تهافت الشعراء !!

يبدو أن أضواء الشهرة تعمي بصائر بعض الشعراء وتجعلهم يترنحون يمنةً ويسرة حتى يسقط أحدهم سقوطاً مدوياً بلا سابق إنذار!!
برأيي أن للشهرة والجماهيرية (سكرةٌ) تخامر العقول وتشوّش الأفكار حتى يتوهم صاحبها أن له حصانة خاصة من النقد وأن له مطلق الحرية ليقول ما يشاء ويفعل ما يريد بلا حسيبٍ ولا رقيب وكله ثقة بأنّ الجمهور (المنحاز) والمتعاطف لا يجيد إلا التصفيق الساذج حتى وإن تمادى حد التهريج والهذيان!!
الشواهد على ذلك كثيرة فكم من شاعرٍ مشهور سقط في لقاءٍ تلفزيوني وعلى الهواء مباشرةً عندما كشف عن مدى سطحية تفكيره وضحالة ثقافته وكل ذلك يهون أمام سوء أخلاقه وعدم احترامه لنفسه وللمشاهدين , وكم من أمسيةٍ شعرية كشفت عن الوجه القبيح لبعض الشعراء الذين لا يملكون إلا الصراخ و(المهايط) والكلام البذيء الذي تمجه الأسماع وتنفر منه النفوس السوية!
وهناك الكثير والكثير من الأمثلة في وسائل الإعلام المقروء منها والمرئي والمسموع ولسوء حظ أولئك الشعراء أنّ وسائل التقنية الحديثة ساعدت في سقوط الأقنعة وكشف المزيد من الفضائح وما خفي كان أعظم .

آخر حلقات ( مسلسل السقوط ) ما قام به أحد الشعراء المعروفين على مسرح برنامج الشعر الأشهر عندما نسي أو تناسى أنّ البرنامج يشاهده الملايين وعلى الهواء ويحظى ـ بكل أسفٍ ـ بشعبيةٍ جارفة جعلت الكثير من الأسر تتابعه بشغف فكم من رب أسرةٍ يجلس أمام التلفزيون مع عائلته بمن فيهم الأطفال والمراهقين والمراهقات ليشاهده خصوصاً وأن القائمين على البرنامج
( سوقوا ) له كبديلٍ لبعض البرامج التافهة لكن الشاعر ضرب بكل ذلك عرض الحائط وقدم نصاً فضائحياً مكشوفاً يخدش الحياء ويجرح الذوق استغرقت أبياته في الوصف الممجوج والتجسيد العاري وكأنك تشاهد مقطعاً ساخناً لإحدى أغنيات (الفيديو كليب) السيئة الذكر والتي تعرضها القنوات الرخيصة هذه الأيام, وكما هو معلوم أنّ مثل هذه النصوص لا تقال إلا في الجلسات الخاصة والحميمة ولا يجوز بأي حالٍ من الأحوال أن تعرض على الملأ ليستمع إليها الملايين في انتهاكٍ صارخ لأبسط مباديء الذوق والاحترام وتجاهلٍ متعمد لمشاعر المشاهدين فكم كانت صدمة الكثير من الآباء والأمهات وغيرهم من المتابعين الذين وقعوا في حرجٍ كبير مع أولادهم وهم يستمعون لقصيدة الشاعر التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء وتخطت حدود الأدب واللباقة, وكما نلوم الشاعر على هذه السقطة المفاجئة نحمِّل اللجنة (الصورية) مسؤولية إجازة النص والسماح بعرضه على المسرح وإني أظن ـ وليس كل الظن إثم ـ أن اللجنة سمحت بمرور النص ليقع الشاعر في ( الفخ ) ويسيء إلى نفسه بنفسه !!

أخيراً أعتقد أن مسلسل تساقط الشعراء لا يزال مستمراً وهناك الكثير من المفاجآت في ظل انحدار الذوق العام وقلة الوعي وتنامي ظاهرة برامج ( تسليع الشعر ) وانتشار سرطان القنوات الفضائية التي لا هم لها إلا الربح المادي ورسائل SMS على حساب الشعر والثقافة والأدب والأخلاق !!