ومن الطرائف في هذا الموضوع اني رأيت احدهم قد كان قبل سنيات قليلة من اشد المدافعين عن احدى الافكار ومن الذين يتهمون من لا يتبعه بالجمود والعجز والخور .. وبعد مدة رأيته في احد مجالسه الخاصه وبعد ان عرضت عليه هذه الفكره من شخص اخر على طريقة السؤال .. قال وبالحرف الواحد " من يطالب بـ مثل هذه الافكار والرؤى مريض نفسي وفي قلبه مرض ومن يرى ان من لا يتبع هذه الفكره عاجز وجامد فهو مركز الجمود في هذه الارض " ياسبحان الله رحماك يا ربي فقط لانها عرضت من غيرك تنتقد وانت قد بذلت كثيرا من سنين عمرك في الدفاع عن هذه الفكره وسودت الدفاتر وسجلت الاشرطة وكتبت في المنتديات تدافع عن هذه الفكرة والان لانها من غيرك تنتقدها ..

ومن باب الاستطراد واقتداء بـ شيخنا في الادب ( وليس في الدين فهو معتزلي ومعاذ الله ان يصبح شيخا لي في الدين ) الجاحظ وتقليدا لشخينا العلامة الاديب علي الطنطاوي .. توليت في الصف الثاني الثانوي جماعة الاذاعة في مدرستي الثانوية وبعد ان القيت احدى الكلمات في صباح احد الايام .. وفي فترة الفسحة وجدت احد الطلاب فـ سالته عن رأيه في الكلمة فـ قال لي بالحرف الواحد " فاشلة زي صاحبها " فأجبته: ليش ؟ فقال لي " ليش سروالك اطول من ثوبك " فضحكت في داخلي وقلت له : سبحان من رد عقلك من رأسك الى بين رجليك


لكل منا مواقف مع النقد والمواقف كثيرة جدا .. ارائكم في النقد ومواقفكم معه ارجو ان تدونوها هاهنا للاستفادة .. كتب تنصحون بها في ثقافه النقد .. اتشرف بآرائكم ومقترحاتكم ..

للاخوة الزوار : الرجاء ارسال ردودكم ومواقفكم مع ثقافة النقد على الايميل a.f.k.a@hotmail.com

شكرا لكم